في عهد بايدن... الحرب التجارية مع الصين لن تخمد لكن طبولها قد تخفت

في عهد بايدن... الحرب التجارية مع الصين لن تخمد لكن طبولها قد تخفت

12 ديسمبر 2020
ترامب سعى لإعاقة طموح الصين في الحصول على لقب أكبر اقتصاديات العالم (Getty)
+ الخط -

يبدو أنّ الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين لن تخمد نيرانها المتصاعدة بعد تنصيب الديمقراطي جو بايدن رئيساً لأميركا، لكن طبولها قد تخفت قليلاً بحسب خبراء اقتصاد.

إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب (2016-2020) اتخذت موقفًا متشددًا تجاه الصين، بلغ ذروته مع إعلان البلدين فرض رسوم جمركية متبادلة منذ نحو عامين.

ورجّح خبراء اقتصاد، في تصريحات لوكالة "الأناضول"، أن تكون إدارة جو بايدن أكثر عقلانية حيال الحرب التجارية مع الصين، مقارنة بسلفه ترامب، لكنه سيظل مجبراً على الاستمرار في إعاقة طموح الصين في الحصول على لقب "أكبر اقتصاد في العالم".

حسين باغجي، أستاذ قسم العلاقات الدولية ورئيس معهد السياسات الخارجية في جامعة الشرق الأوسط التقنية بتركيا، لا يتوقع تغيراً في السياسة الأميركية تجاه الصين في عهد بايدن بفارق كبير عن ترامب، لكنها ستكون أقل صرامة وعدائية.

وقال : "الولايات المتحدة ستستمر في العمل على إعاقة طموح الصين في الحصول على لقب أكبر اقتصاديات العالم، والمتوقع وصولها إليه في غضون الـ 20 عاماً المقبلة، وفق المؤشرات الاقتصادية".

وأضاف باغجي "السياسة الأميركية الصارمة تجاه الصين أثبتت أنها لن تحقق النتائج أو المردود المأمول، لا سيما بعد تراجع ترامب عن قرار سابق بحظر بعض الصادرات إلى الصين، بعد أن ردت الأخيرة بإجراءات وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل".

وتابع "القرار الأميركي أدى إلى بقاء المحاصيل الزراعية في أميركا في المستودعات وتضررها بشكل كبير"، مشيرا إلى سعى واشنطن لاستخدام علاقتها مع أوروبا، خاصة ألمانيا، كورقة رابحة في إعاقة النمو الاقتصادي الصيني. لكن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وارتباطها باتفاقيات مع بكين سيظل عقبة أمام مساعي الولايات المتحدة.

ولفت إلى التطور العسكري المتسارع للصين، إذ تقوم بكين بصناعة حاملة طائرات كل عامين، وتملك حالياً حاملتي طائرات وستصبح 4 في غضون عام واحد، إضافة إلى صناعة 5 سفن عسكرية خلال السنوات العشر المقبلة.

ورأى أنّ "هذا التطور العسكري للصين سيفسد على أميركا خططها في كبح جماح بكين الاقتصادي (..) بايدين لن يسعفه الوقت لإيقاف صعود التنين الصيني".

كذلك،  رأى آلطاي آطلي، الأستاذ في جامعة "بوغاز إيتشي" بإسطنبول، أن السياسة الأميركية تجاه الصين لن تتغير كثيراً في عهد بايدن، لا سيما مع استمرار التهديد الصيني للولايات المتحدة.

وقال آطلي "إدارة بايدن ستكون مطالبة بالوقوف في وجه الصين، ولكن سيتم اتباع أسلوب أكثر عقلانية من الناحية السياسية على عكس عهد ترامب".

ولا يتوقع آطلي تراجع واشنطن وبكين عن التنافس، لكنه رجح مواصلة الحوار بينهما بهدف الوصول إلى حلول وسطية تحافظ على التوازن الاقتصادي.

وأوضح "جميع قنوات الحوار بين البلدين أغلقت في عهد ترامب، وانخفض الشعور بالثقة إلى أدنى مستوياته، ما أدى إلى تكبيد البلدين أضرارا اقتصادية كبيرة".

وفاقمت جائحة فيروس كورونا الجديد، حدة الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، بينما كان البلدان قد اتفقا، مطلع العام الجاري، على هدنة تجارية، بعد أكثر من عشرين شهراً من المفاوضات الماراثونية بينهما لوقف حرب الرسوم الجمركية الانتقامية المتبادلة واستهداف الشركات الكبرى.

واعتبر ترامب، عقب إبرام المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري في يناير/كانون الثاني الماضي، أن الاتفاق يمثل انتصاراً كبيراً لسياساته، ويعوّض آلاف المزارعين من ناخبيه المتضررين من الرسوم الجمركية الصينية، إلا أن الصين خرجت ممسكة بأوراق ضغط كبيرة، لا تقل أهمية عن المكاسب التي قالت الولايات المتحدة إنها حققتها من وراء الضغط الذي مارسته على بكين.

وبدت الصين في موقف أكثر قوة، إذ سرعان ما طوقت تداعيات الوباء وأعادت الاقتصاد إلى عجلة الإنتاج. وكانت الصين، حيث بدأ الوباء في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أول اقتصاد يتعرض للإغلاق، لكنها أعلنت الانتصار على الوباء في مارس/آذار، حيث أعيد فتح المصانع وأبراج الشركات ومراكز التسوق، وأصبحت أول اقتصاد يعود إلى النمو بنحو 3.2% في الربع الثاني من العام، مقابل انكماش بنسبة 6.8% في الربع الأول.

ورأى محمد مصطفى آي دوغان، مدير "مركز البوسفور للدراسات الآسيوية" في تركيا، أن الموقف الصارم للولايات المتحدة حيال النمو الصيني لم يكن من صنيعة ترامب وحده، بل هو سياسة استراتيجية لأميركا منذ سنوات طويلة.

وتوقع آي دوغان استمرار سيطرة روح التنافس على العلاقات بين واشنطن وبكين، رغم بروز احتمالات خفض حدة الصراع نسبيا مقارنة بعهد ترامب.

وقال "الثقل الاقتصادي العالمي للصين يفرض على بايدن اتخاذ موقف صارم تجاهها"، مضيفا "يتوقع أن تسعى الإدارة الأميركية الجديدة إلى حشد الكتل المتحالفة مع واشنطن لمواجهة الصين".

ورأى الأكاديمي  أن الصراع بين أميركا والصين "سيأخذ منحى أكثر شمولية خلال السنوات المقبلة، وسيكون للتحالفات الاقتصادية دور بارز في معادلة التنافسية بين واشنطن وبكين".

( العربي الجديد، الأناضول)

المساهمون