فيروس الجوع يتكاثر

فيروس الجوع يتكاثر

16 يوليو 2021
11 شخصا يموتون من الجوع كلّ دقيقة (STR/فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي تعطي فيه حكومات دول العالم مجهوداً كبيراً وأولوية قصوى لمكافحة فيروس كورونا الذي دمر الاقتصاد وأرزاق العباد، لا يحظى فيروس آخر أخطر ولو بنسبة 1% من اهتمام تلك الحكومات، ألا وهو فيروس الجوع، الذي ينهش بطون الملايين حول العالم، خاصة في المنطقة العربية وأفريقيا، حيث الحروب والصراعات وانتشار الفساد والفقر ونهب الثروات والاحتكارات والغلاء وقفزات الأسعار.

وهو ما يغذي هذا الفيروس الذي يقتل ملايين الأشخاص سنويا، خاصة في السودان، سلة غذاء العرب، واليمن وسورية والعراق ولبنان والصومال وغيرها من دول المنطقة.

ثروة المليارديرات زادت بنسبة 54% خلال عام الوباء، وبما يعادل 4 تريليونات دولار، وفي المقابل فإن نحو 9% من سكان العالم ينامون جوعى كل ليلة

هناك رقمان يلخصان كيف يعيش العالم أوضاعا مقلوبة في ظل كورونا، حيث يزداد الأغنياء ثراء، والفقراء فقرا وجوعا وعوزا وأوجاعا معيشية صعبة.
الرقم الأول ما ذكرته مؤسسات دولية قبل أيام من أن ثروات أصحاب المليارات عالمياً زادت بين 18 مارس/ آذار و31 ديسمبر/ كانون الأول 2020 لتصل إلى نحو 12 تريليون دولار، أي ما يعادل إجمالي ما أنفقته حكومات دول مجموعة العشرين على مكافحة الوباء.

وأن ثروة المليارديرات البالغ عددهم 2365 مليارديرا زادت 4 تريليونات دولار، أي 4 آلاف مليار دولار، خلال العام الأول لجائحة كورونا، وفقا لتحليل أجراه برنامج عدم المساواة في معهد دراسات السياسة.

موقف
التحديثات الحية

كما أنه في الفترة بين 18 مارس 2020 و18 مارس 2021، أي خلال عام، قفزت الثروة التي يحتفظ بها المليارديرات من 8.04 تريليونات دولار إلى 12.39 تريليون دولار. كما نمت الثروة الإجمالية لهؤلاء بنسبة 54% خلال عام الوباء. 

بل إنه في الوقت الذي ضربت فيه كورونا الشركات والاقتصادات الكبرى وألحقت بها خسائر فادحة، كشفت مؤسسة أوكسفام الخيرية أن القيمة الإجمالية لثروات 10 من الأغنياء زادت منذ تفشي الوباء بقيمة 540 مليار دولار. 
وهذا المبلغ يكفي لحماية كل سكان العالم من الوقوع في الفقر بسبب الفيروس، وتحمل كلفة اللقاح للجميع، وأن إجمالي ثروات أصحاب المليارات تعادل إنفاق حكومات دول مجموعة العشرين من أجل التعافي من الفيروس.

اليمن يعاني من ثاني أكبر أزمة غذاء في العالم بعد الكونغو، و11 شخصا يموتون من الجوع كلّ دقيقة، وهو ما يتجاوز عدد الوفيات بسبب كورونا

الرقم الثاني ما ذكره برنامج الغذاء العالمي قبل أيام من أن نحو 9% من سكان العالم ينامون جوعى كل ليلة. وحسب أرقام منظمة أوكسفام، فإن 11 شخصا يموتون من الجوع كلّ دقيقة، وهو ما يتجاوز عدد الوفيات بسبب كورونا، وأن هناك 155 مليون شخص في 55 دولة يعانون من انعدام حاد في الأمن الغذائي. 
وعلى مستوى قائمة الدول التي تعاني من الجوع وأوضاع تشبه المجاعة الجماعية، برزت على اللائحة 3 دول عربية، هي: اليمن، سورية والسودان. فاليمن يعاني من ثاني أكبر أزمة غذاء في العالم بعد الكونغو. 
وفي سورية نجد أن 3 من 5 سوريين، أو 12.4 مليون شخص من إجمالي عدد السكان، أصبحوا يواجهون الجوع، مع نهاية العام 2020، بزيادة 88%عن العام 2019، وهي من النسب الأعلى في العالم. ويتكرر المشهد في دول عربية أخرى، منها لبنان حاليا، وربما تونس والجزائر مستقبلا.

مشكلة الجوع بحاجة إلى اهتمام أكبر من قبل الحكومات العربية للحد منها باعتبارها واحدة من أهم قضايا الأمن القومي في أي بلد، وبدلا من أن تضع تلك الحكومات يدها في جيب المواطن الفقير عن طريق زيادة أسعار كل شيء، وفي المقدمة الأغذية والوقود، من بنزين وسولار وغاز طهي، وفواتير الكهرباء والمياه، فإن عليها أن توفر برامج حماية اجتماعية ومساندة مالية لهؤلاء، وأن تفرض في المقابل ضرائب على أصحاب الثروات الضخمة كما يحدث في كل دول العالم لتدبير سيولة لتمويل هذه البرامج، لا أن تعفي الأثرياء وتمنحهم الوقود بأسعار تفضيلية.

المساهمون