فزاعة "أوميكرون" وسعر النفط ونظرية المؤامرة

فزاعة "أوميكرون" وسعر النفط ونظرية المؤامرة

07 ديسمبر 2021
زاد منسوب القلق عقب تأكيد منظمة الصحة العالمية أن أوميكرون شديد العدوى (فرانس برس)
+ الخط -

يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، استيقظ العالم على ما وصفتها وسائل إعلام غربية بكارثة اسمها "أوميكرون"، وهو المتحور الجديد من فيروس كورونا. 

ساعتها، أصيب العالم بصدمة عنيفة، وعلى أثر تلك الصدمة تم اتخاذ خطوات سريعة من قبل معظم الدول للحيلولة دون وصول المتحور إلى أراضيها: فرض المزيد من القيود للحد من تفشي الوباء، إغلاق مطارات وحدود، فرض قيود شديدة على حركة السياحة والسفر، منع حركة الطيران وفرض حظر على 6 دول أفريقية منها جنوب أفريقيا التي انطلق منها المتحور، ثم توسع الحظر ليمتد إلى دول أخرى في أوروبا خاصة مع امتداد المتحور إلى نحو 40 دولة بما فيها بعض الدول العربية.

زاد منسوب القلق عقب تأكيد منظمة الصحة العالمية أن أوميكرون شديد العدوى والانتشار استنادا إلى تضاعف الإصابات بجنوب أفريقيا، وتأكيد علماء غربيين أن المتحور أسرع انتشارا وأشد مقاومة للقاحات الموجودة من السلالات السابقة. 

تبع هذه الخطوات حدوث ذعر آخر على المستوى الاقتصادي. بعض المؤسسات المالية راحت ترسم صورة سوداوية وسيناريوهات متشائمة لمستقبل الاقتصاد العالمي، والتأكيد على أن المتحور الجديد سيقضي على آمال عودة النمو للاقتصادات الدولية، بل وسيزيد معدلات الركود والإغلاقات والخسائر، ويبدد تريليونات الدولارات من الناتج الاقتصادي، ويعمق الخسائر التي تسبب بها الفيروس الأصلي والتي تقدر بنحو 40 تريليون دولار. 

وسائل الإعلام الغربية من جانبها، راحت تسكب البنزين على النار لتساهم هي الأخرى في زيادة منسوب القلق العالمي، وترصد التوتر المتنامي من المتحور الجديد، مع التأكيد على أن الحكومات تخشى من موجة جديدة من ارتفاع حالات الإصابة والوفيات والضغط على القطاع الصحي، والتشديد على خطورة أوميكرون الذي أكدت أنه انتشر في نحو ثلث الولايات الأميركية، والعديد من الدول الأوروبية.

في المقابل، كان هناك طرف مستفيد من أزمة أوميكرون، هي الدول المستوردة للنفط والغز الطبيعي وفي مقدمتها الولايات المتحدة وأوروبا، فقد تراجعت أسعار الخام الأسود بشدة في بداية ظهور المتحور، وتوقفت موجة القفزات التي كان تشهدها الأسعار قبل ظهوره. كما توقفت توقعات بنوك الاستثمار العالمية التي كانت ترشح بلوغ سعر الدولار مائة دولار قبل نهاية العام الجاري.

هنا تنفست إدارة جو بايدن الصعداء لأن "أوميكرون" فعل في أسواق النفط ما لم تفعله ضغوط واشنطن على تحالف "أوبك+"، ومحاولات البيت الأبيض الضغط على كبار منتجي النفط لزيادة الإنتاج، بهدف خفض أسعار المشتقات البترولية من بنزين وسولار. 

كما هدأت مخاوف أوروبا التي كانت تعاني من قفزات في أسعار الغاز لم تشهدها الأسواق منذ سنوات طويلة. 

في الناحية المقابلة، كانت روسيا تزيد مخاوف العالم واقتصاده وأسواقه وبورصاته، وترفع منسوب القلق ومعها أسعار النفط عبر حشد قواتها على الحدود مع أوكرانيا، لتعيد للعالم أجواء الحرب الباردة مع الغرب، ومعها تحافظ على أسعار النفط والغاز مع زيادة المخاطر الجيوسياسية حول العالم.

السؤال هنا: هل جرت عملية تسخين متعمدة لملف أوميكرون من قبل الولايات المتحدة بهدف خفض أسعار النفط، وبالتالي نتعامل مع الأمر على أنه مؤامرة أميركية بهدف تحقيق مصالحها الاقتصادية، وضمان وصول المشتقات البترولية لمواطنيها بسعر أرخص، مع ضمان استمرار الاقبال الكبير على لقاحات الشركات الأميركية، وهل بنفس المنطق يمكن النظر إلى ما قامت به روسيا من اتخاذ خطوة للتأثير على أسعار النفط ومحاولة زيادتها ردا على الخطوة الأميركية؟

شخصيا لا أؤمن كثيرا بمنطق المؤامرة، لكن في علم السياسة والمال والاقتصاد كل شيء جائز ومحتمل، وبغض النظر هنا عن نظرية المؤامرة وما إذا كانت الولايات المتحدة تعمدت إثارة قلق العالم لدفع أسعار النفط نحو الانخفاض والضغط على كبار المنتجين من باب أوميكرون، وبالتالي وقف موجة التضخم، واتخاذ روسيا خطوة معاكسة، فإن هناك مؤشرات تقول إن هناك حربا من وراء الستار بين موسكو وواشنطن تستهدف التأثير على أسعار الطاقة سواء النفط أو الغاز، والأيام المقبلة ستثبت لنا صحة هذا الافتراض من عدمها.

المساهمون