استمع إلى الملخص
- بحيرة البردويل في شمال سيناء تمثل فرصة للتنمية السمكية والسياحية، حيث يعمل بها 3500 صياد ويصل إنتاجها إلى 3000 طن سنويًا، ويمكن زيادة الإنتاج بإشراف هيئة الثروة السمكية.
- تحتوي سيناء على موارد نفطية ومعدنية وفرص استثمار سياحية متنوعة، مع تركيز على تنمية جنوب سيناء وإهمال شمالها رغم موارده الزراعية والصناعية.
التنمية والتعمير هو الضمانة الوحيدة لحماية سيناء من الأطماع الصهيونية والتهديدات المتكررة باستخدامها في تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. التنمية والتعمير بالمفهوم الجاد والشفاف والشامل للتنمية العمرانية والصناعية والزراعية والسياحية والسمكية، وتنمية مناجم الذهب والمحاجر المعدنية. فتزخر أرض الفيروز، الممتدة على مساحة 60 ألف كيلومتر تمثل 6% من مساحة مصر، بموارد طبيعية وفيرة وفريدة وثمينة، وجميعها تشجع على الاستثمار فيها وتنميتها.
وما الأطماع الصهيونية والأميركية في سيناء إلا نتيجة تفريغها من السكان، وتدمير التجمعات السكانية والمدن العامرة فيها من رفح المصرية إلى العريش مروراً بالشيخ زويد بحجة محاربة الإرهاب، وتجريف أراضيها الزراعية، وإزالة بساتين الزيتون والموالح العامرة والمثمرة منذ قرون، وتدمير آبار المياه الجوفية العذبة، وإهمال فرص التعمير والتنمية في ربوعها.
بحيرة البردويل
تضم محافظة شمال سيناء بحيرة البردويل، والتي لم تلق الاهتمام اللائق بها منذ عقود، رغم أن مياهها زرقاء صافية، وتبلغ مساحتها 165 ألف فدان، تقع على ساحل البحر المتوسط، ويفصلهما شريط رملي يراوح عرضه ما بين كيلومتر و2.5 كيلومتر، وتبعد البحيرة عن غرب العريش بـ18 كيلومترًا، وتبدأ من منطقة رمانة غربًا حتى الزرانيق شرقًا، وطول شواطئ البحيرة 130 كيلومتراً، وعرضها يراوح بين 1 و22 كيلومتراً، ما يجعلها وجهة سياحية صيفية عالمية فريدة، تستوعب استثمارات ضخمة لبناء الفنادق والمتاجر والمطاعم على شواطئها الخلابة بطول 130 كيلومتراً.
والبحيرة وجهة للطيور المهاجرة من أوروبا إلى أفريقيا وآسيا في الخريف والربيع، ما يعزز وجهتها السياحية لرحلات الصيد البري والسفاري والقنص. وتتميز بنقائها وضحالتها، فعمقها بين نصف المتر وثلاثة أمتار، كما أن فيها عدداً من الجزر يجعلها مناسبة لنمو أفضل أسماك القاروص والدنيس في العالم. ويعمل في بحيرة البردويل نحو 3500 صياد، ويصل إنتاجها السمكي إلى 3000 طن في السنة، ولكنه متذبذب، بسبب التضييق على هيئة تنمية الثروة السمكية التابعة لوزارة الزراعة والحد من نشاطها في تنمية المخزون السمكي في البحيرة وغيرها من البحيرات لصالح الشركة الوطنية لتنمية الثروة السمكية التابعة للقوات المسلحة والتي ليس لديها الخبرة في هذا المجال.
يمكن مضاعفة الإنتاج السمكي وكذلك عدد الصيادين في البحيرة بعودة الإشراف عليها إلى هيئة الثروة السمكية. وهي الجهة الرسمية الوحيدة التي تختص فنياً وقانونياً، منذ إنشائها بالقرار الجمهوري رقم 190 لسنة 1983، بتنمية الثروة السمكية في عموم المصايد المصرية، وكذا تنظيم استغلال مناطق الصيد والمزارع السمكية بالمسطحات المائية المصرية وتأسيس شركات قطاع عام متخصصة في الثروة السمكية وإبداء الرأي في كل المشروعات العامة التي يترتب عليها اقتطاع أجزاء من المسطحات المائية.
الهيئة مختصة أيضاً بتقديم الخبرة الفنية وإبداء المشورة وإجراء الدراسات الفنية، ودراسات الجدوى الاقتصادية، وتصميمات المشروعات المتصلة بالثروة السمكية المصرية، والتصنيع السمكي، ولديها خبراء وضعوا مصر في المركز الأول على مستوى القارة الأفريقية، والثامن على مستوى العالم في مجال الاستزراع السمكي، وهي مدرسة عريقة وامتداد قانوني للمؤسسة المصرية العامة للثروة المائية التي نشأت عام 1962 وتتبع وزارة الزراعة.
الزراعة والاستزراع السمكي
بعد ثورة يناير 2011، جرى الحديث عن مشروع لتوطين 1.5 مليون مواطن من محافظات الدلتا في سيناء. وبعد انتخاب محمد مرسي رئيساً للجمهورية، نفذت خطوات جادة لتنفيذ المشروع ببناء 4800 وحدة سكنية بوصفها مرحلة أولى، ودشنت حكومة هشام قنديل مشروعات إسكان وبناء مدارس ووحدات صحية ومراكز شباب ومحطات تحلية مياه وصرف صحي من خلال جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة.
وتضاعفت مساحة الأراضي الزراعية في عهد مرسي في رفح والشيخ زويد والعريش من 71 ألف فدان في 2011 إلى 117 ألفاً بزيادة 60%، بحسب البيانات الرسمية للمحافظة، مع السماح بتملك هذه الأراضي الزراعية، الأمر الذي كان من المحرمات في عهد حسني مبارك. كل هذه المشروعات توقفت بعد الثالث من يوليو 2013، بحجة محاربة الإرهاب. وعودة هذه المشروعات فرصة رائعة لتحقيق التنمية والاستقرار وعلاج البطالة والفقر الريفي في سيناء وعموم مصر.
كذلك تضم سيناء غير بحيرة البردويل، منطقة الاستزراع السمكي في شرق مدينة بورسعيد، ومساحتها 26 ألف فدان. قبل 2013، كان يستزرعها مزارعون استأجروها من الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية التابعة لوزارة الزراعة منذ عام 1996 بعقود رسمية، وفي 2010، خصص الرئيس المخلوع مبارك نصف مساحة المزارعين تقريباً، 12520 فداناً، لصالح المدينة المليونية شرق بورسعيد بالقرار الجمهوري رقم 222 لسنة 2010، وحاولت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة نزع ملكية الأراضي من الهيئة العامة للثروة السمكية وطرد المزارعين، لكن قيام ثورة يناير وتولي مرسي الحكم حالت دون تنفيذ هيئة المجتمعات العمرانية قرار مبارك.
وبعد 3 يوليو/تموز، أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 1115 لسنة 2015 بإعادة تخصيص مساحة 19751 فداناً بمنطقة شرق التفريعة شرق بورسعيد لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة، مجاناً وبدون مقابل، لاستخدامها في مشروعات الاستغلال السمكي، رغم أن هذه الأراضي مملوكة للدولة وتتبع الهيئة العامة للثروة السمكية، وهي المنطقة التي يقوم الصيادون باستزراعها منذ عشرات السنين ولم يتخلفوا عن سداد حق الدولة في الانتفاع بالأرض. رد هذه الأراضي للمنتفعين بها، والذين تكبدوا آلاف الجنيهات في إنشاء بنيتها الأساسية وتوصيل المياه إليها على نفقتهم الخاصة، سيزيد من إنتاجية هذه المزارع ويعالج الفقر الريفي لهذه الشريحة من الفلاحين.
الموارد النفطية والمعدنية
في مجال النفط، تزخر سيناء بموارد نفطية مركزة على ساحل خليج السويس الشرقي، والتي تم اكتشافها عام 1946، وتحتوي على 64% من مجموع الاحتياطي المؤكد للنفط الخام في مصر. وتحتوي سيناء على مخزون ضخم من الغاز الطبيعي، ولكن اختلفت التقديرات حول احتياطي الغاز على شواطئها.
ومن الأدلة على حجم الثروات الطبيعية في سيناء التي يمكن استثمارها لزيادة الدخل القومي المصري، أن صحيفة "معاريف" العبريّة، ذكرت في عددها الصادر يوم 14 فبراير/شباط 2013 في تقرير تحت عنوان، القاهرة تصعد من لهجتها ضدّ إسرائيل، إن مصر تطالب الأمم المتحدة بإلزام الدولة العبريّة بدفع 480 مليار دولار تعويضاً في مقابل النفط الذي نهبته من سيناء، وناتج الأراضي الزراعية والمصايد السمكية والمناجم المعدنية والفيروز والذهب والرمال البيضاء التي استغلتها أثناء احتلالها سيناء خلال 15 سنة في الفترة بين العام 1967 وحتى 1982. هذه الموارد جنتها إسرائيل في سنوات قليلة بتكنولوجيا السبعينيات من القرن الماضي، وما زالت هذه الثروات كامنة في سيناء، ولو استثمرتها الحكومات المصرية بتكنولوجيا العصر الحديثة لعادت بأضعاف الفوائد على مصر.
فرص الاستثمار السياحي
تزخر سيناء بفرص استثمار سياحية، شاطئية ودينية وسفاري صحراوية قلما توجد في دولة من الدول، من طابا ودهب وشرم الشيخ وسانت كاترين ورأس محمد في جنوبها بطول 250 كيلومتراً، مروراً بالطور ورأس سدر وعيون موسى في غربها بطول 450 كيلومتراً، إلى شمالها الممتد من شرق مدينة بور فؤاد ومروراً ببئر العبد والعريش حتى رفح المصرية المحاذية لقطاع غزة بطول 180 كيلومتراً.
من المثير للتساؤل، تركيز الحكومات المصرية المتعاقبة خطط التنمية والتعمير في محافظة جنوب سيناء والإهمال الشديد لشمالها، رغم أن الموارد الزراعية والصناعية في الشمال أكثر بكثير من الجنوب، وعدد سكان الشمال يعادل خمس أضعاف الجنوب، ونسبة الفقر بين السكان في محافظة الشمال تعادل ضعف نسبتها بين سكان الجنوب. وكذلك تركيز الاستثمار في السياحة الشاطئية على مدن محافظة جنوب سيناء دون شمالها، رغم قرب الأخيرة من المخزون السكاني في المحافظات غير الشاطئية، القاهرة والجيزة والقليوبية والشرقية والغربية والمنوفية، والتي تعتبر منفذاً بحرياً ترفيهياً لهؤلاء السكان ومورداً لإنعاش الاقتصاد والتجارة فيها.
وأيضاً تيسير السياحة للإسرائيليين في جنوب سيناء حصراً، رغم أن عائد السائح الإسرائيلي على الاقتصاد المصري شحيح جداً، فهو يصل إلى سيناء عن طريق معبر طابا البري وبوسائل النقل الخاصة به، وعادة ما يحمل الطعام والشراب، ويحرص على النزول في الشواطئ المفتوحة وسياحة السفاري في الصحاري والمناطق الجبلية، ولا ينفق في رحلته إلا قليل القليل من المال، ولا يشتري هدايا إلا نادراً. ويدخل السائح من معبر طابا إلى مدن سيناء بالهوية الشخصية فقط ومن دون الحاجة إلى تأشيرة دخول، وبتذكرة يقل ثمنها عن 25 دولاراً.
وتغلق الطرق لجنوب سيناء أمام المصطافين المصريين، إذ يتعرضون للتفتيش في الأمكنة المنتشرة على طول الطريق، ويُمنع الكثيرون منهم من تجاوز كمين عيون موسى على بعد 20 كيلومتراً من نفق الشهيد أحمد حمدي لأسباب أمنية، ومن الشائع أن يقول هؤلاء إن سيناء ليست لنا. والمحزن أيضاً، أن المواطن الفلسطيني لا يستطيع عبور معبر رفح المصري قادماً من غزة للمرور إلى مطار القاهرة إلا بشق الأنفس، وبتكلفة وصلت في وقت عدوان السابع من أكتوبر إلى 12 ألف دولار للشخص الواحد.