فخ شركات توظيف الأموال

فخ شركات توظيف الأموال

02 ديسمبر 2020
البنوك المركزية العربية مطالبة بالتحرك للحفاظ على المدخر الصغير (فرانس برس)
+ الخط -

منذ تفشي وباء كورونا، سارعت معظم البنوك المركزية العربية إلى خفض سعر الفائدة على أموالها، تبعتها في ذلك البنوك التجارية بخفض مماثل، وربما أكبر، خاصة على ودائع صغار المدخرين.

والضحية في النهاية هي المدخر الصغير، وأصحاب المعاشات والمتقاعدون الذين يدخرون تحويشة العمر ومكافأة نهاية الخدمة للحصول على عائد مناسب من البنك يغطي مصروفاتهم والتزاماتهم الشهرية.

ومع الخفض المتواصل في سعر الفائدة، يجد هؤلاء أنفسهم في وضع مالي حرج ومربك قد يدفعهم إلى الاقتراب من أصل مدخراتهم وكسرها وربما تسييلها، لمواجهة أعباء الحياة والزيادات المتواصلة في أسعار السلع والرسوم الحكومية خاصة الكهرباء والمياه والغاز ورخص السيارات وغيرها.

معظم البنوك المركزية باتت تخفض أسعار الفائدة لأسباب منطقية ومقبولة؛ من أبرزها تراجع معدل تضخم الأسعار وكساد الأسواق أو ركودها، وقلة الطلب على الأموال من قبل المقترضين ورجال الأعمال وأصحاب الشركات، وحدوث شلل في أنشطة تأسيس المشروعات الجديدة التي تحتاج إلى سيولة.

كما أن الحكومات تريد تحريك مناخ الاستثمار بهدف خلق فرص عمل تعوض الفرص المفقودة بسبب كورونا وتوقف أنشطة اقتصادية مهمة، وبالتالي إتاحة أموال رخيصة وبتكلفة أقل للمستثمرين الراغبين في تأسيس خطوط إنتاج جديدة أو توسيع استثماراتهم القائمة.

موقف
التحديثات الحية

وهناك بنوك مركزية تخفض أسعار الفائدة لخفض الدين العام الحكومي باعتبار أن الحكومات هي أكبر مقترض من البنوك، وبالتالي تراعي هذه البنوك الحكومات أكثر من مراعاتها المودع الصغير وأصحاب المعاشات وهم بالملايين في دول المنطقة.

خطورة الخفض المتواصل لسعر الفائدة هي أنه قد يدفع أصحاب الأموال إلى البحث عن أدوات استثمار أخرى تحقق عائداً أكبر من عائد البنوك الضعيف بغض النظر عن درجة المخاطر، ومدى توافر عنصر الأمان في تلك الأدوات، وما إذا كانت تمثل قيمة مضافة للاقتصاد من عدمه.

البعض اتجه لشراء الذهب، خاصة مع وجود توقعات قبل شهور بحدوث قفزات في سعره بسبب زيادة مخاطر الاقتصاد العالمي جراء تفشي وباء كورونا وتزايد حالات الإفلاس والتعثر المالي وإغلاقات الاقتصاد والأسواق.

وهناك من اتجه للمعادن النفيسة الأخرى، أو الأراضي والعقارات، أو حتى شراء السلع المعمرة والأجهزة الكهربائية، خاصة إذا كان لدى الأسرة شخص مقبل على الزواج.

وهناك توجه من قبل المدخرين لشركات توظيف الأموال التي أتوقع زيادة عددها خلال الفترة المقبلة مستغلة الفراغ الذي أحدثته البنوك، ذلك لأن هذه الشركات، التي لا يخضع معظمها لرقابة الحكومات، تمنح عوائد ضخمة وأحيانا خيالية، وباتت تعمل في مجالات عدة، وبالتالي باتت تجذب شريحة مهمة من الباحثين عن الربح السريع.

وهناك من سيتجه للاستثمار في العملات الرقمية بالغة الخطورة والتي شهدت أسعارها قفزات خلال الفترة الماضية، خاصة بيتكوين، العملة المشفرة الكبرى في العالم، والتي شهدت تذبذبات عنيفة خلال الأيام الماضية.

وهناك من بات يستثمر أمواله في العملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار واليورو والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري، وهذا خطر على أسواق الصرف في دول المنطقة، إذا إنه يزيد عمليات "الدولرة" واكتناز الدولار داخل الدولة، وبالتالي الضغط على العملة المحلية.

الحكومات والبنوك المركزية العربية مطالبة بالتحرك للحفاظ على المدخر الصغير وأصحاب المعاشات، قبل أن يقع الملايين منهم فريسة لعمليات نصب واحتيال من قبل شركات توظيف أموال وعملات رقمية ومحتالين يستغلون بحث هؤلاء عن عوائد خيالية.

المساهمون