فجوة في موازنة تونس: ارتفاع أسعار النفط يُربك الأوضاع المالية

فجوة في موازنة تونس: ارتفاع أسعار النفط يُربك الأوضاع المالية

21 فبراير 2021
توقعات بارتفاع أسعار الوقود (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

يضغط ارتفاع سعر النفط في السوق العالمية على موازنة تونس بعد اتساع الفارق بين معدّل السعر المعتمد في الموازنة والسعر في السوق الدولية، وسط ترجيحات بأن تحتاج الحكومة إلى أكثر من 2.5 مليار دينار (نحو 926 مليون دولار) إضافية لردم الفجوة في مخصصات الإنفاق على الطاقة.
واعتمدت حكومة هشام المشيشي، لدى إعداد قانون موازنة العام الحالي على معدّل سعر لبرميل النفط في حدود 45 دولاراً، فيما تسجل السوق العالمية يومياً زيادات في أسعار الخام وصلت إلى أكثر من 60 دولاراً، مع توقعات بتواصل النسق التصاعدي للأسعار مع بداية تعافي الاقتصاد العالمي ما بعد جائحة كورونا.
وتمثل الزيادة العالمية في أسعار الطاقة مصدر إرباك لموازنة تونس التي تحتاج إلى 19 مليار دينار (الدولار = نحو 2.7 دينار) من القروض ستنفق في التسيير ودفع الرواتب، ما يضع الحكومة أمام خيارات غير شعبية بالزيادة في أسعار المحروقات عند البيع أو زيادة الضرائب لتحسين الموارد الذاتية.

وتعجّل الفجوات الجديدة في الموازنة بعرض قانون موازنة تعديلي على البرلمان قبل الربع الثاني من العام الحالي تجنباً لاختلال الميزانية. ويقول الخبير المالي، آرام بالحاج، إن كل زيادة بدولار واحد في سعر برميل النفط يكلّف الموازنة العامة نفقات إضافية بـ129 مليون دينار، مؤكداً أن تجاوز السعر العالمي عتبة الـ60 دولاراً يخلق فجوة جديدة في موازنة تونس لن تقلّ عن 2.5 مليار دينار.

وأضاف بالحاج في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الحكومة مجبرة على إعداد قانون موازنة تعديلي في أقرب الآجال وإعادة النظر في بناء الموازنة، معتبراً أن كل المؤشرات كانت تدل منذ بداية السنة على أن سعر النفط في السوق العالمية في نسق متصاعد، منتقداً اعتماد معدل سعر بـ45 دولاراً. واعتبر بالحاج أن الحكومة أعدت موازنة بناءً على مقاربات خاطئة، ومنها معدل سعري النفط والصرف، مشدداً على ضرورة تجاوز هذه الأخطاء في أقرب وقت. وانتقد الخبير المالي عدم استفادة الحكومة من آلية التحوّط الطاقي والشراءات عبر العقود الآجلة بشكل كبير عندما تهاوت الأسعار في الربع الثاني من السنة الماضية، وفق تقديره.
وفي الوقت الذي تعيش فيه البلاد انكماشاً اقتصادياً غير مسبوق، تتجه الحكومة نحو مواصلة الزيادة في أسعار المواد النفطية لترميم العجز الحاصل في نفقات دعم المحروقات والنقل. وعام 2019 نفذت تونس أول عملية تحوّط في الطاقة بعد موافقة صندوق النقد الدولي على تغطية مخاطر متمثلة بحماية ميزانية الدولة من ارتفاع أسعار النفط وتأثيرها المباشر بكلفة الدعم. وأتاحت عملية التحوّط المنجزة حينها، تغطية لحوالى ثلث إجمالي واردات تونس السنوية من النفط لمدة 12 شهراً، لتشمل 8 ملايين برميل، ما يمثل 30 بالمائة من الواردات الصافية لتونس من النفط الخام، بقيمة 65 دولاراً للبرميل.
واستفادت تونس منذ الربع الأول من العام الماضي من تراجع سعر النفط في السوق العالمية، ما نتج منه تخفيض للأسعار تواصل على امتداد أكثر من سنة وتوفير 1.1 مليار دينار من نفقات دعم المحروقات.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

غير أن تخفيض الأسعار عند البيع لم يتواصل هذا العام حيث أعلنت الحكومة بداية فبراير/ شباط الحالي زيادةً في أسعار المحروقات هي الأولى من نوعها منذ ما يزيد على السنة. ورفعت حكومة تونس الجمعة الماضي، مجدداً لائحة أسعار المحروقات بعد توقف عن الزيادات معلنة زيادة في سعر 3 أصناف شملت البنزين والغازوال (السولار) العادي والغازوال الرفيع. وخلال عام 2020 خُفضَت الأسعار في ستّ مناسبات وثبت السعر في مناسبة واحدة، وذلك في إطار آلية التعديل الدوري للأسعار وفق سعر السوق العالمية للنفط التي تعتمدها تونس. وأكد الخبير في الطاقة، حامد الماطري، أن الفجوة في نفقات الطاقة دائمة بسبب اعتماد مؤشرات متفائلة عند إعداد الموازنة، مشيراً في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن سعر النفط لن ينزل تحت ستين دولاراً للبرميل وأن المؤشرات تقول إن الاقتصاديات تجهز نفسها لإعادة الإقلاع من جديد، وبداية توزيع اللقاح تعطي انطباعاً باحتمال نهاية الأزمة. وأضاف أن سعر الستين دولاراً هو السعر العادي لما كان عليه قبل الأزمة (مع حد أقصى بخمسة وسبعين دولاراً)، معتبراً أن سعر 45 دولاراً الذي اعتمد في الموازنة العمومية كان إحدى النقاط المبالغة في التفاؤل.
وعن إمكانية اللجوء إلى زيادات متواترة في سعر البيع للمواطنين لتقليص الفجوة، قال الماطري إن الزيادة الأخيرة لم تعتمد آلية التعديل التي أُقرّت في الحكومة السابقة، مرجحاً أن ترفع الأسعار إما باعتماد آلية تعديل دورية تقارن بين سعر السوق وسعر الشراء، أو باعتماد زيادات ثابتة كل مدة. وخصصت الحكومة ضمن موازنة 2021 نحو مليار دينار لدعم المحروقات والكهرباء والنقل مقسمة بين 400 مليون دينار لدعم المحروقات والكهرباء و600 مليون دينار لدعم النقل.

المساهمون