استمع إلى الملخص
- يركز قانون الموازنة الجديد على فتح 21376 وظيفة حكومية، مع التركيز على قطاع التعليم، في ظل ارتفاع البطالة إلى 16% وزيادة بطالة خريجي الجامعات لأكثر من 25%.
- يعتبر القطاع الحكومي مشغلاً رئيسياً، لكن إيقاف التوظيف فاقم أزمة البطالة، خاصة بين الإناث، حيث بلغت بطالة الإناث 22.1% في 2024.
تتجه سلطات تونس إلى إعادة فتح باب التوظيف في القطاع الحكومي بعد أكثر من ست سنوات من التجميد في إطار خطة السيطرة على كتلة الرواتب المتضخمة. ودعا الرئيس قيس سعيد رئيس الحكومة كمال المدوري، في لقاء جمعهما أمس الأربعاء، إلى إعادة فتح الانتدابات في عدد من المرافق الحكومية. وقال منشور على الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية على موقع "فيسبوك" إن الرئيس التونسي أعطى "تعليماته بإيجاد سُبل لتمويل الصناديق الاجتماعية وإعادة فتح باب الانتدابات في عدد من المرافق العمومية". وأضاف: "في الوقت الذي تم فيه إثقال ميزانية الدولة بعدد من الانتدابات دون وجه حق، أُفرغت العديد من المرافق الحيوية من الكفاءات، ولم تعُد قادرة على إسداء الخدمات المطلوبة للمواطنين".
وشهدت تونس خلال الفترة التي تلت ثورة يناير/ كانون الثاني انفلاتا في كتلة الأجور التي باتت تستحوذ على أكثر من 40% من إجمالي الموازنة. فقد ارتفعت من 7.9 مليارات دينار (2.5 مليارات دولار) سنة 2011 إلى 23.7 مليار دينار ( 7.6 مليارات دولار) العام الماضي. ونتيجة لذلك، دعا صندوق النقد الدولي منذ عام 2019 إلى ضرورة كبح جماح الأجور التي يتقاضاها أكثر من 650 ألف موظف الكثير منهم يعد "غير منتج".
التوظيف يتركز بالتعليم
ويكشف قانون الموازنة الذي دخل حيز التنفيذ بداية الشهر الجاري أن السلطات تتجه هذا العام إلى فتح 21376 وظيفة في القطاع الحكومي مع مواصلة تسوية وضعيات العاملين وفق العقود الهشة والمؤقتة. ويستأثر قطاع التعليم هذا العام بالمرتبة الأولى في توزيع الانتدابات المبرمجة بـ9207 وظائف. ويحاصر تونس منذ سنوات تضخم كتلة الرواتب مما دفع إلى وقف التوظيف في القطاع الحكومي، ما تسبب في تصاعد نسب البطالة إلى 16% وفق أحدث بيانات نشرها معهد الإحصاء الحكومي، مع زيادة بطالة خريجي الجامعات لأكثر من 25%.
وتكشف التوجهات الحكومية المضمنة في قانون الموازنة للعام الحالي عن مواصلة سياسة التحكم في نسبة كتلة الأجور من الناتج المحلي الإجمالي لتبلغ 13% في مطلع 2025 مقابل 13.5% عام 2024، قبل النزول بها إلى 12.6% في مطلع 2026. وكان فتح باب التوظيف مجددا مطلبا نقابيا ملحا، حيث دعت العديد من الجامعات النقابية لزيادة عدد موظفي القطاعات الحيوية، ولا سيما التعليم والصحة والنقل لضمان استمرار خدمة المرافق العامة.
وقال وزير التشغيل السابق فوزي بن عبد الرحمان إن القطاع الحكومي كان لعقود طويلة مشغلا رئيسيا للتونسيين، لا سيما حاملي الشهادات الجامعية في الاختصاصات صعبة الإدماج، مؤكدا أن تراجع دوره الحيوي في التوظيف فاقم أزمة البطالة في صفوف خريجي الجامعات. وأكد عبد الرحمان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن استمرار نسب البطالة عند مستويات عالية "أمر متوقع في غياب أي مؤشرات اقتصادية إيجابية يمكن أن تعالج أسباب انحسار فرص الشغل للجنسين".
ويعتبر وزير التشغيل السابق أن القطاع الحكومي هو المشغل الرئيس للإناث من حاملات الشهادات العليا، مؤكدا أن إيقاف هذا المحرك بقرار رسمي تسبب في تراجع كبير لفرص عمل الإناث من خريجات الجامعات اللاتي يمثلن ثلاثة أرباع طالبي الشغل. وقال: "محركات التشغيل في تونس هي الوظيفة العمومية المغلقة منذ سنوات، والقطاع الخاص والمبادرة الحرّة، لكن هذه المحركات في حالة جمود". ويرى عبد الرحمان أن "غلق باب التوظيف في القطاع الحكومي لسنوات متتالية حرم جيلا كاملا من الحق في التوظيف في ظل منوال تنموي لا يخلق فرص عمل متكافئة للجنسين في أغلب مناطق البلاد".
واستقرت نسبة البطالة في الربع الثالث من سنة 2024 لتبلغ 16%، وانخفضت نسبة البطالة لدى الرجال إلى 13.3% خلال الفترة ذاتها. أما بالنسبة للنساء فقد ارتفعت نسبة البطالة لتبلغ 22.1%. وزادت نسبة البطالة من بين حاملي الشهادات الجامعية لتصل إلى 25% خلال الربع الثالث من السنة الماضية، وتقدر هذه النسبة لدى الذكور خلال الثلاثي الثالث من 2024 بـ17%، بينما بلغت 31.6% لدى الإناث.