فائض الإسمنت يؤرق الحكومة الجزائرية

فائض الإسمنت يؤرق الحكومة الجزائرية

06 سبتمبر 2021
الطلب المحلي يقدر بـ 22 مليون طن إسمنت سنوياً (Getty)
+ الخط -

تخوض مصانع الإسمنت في الجزائر، معركة حقيقية، في ظل المنافسة الشرسة في السوق المحلية، ومساعي الحكومة لتطوير استراتيجية هذا القطاع، من خلال وصول إنتاج البلاد من مادة الإسمنت إلى 50 مليون طن سنويا في أفق سنة 2025، مقابل إنتاج حالي من هذه المادة يتراوح بين 25 و30 مليون طن سنويا، وطلب محلي يقدر بـ 22 مليون طن، ما يجعل بوصلة الحكومة تتوجه نحو التصدير، لتسويق الفائض.

وانتقل عدد مصانع الإسمنت من 3 إلى أكثر من 20 مصنعا في السنوات الأخيرة، موزعة عبر كافة التراب الوطني، إذ بلغ إجمالي إنتاجها أكثر من 30 مليون طن في عام 2020.

وينشط في إنتاج الإسمنت حاليًا أربعة مصانع رئيسية، منها المجمع الصناعي للإسمنت الجزائر "جيكا" بقدرة إنتاجية تقارب 13 مليون طن سنويا.

ويأتي في المرتبة الثانية المتعامل الأجنبي "لافارج هولسيم" الذي ينتج أكثر من 8 ملايين طن سنويا، متبوعا بمتعاملين جزائريين من القطاع الخاص.

وتحوّل فائض إنتاج الإسمنت إلى مأزق كبير للمصانع المنتجة في الجزائر، في ظل تشبّع الأسواق ومواجهة صعوبات في التصدير، بينما ليس بمقدورها إيقاف خطوط منتجة للحد من تكدس المنتجات، خشية تحملها تكاليف مرتفعة جراء إعادة هذه الخطوط للعمل من جديد في فترات لاحقة.

ورغم تحول الجزائر في السنوات الأخيرة من بلد مستورد للإسمنت إلى منتج له، إلا أن هذه الميزة تحولت إلى أزمة في ظل فائض الإنتاج مؤخرا، حيث وصلت الطاقة الإنتاجية إلى نحو 30 مليون طن خلال العام الماضي، بعدما كانت عند 20 مليون طن في 2015.

وعزا مسؤول المديرية العامة لترقية الاستثمار في وزارة الصناعة، بشير عرباوي، فائض الإسمنت إلى ارتفاع الطاقة الإنتاجية في ظل زيادة عدد المصانع، بعد أن فتحت الحكومة في السنوات الأخيرة باب الاستثمار في هذا القطاع، بينما كان مُحتكرا من طرف شركة عمومية واحدة تابعة للدولة لعقود ماضية.

رغم تحول الجزائر في السنوات الأخيرة من بلد مستورد للإسمنت إلى منتج له، إلا أن الميزة تحولت إلى أزمة في ظل فائض الإنتاج مؤخرا، حيث وصلت طاقة الإنتاج إلى نحو 30 مليون طن في 2020

وأوضح عرباوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن عدد المصانع وصل إلى 22 مصنعاً، نهاية 2020، مضيفا أن "المصانع بدأت تسجل تراجعا في المبيعات، وهناك أزمة حقيقية جراء وفرة الإنتاج، ما يستدعي تدخل الحكومة".

ودفع ارتفاع إنتاج الإسمنت الحكومة، مطلع 2018، إلى رفع الحظر المطبق منذ أكثر من عشرين عاماً على تصدير هذه السلعة.

وحسب مدير ترقية الصادرات في وزارة التجارة، محمد سويجار، فإن "الجزائر تسعى لتسويق 20 مليون طن فائض من الإسمنت، بمجموع عائدات تلامس 900 مليون دولار سنويا، نحن الآن بلغنا 35 بالمائة من الهدف، ونثابر من أجل بلوغ الهدف السنة القادمة، بإزالة العقبات والمشاكل التي تقف أمام هذا الهدف."

وحول الأسواق، كشف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن "الأسواق الأفريقية هي الوجهة الأولى، في مقدمتها النيجر ومالي وموريتانيا عبر المنافذ البرية، ودول أفريقيا الوسطى وجنوبها عبر المنافذ البحرية، الآن نحن في مرحلة كسب الأسواق من دون دراسة مردوديتها".

وتابع: "كما سيتم تصدير شحنات نحو ليبيا في سياق مشاريع إعادة إعمارها، كما نبحث عن دول أوروبية، كسلوفاكيا وبلغاريا ودول الجنوب الأوربي، كونها الأكثر قربا والأقل تكلفة في النقل، رغم ارتفاع المنافسة مع الإسمنت المحلي هناك والتركي في شرق القارة".

وأكد سويجار أن المجمع الصناعي للإسمنت "جيكا" يسعى إلى تصدير ما بين 1.5 ومليوني طن من إنتاجه خلال سنة 2021، كما سيقوم بتصدير منتجات أخرى، كالحجر الجيري والجبس.

من جانبه، يرى رئيس جمعية المصدرين الجزائريين، علي باي ناصري، أن "الجزائر لا يمكنها أن تصدر أكثر من مليوني طن من الإسمنت سنوياً، بالنظر إلى ضعف شبكة النقل، وعدم وجود سكك حديدية للنقل من مناطق الإنتاج في المحافظات المختلفة".

رئيس جمعية المصدرين الجزائريين: الجزائر لا يمكنها أن تصدر أكثر من مليوني طن إسمنت سنوياً، بالنظر إلى ضعف شبكة النقل، وعدم وجود سكك حديدية للنقل من مناطق الإنتاج في المحافظات المختلفة

وأضاف ناصري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن عدم منافسة أسعار المنتجات الجزائرية مثيلاتها في الأسواق العالمية بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، يشكل عائقا آخر أمام الصادرات.

وسجلت صادرات الجزائر من خارج قطاع المحروقات، في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2021، قفزة كبيرة نسبياً، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.

وبلغت صادرات الجزائر، باستثناء المحروقات، خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، ما قيمته 1.55 مليار دولار، صعوداً من 852 مليون دولار في الفترة نفسها من السنة الماضية؛ أي بارتفاع نسبته 81.8%.