غوتيريس ينتقد معالجة المجتمع الدولي لتداعيات كورونا الاقتصادية

غوتيريس ينتقد معالجة المجتمع الدولي لتداعيات كورونا الاقتصادية

12 ابريل 2021
غوتيريس أكد وقوع أكثر من 120 مليون شخص في براثن الفقر المدقع(Getty)
+ الخط -

وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس انتقادات حادة للمجتمع الدولي والحكومات، وطريقة معالجتها لجائحة كورونا وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية. 

وجاءت تصريحات غوتيريس خلال إحاطة له ضمن افتتاح اجتماعات منتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة لعام 2021 لمتابعة قضايا تمويل التنمية.

وتستمر الاجتماعات، التي تعقد أغلبها عن بعد بسبب الجائحة، حتى يوم الخميس، وستشهد بعض جلساتها حضوراً دبلوماسياً رفيع المستوى. ولفت غوتيريس الانتباه إلى عدم تحقيق أي من أهداف الاستجابة متعددة الأطراف بالمستوى المطلوب.

وتطرق غوتيريس بشكل مفصل لتلك المجالات التي لم يحقق بها المجتمع الدولي التقدم المنشود قائلا "توفي أكثر من ثلاثة ملايين شخص، ووقع أكثر من 120 مليون شخص في براثن الفقر المدقع، وفقدت ما يعادل 255 مليون وظيفة بدوام كامل. ونشهد أسوأ ركود اقتصادي منذ 90 عامًا. لكن الأزمة لم تنته بعد، بل إن العدوى تنتشر بسرعة وعلى رقعة أوسع".

وأكد غوتيريس أمام القادة الحاضرين على أن هناك حاجة ملحة لاستيعاب الدروس والتحرك بشكل فوري إذا أراد المجتمع الدولي تعديل مساره، والحيلولة دون استمرار انتشار موجات العدوى المتتالية وتجنب الركود الاقتصادي العالمي، والعودة إلى الطريق الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لـ 2030 واتفاقية باريس للمناخ.

وحث القادة والدول على التضامن والاتحاد، مؤكدا أن ذلك سينقذ الأرواح ويحول دون سقوط مجتمعات واقتصادات لمستوى ديون كارثي واختلال وظيفي.

وأعطى غوتيريس مثالا على توزيع اللقاح غير العادل حول العالم، ولفت الانتباه إلى أن 10 دول حصلت على 75 بالمئة من اللقاحات المتاحة في السوق. في حين أن هناك دول لم تبدأ بعد حتى بتلقيح العاملين في المجال الصحي والفئات الضعيفة من بين مواطنيها.

وأشار في هذا السياق إلى أن هوة اللقاحات هذه ستؤثر سلبا على الجميع لأن الفيروس وخطورته لا تعرف الحدود الجغرافية، وطفراتها تستمر مع استمرار انتشاره.

وعن التبعات الاقتصادية جراء عدم المساواة في الحصول على اللقاح، قال الأمين العام للأمم المتحدة إن "بعض التقديرات تضع التكلفة العالمية الاقتصادية الناتجة من عدم المساواة في الحصول على اللقاح، وكذلك تخزينه من قبل بعض الدول، تزيد عن 9 تريليونات دولار أميركي".

ونبه غوتيريس إلى أن عدم المساواة لا يقتصر في الحصول على اللقاح، بل كذلك فيما يخص حزم المساعدات المالية التي خصصتها دول غنية لمواطنيها مقابل دول أخرى تغرق بالديون.

وشرح في هذا السياق، إن "الافتقار إلى التضامن يظهر في حشد بعض الدول حزم إغاثة قيمتها تريليونات الدولارات، في الوقت الذي تواجه فيه دول نامية أعباء ديون يصعب الانعتاق منها، مما قد يجعل أهداف التنمية المستدامة مستحيلة المنال. في العام 2019، أي قبل انتشار الجائحة لاحظنا أن 25 دولة أنفقت على خدمة ديونها أكثر من إنفاقها على التعليم والصحة والضمان الاجتماعي مجتمعة".

ثم شدد على التحدي الكبير الذي تعاني منه الدول فيما يخص التعليم، وغياب أكثر من 170 مليون تلميذ عن المدارس خلال السنة الماضية، مما يضيف بعدا آخر إلى التهديد لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وعبر عن خشيته أن تكون آثار أزمة التعليم ذات تبعات مدمرة وطويلة الأمد، بحيث تساهم في زيادة عدم المساواة ولأجيال قادمة.

ودعا غوتيريس إلى ضرورة التحرك وبشكل عاجل على ستة صعد وهي: توزيع اللقاحات ومبادرة "كوفاكس"، والتمويل بشروط ميسرة، وفرض الضرائب، وأزمة الديون وتعليقها، وعقد اجتماعي جديد، واقتصادات مربوطة بمكافحة التغيير المناخي.

وفيما يخص توزيع اللقاحات شدد على ضرورة سد الفجوة في تمويل مبادرة "كوفاكس" والتي تهدف، بحسب الأمم المتحدة، إلى توفير اللقاح للدول الفقيرة ومتوسطة الحجم بأسعار معقولة ومجانية في حالات أخرى. لكن المبادرة ما زالت تعاني من نقص في التمويل يصل إلى 13 مليار دولار. وذكر غوتيريس أن القضاء على الوباء والسيطرة عليه سيكون ممكنا عندما يتاح اللقاح للجميع في كل مكان.

وتحدث عن انخفاض في نسب التمويل الميسر، بما فيها للبلدان متوسطة الدخل. وشدد على الحاجة الماسة لزيادة تقديم المساعدات الإنمائية، ثم لفت إلى أن الكثير من أغنياء العالم زادوا ثراء في السنة الأخيرة. وقال إن "أحدث التقارير تشير إلى أن أغنى أثرياء العالم أضافوا خمسة تريليونات دولار إلى ثرواتهم خلال العالم الماضي. أحث الحكومات على النظر بفرض ضريبة تضامن أو ثروة على أولئك الذين استفادوا خلال الوباء بغية خفض مستويات اللامساواة الحادة".

وشدد غوتيريس على ضرورة معالجة أزمة الديون من خلال تعليقها أو تخفيفها وتوفير السيولة للدول التي تحتاجها. ورحب بقرار مجموعة العشرين ومبادرتها تعليق خدمة الديون حتى نهاية العام، وحثها في الوقت ذاته على تبني تمديد إضافي حتى عام 2022.

ونبه إلى أهمية إعادة إطلاق الاقتصادات على نحو منصف ومستدام، كما ربطها بأهداف التنمية المستدامة واتفاق باريس للمناخ. وأشار في هذا السياق إلى "تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة يظهر أن 2.5 بالمئة فقط، من الإنفاق على التعافي له خصائص اقتصادية خضراء إيجابية" وذكّر بأن الوضع الحالي يمكن أن يشكل فرصة لتقديم حلول جريئة ومبتكرة من شأنها تعزيز الاستجابة والتعافي. 

المساهمون