غوبلزا سورية وروسيا

غوبلزا سورية وروسيا

28 يوليو 2021
لكل زمان وحاكم "غوبلزه" المناسب (الأناضول)
+ الخط -

اكذب ثم اكذب حتى يصدقوك.

لكل زمان وحاكم "غوبلزه" المناسب، فما خطه وزير الدعاية النازية، جوزيف غوبلز خلال الحرب العالمية الثانية، من نهج التضليل وإذكاء العداء وكل ما يبرر "إجرام القائد"، طورته أبواق بشار الأسد ضمن ضرورات المقاومة ومواجهة المؤامرة الكونية، وأضاف إليه الروس لتبرير استخدامهم سورية حقل تجارب لأسلحتهم الجديدة وجغرافيا توصلهم إلى المياه الدافئة وتعيد إليهم حلمهم النكوصي، كقطب ثانٍ بعد تفكك الاتحاد السوفييتي.

ولبشار الأسد "غوبلزيون" عدة، ربما عرف العالم أوقحهم، بشار الجعفري، وسيعرف، بحكم تطور الصراع، مروجين جدداً للكذب والتصميم عليه، علّ من يجد في حرية شعوب المنطقة وكرامتها خطراً عليه، يصدقها أو يدعي التصديق، لطالما تخدم الغاية الاستبدادية ذاتها التي تجمعه مع الحكام، وبمقدمتهم وريث حكم سورية، وقاتل شعبها ومهجّره، بشار الأسد.

بالأمس، تابع نظام الأسد والروس، الفصل الثاني من دعاية "عودة اللاجئين والمهجرين السوريين"، لكن على نحو من الكذب والتضليل، أكثر فجاجة من النسخة الأولى التي عقدها شريكا قمع السوريين في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وسط مقاطعة الدول المستضيفة للاجئين، إن بالاتحاد الأوروبي أو تركيا.

وتفتقت مواهب الغوبلزيين الجدد للحد الذي أثار سخرية، حتى سوريي الداخل الساعين بكل الطرق، للهجرة وترك سورية لشبيحة الأسد والمحتلين، بعد أن باتت الكهرباء رفاهية والمياه أُمنية والخبز مسعى كل السوريين، وبعد أن ارتأت حكومة الممانعة في دمشق، عدّ أرغفة الخبز على المستهلكين وتخصيص رغيفين ونصف رغيف للفرد يومياً، أو السعي لتجار الأزمة لشراء الخبز بعشرين ضعف سعره الرسمي.

فقال غوبلز السوري، رئيس الهيئة التنسيقية مع الروس، حسين مخلوف، إن تحسن الوضع الأمني أسهم بعودة 5 ملايين مهجر، منذ تأسيس الهيئتين التنسيقيتين السورية الروسية.

وهذا ما وضع غوبلز روسيا، رئيس الهيئة التنسيقية ميخائيل ميزينتسيف، في موقف لا يحسد عليه، إذ التفوّق على كذب مخلوف أمر في غاية من المشقة، بواقع معايشة العالم لظروف السوريين وسعيهم، ولو عبر البحار، للهرب من جحيم سورية.

فالرجل ارتأى العزف على الكذبة ذاتها وتبيان لماذا عادت تلك الملايين، رغم التفقير والقمع وغياب جميع مقومات الحياة الآدمية في سورية. فقال ميزينتسيف إن السوريين العائدين يحصلون على رعاية طبية ومساعدات غذائية، بل إنّ العائلات تُوصَل إلى أماكن إقامتها المختارة، وتُوفَّر لها فرص عمل وتعلّم.

وليُجهِز بالضربة القاضية على منافسه مخلوف، تابع الغوبلز الروسي قائلاً إن سورية تشهد استعادة الحياة الآمنة، وقد أُصلِحَت 987 مؤسسة تعليمية و255 مؤسسة طبية و4966 مبنىً سكنياً وأكثر من 14.4 ألف مؤسسة صناعية، فضلاً عن الجسور والطرق السريعة وخطوط الكهرباء وتشغيل مئات منشآت المياه والمخابز... الأمر الذي أحرج غوبلز الأسد الذي يعايش الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، ويعرف أن حكومة الأسد انسحبت حتى من دعم الخبز والمشتقات النفطية، وهي تعجز عن توفير فرص عمل لآل القتلى الذين وعدهم الأسد بعمل، فما كان منه إلا الاعتراف بتفوّق ميزينتسيف عبر التصفيق الحار.

نهاية القول: يسعى من بقي في سورية الأسد، بكل السبل والوسائل، للهرب من جحيم معيشي مفتوح على الأسوأ، بعد انقطاع التيار الكهربائي لعشرين ساعة وتقنين المياه وغلاء الأسعار، ما أوصل تكاليف معيشة الأسرة اليوم، إلى مليون و240 ألف ليرة "330 دولاراً"، فيما لا يزيد متوسط أجر من يعمل على 72 ألف ليرة. هذا إن لم نأتِ على قمع الحريات واستمرار الاعتقال وتفشي الرذيلة وسطوة المحتلين. لتضاف أعداد الهاربين من أكبر أزمة إنسانية في العصر الحديث، ولو عبر البحار والتهريب، إلى أكثر من 5.6 ملايين مهاجر، ومثلهم نازحون في المخيمات، وهذا وفق آخر تقرير لمفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي. إلا أن لغوبلزيي سورية وروسيا، رأياً معاكساً آخر، يؤثرون ترويجه، ولو كانت النهاية الانتحار وتسميم أسرهم، اقتداءً ببوق هتلر، بول جوزيف غوبلز.

المساهمون