غموض حول "السيل الشمالي-2" بعد اعتقال نافالني

غموض حول "السيل الشمالي-2" بعد اعتقال نافالني

22 يناير 2021
+ الخط -

مع تفاقم الأزمة حول السياسي الروسي المعارض، مؤسس "صندوق مكافحة الفساد" أليكسي نافالني، الذي تم اعتقاله في موسكو لدى عودته من ألمانيا، بدأ مسؤولو الاتحاد الأوروبي وإدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، بالحديث عن فرض عقوبات جديدة على روسيا، ما زاد من التساؤلات حول مصير مشروع "السيل الشمالي-2" لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا. 

ومن مؤشرات تعامل عملاق الغاز الروسي "غازبروم" بجدية مع خطر العقوبات الجديدة، عدم استبعاده احتمال تعليق أو إلغاء مشروع "السيل الشمالي-2" في حال حدوث تغيير حاد للوضع السياسي. وقالت الشركة في المذكرة المرافقة للطرح الجديد لسنداتها في البورصات الأوروبية: "عند تنفيذ مشاريعنا الدولية الكبرى مثل (السيل التركي) و(السيل الشمالي-2)، اصطدمنا ولا نزال نصطدم بالمخاطر المتعلقة بتغير الوضع السياسي في مختلف المناطق، ما يؤدي إلى نشوب توتر بين الدول وتغيير مواقف شركائنا والجهات المنظمة تجاه مختلف جوانب المشروع. وفي بعض الحالات، قد تؤدي مثل هذه التغييرات إلى تعثر تنفيذ المشروع أو انعدام الجدوى منه، وبالتالي، ربما يتم تعليق المشروع أو إلغاؤه"، حسب ما نقلت وكالة تاس الروسية عن غازبروم.
لكن من جانب آخر، يرى خبراء أنه من الصعب تصور إلغاء المشروع بشكل نهائي بعد استكماله بنسبة 94 في المائة مع تعذر مد الـ150 كيلومتراً المتبقية فقط من الأنابيب في المياه الدنماركية والألمانية بسبب العقوبات الأميركية التي أدت إلى انسحاب ما لا يقل عن أربع شركات أوروبية من المشروع. وفي هذا الإطار، يتوقع نائب مدير صندوق أمن الطاقة الوطني في موسكو، أليكسي غريفاتش، أن يستثمر خصوم "السيل الشمالي-2" واقعة نافالني لخلق مشكلات إضافية للمشروع، مرجحاً في الوقت نفسه استكماله نظراً لأهميته لأمن الطاقة في أوروبا.

ويقول غريفاتش، في تعليق لـ"العربي الجديد": "سيحاول خصوم المشروع استثمار قضية نافالني لخلق مشكلات إضافية لـ(السيل الشمالي-2). وفي الوقت نفسه، لا أعتقد أن ذلك سيؤثر بأي شكل من الأشكال على تحقيق المشروع الذي يشكل بنية تحتية مهمة لأمن الطاقة في أوروبا والدفع بالتعاون الروسي الأوروبي في مجال الطاقة". كما يقلل الخبير الروسي من أهمية تقديرات "غازبروم" باحتمال إلغاء المشروع، مضيفاً: "هذا ليس إعلاناً، وإنما هو مقطع من وصف المخاطر في المذكرة المرفقة إلى السندات الأوروبية. تشمل مثل هذه الوثائق وصفاً لجميع المخاطر المحتملة التي قد تؤثر على الوضع المالي لمصدّرها. ويهدف الكشف عنها إلى تجنب اعتراضات من مشتري السندات في حال حدوث هذا الأمرغير المواتي". 
كما قلل كذلك خبراء استطلعت صحيفة "إر بي كا" الروسية آراءهم من احتمال تأثير حادثة اعتقال نافالني على مصير "السيل الشمالي-2"، مرجحين أن تقتصر العقوبات المحتملة على استهداف شخصيات روسية بعينها لها ضلوع في الواقعة. وذكّرت الصحيفة بأن السياسيين الأوروبيين ناقشوا في الخريف الماضي بعد واقعة تسميم نافالني، الإجراءات المحتملة بحق "السيل الشمالي-2"، ولكنه تبين في ما بعد أن أي عقوبات على مستوى ألمانيا أو الاتحاد الأوروبي غير واردة. 
واعتبرت الخبيرة في شؤون العقوبات بجامعة زيورخ السويسرية، ماريا شاغينا، أن قضية نافالني تشكل فرصة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لفرض عقوبات منسقة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، مرجحة في الوقت نفسه أن تبقى الإجراءات الأوروبية على مستوى العقوبات الفردية مثل منع منفذي أمر توقيف نافالني من السفر وتجميد أرصدتهم. 
ورجحت شاغينا في تعليقات لـ"إر بي كا" أنه ليست هناك نية لدى الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات اقتصادية بحق روسيا، وأن واقعة نافالني لن تؤثر على الأرجح على مشروع "السيل الشمالي-2". وبدوره، قال الخبير بشركة "أبريو إنتلجنس" للاستشارات جورج فولوشين، لـ"إر بي كا": "أظهرت خبرة العام الماضي أن الأوروبيين غير مستعدين لتحديد مصير المشاريع الاقتصادية الكبرى مثل (السيل الشمالي-2) بسبب معارضين بعينهم حتى لو كانوا بارزين". 

وحول موقف إدارة بايدن من "السيل الشمالي-2"، أضاف فولوشين: "ألقى مستشار بايدن (للأمن القومي)، جيك سوليفان، بياناً اعتيادياً إلى حد كبير، إلا أنه يجب عدم نسيان أن بايدن توعد بالرد على فضيحة الاختراق الأخيرة المتعلقة بروسيا، وسيتعين عليه، شاء أم أبى، صياغة موقف واضح من السيل الشمالي-2".

المساهمون