استمع إلى الملخص
- الدور المصري والعربي في الإعمار: تؤكد مصر على دورها والدول العربية في إعادة الإعمار ورفض تهجير الفلسطينيين، وتسعى لدعم دولي من الاتحاد الأوروبي واليابان والصين. تُعقد قمة عربية في القاهرة لمناقشة خطط الإعمار.
- خطط ومقترحات الإعمار: قدمت نقابة المهندسين المصرية خطة شاملة تشمل حلولًا عاجلة وإعادة تدوير المخلفات وتطوير مشروعات اقتصادية. تسعى مصر للاستفادة من غاز شواطئ غزة لتمويل الإعمار، مع مشاركة الفلسطينيين لتحقيق الاستقرار الاجتماعي.
يُقدّر الاستشاري الهندسي المصري البارز ممدوح حمزة حجم التمويل اللازم لإعادة إعمار غزة بنحو 50 مليار دولار، في حالة اعتماد التنفيذ على توظيف العمالة الفلسطينية للعمل مع الشركات المنفذة، مؤكداً في اتصال مع "العربي الجديد" أن إسناد إعادة الإعمار لشركات أجنبية سيزيد من حجم المبلغ إلى عدة أضعاف، لأن الكثير من المخصصات سيدفع لتمويل الرواتب والأجور على حساب العمالة الفلسطينية الرخيصة.
ويشدد حمزة على أهمية اعتماد مشروع إعادة تمويل غزة على مصر والدول العربية، باعتباره مشروعاً يدعم الرفض العربي لمخطط تهجير الفلسطينيين، ومشروع ترامب لاحتلال غزة وتحويلها إلى منتج سياحي دولي خال من الفلسطينيين، ويحافظ على قدرات الأمن القومي العربي بمواجهة الاحتلال والتدخل الأميركي السافر بالمنطقة.
وتنعقد القمة العربية الطارئة لإعادة إعمار غزة في القاهرة غداً الثلاثاء، وسط تحديات خطيرة تمليها رغبة الاحتلال الإسرائيلي في استئناف الحرب والعدوان الوحشي على القطاع المدمر بالكامل، وحالة اضطراب سياسي عالمي، وضعت القضية الفلسطينية في ذيل اهتمامات الدول الكبرى، وحاجة مشروع الإعمار، الذي اجتمعت الدول حوله، إلى توافق على تمويله مع وجود تعهدات أمنية تضمن ألا يتعرض ما يجرى بناؤه للتدمير من جديد.
وتتوقع مؤسسة "راند" البحثية الأميركية أن تتجاوز تكلفة إعادة إعمار غزة نحو 53 مليار دولار، بينما تقدرها مصادر فلسطينية بنحو 80 مليار دولار، وتشمل مشروعات إعادة ما دمره الاحتلال إلى أصله، ومخططاً شاملاً لتطوير القطاعات الزراعية والاقتصادية بالمنطقة بما فيها الأنشطة السياحية، واستخراج الغاز من سواحل القطاع.
ويرفض الاتحاد المصري للبناء والتشييد الزج بالشركات المصرية للعمل بمشروعات إعادة إعمار غزة، من دون اتفاق الحكومة مع الدول المانحة على خطط التمويل لتلك المشروعات، مع وجود مخاطر عالية في إزالة مخلفات الحرب القابلة للانفجار، وارتفاع التكلفة، وحاجة الشركات إلى معدات هائلة ستتعرض للإهلاك السريع أثناء مراحل التنفيذ.
وفي اتصال مع "العربي الجديد"، يتوقع مسؤولو الاتحاد أن تستغرق عملية إعادة الإعمار ما بين ثلاث وخمس سنوات، بينما تصل التكلفة الأولية إلى نحو 30 مليار دولار، لتجهيز البنية التحية وإصلاح الاضرار في المنازل المتبقية، مع مضاعفة المبلغ في حالة إعادة تخطيط شامل للقطاع.
ويبحث المقاولون المصريون عن حلول واقعية لتمويل إعادة إعمار غزة تحقق مصالح سكان القطاع، وعن فرص استثمارية للشركات المصرية التي تعاني من تراجع الاستثمارات العامة وقدرة السوق المحلية على استيعاب قدراتها وطاقة عمالها المعرضين للبطالة، بينما تبدو الصورة أكثر قتامة أمام المسؤولين الراغبين في أن تكون مصر مسؤولة عن إعادة إعمار غزة، من دون القدرة على وضع خطط واضحة لتكاليف التمويل.
وترسم مصر خططاً للإعمار من دون أن تكشف عن تفاصيلها، انتظارا لطرحها أمام القادة والمسؤولين العرب في اجتماعهم بالقاهرة. وتبدو الخطط واضحة في ما يتعلق بإعادة البناء وتشغيل المرافق والمنشآت العامة، بما يضمن وقف التهجير القسري للفلسطينيين من جانب الاحتلال أو الخروج الطوعي لمن فقدوا الأمل بعودة الحياة إلى القطاع من جديد، في ظل هجمة أميركية شرسة تريد إبعاد مليوني فلسطيني عن بلدهم لإقامة منتجع سياحي أميركي مدعوم بقوة الاحتلال الإسرائيلي.
ورغم أهمية المال لتنفيذ تلك الخطط، تظل قضية تمويل مشروعات إعادة الإعمار مبهمة أمام مصر التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة، تحد من قدرتها على تحمل تلك التكاليف الهائلة، ما يجعل مستهدفاتها للإعمار معلقة على إرادة الدول والجهات المشاركة في قمة الغد، ورغبتها في التمويل والدعم السياسي في مواجهة الخطط الإسرائيلية والأميركية للتهجير القسري للفلسطينيين، واستمرار العدوان على القطاع.
وتعول الحكومة المصرية على مشاركة الدول العربية والدول المانحة من الاتحاد الأوروبي واليابان والصين والمنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة في تمويل مشروع إعادة إعمار غزة. وتسرع مصر الخطى نحو الحصول على قرار عربي موحد بإعادة إعمار غزة وتوطين الفلسطينيين على أرضهم المحتلة عام 1967، تمهيدا لإقامة دولة فلسطينية عاصمة القدس الشرقية، ورفض خطة الرئيس ترامب للسيطرة الأميركية على غزة، وإعادة توطين الفلسطينيين.
وتؤكد الحكومة امتلاكها خطة واضحة لإعادة إعمار غزة، ستكشف عن تفاصيلها خلال القمة العربية الطارئة التي ستعقد في القاهرة غداً الثلاثاء بحضور القادة العرب لاعتمادها أولا قبل مشاركتها مع أي أطراف خارجية. ودعت مصر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى القمة العربية لحضور مناقشة جهود المجتمع الدولي في إعادة إعمار غزة.
وشدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي على أن خطة مصر لإعادة إعمار غزة تضمن بقاء الفلسطينيين في أرضهم، لافتا، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى خلال زيارته إلى القاهرة مطلع الأسبوع، إلى أن مصر تسعى للحصول على دعم وتمويل دولي للخطة، وقيام الدور الحاسم في ذلك على أوروبا. وتأتي تصريحات عبد العاطي متفقة مع رؤية سبقت مناقشتها مع دوبرافاكا سويكا، مفوضة الاتحاد الأوروبي للبحر المتوسط، والنتائج التي توصل إليها الوزير في إطار مباحثاته المكثفة مع الدول المانحة الرئيسية.
وتعكس التحركات المصرية مخاوف واسعة من عدم قدرة الدول العربية على توفير الدعم المالي الكافي لمشروع إعادة إعمار غزة، في ظل عدم ترحيب الإمارات بالبدء في عمليات إعادة الإعمار، من دون التزام حماس بالخروج من القطاع وتسليم أسلحتها، مع سعيها إلى تنفيذ رؤية مدعومة إسرائيليا بتشكيل إدارة دولية للإشراف على القطاع، وعدم تسليمه للسلطة الفلسطينية بشكلها الحالي.
وقدّم خبراء مصريون مقترحات للحكومة للاستفادة من خطط التنمية الفلسطينية وإمكانات إنتاج الغاز في شواطئ غزة، الذي تقدر كمياته بنحو 1.9 تريليون قدم مكعبة، في تمويل جزء من مشروعات إعادة الإعمار، التي تشمل بناء ميناء بحري ومطار، يساعد في تنمية الأنشطة الاقتصادية والسياحية بالقطاع.
وسلمت نقابة المهندسين المصرية للحكومة خطة شاملة لإعادة إعمار غزة، التي توصل إليها أعضاء لجنة "إعادة إعمار غزة" التي شكلها النقيب العام للمهندسين طارق النبراوي، من بين نخبة من الاستشاريين الهندسيين ومديري كبرى شركات المقاولات والتشييد والخبراء، لوضع آليات عملية متكاملة لإعادة الإعمار، متضمنة سبل تمويل تلك الأعمال من مصر والدول العربية والدول المانحة. وأكد نبراوي أن الخطة ترافع الواقع الديمغرافي والاقتصادي لقطاع غزة، مع تضمنها حلولا عاجلة لإيواء المتضررين من التدمير الشامل لمنازلهم وإعادة تشغيل المدارس والمنشآت العامة، بما يضمن الاستقرار الاجتماعي للفلسطينيين الذين سيشاركون بدور واسع في تشغيل المشروعات المنفذة لإعادة الإعمار.
ونظمت النقابة سلسلة من الندوات العامة والاجتماعات التنفيذية، على مدار الشهر الماضي، لوضع مشروع هندسي يشمل حلولا هندسية متكاملة وتخطيطا هندسيا ودراسات تفصيلية لمشروعات إعادة الأعمار، وفقا للمعايير الدولية، لبناء مجتمع فلسطيني مستقر وآمن.
ورغم تأكيد نبراوي استخدام التكنولوجيا الحديثة لإعادة تدوير مخلفات المباني التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي بما يحقق إعادة استثمار الإمكانات الفلسطينية بأقل تكلفة، فإن "لجنة إعادة إعمار غزة" تحتاج مزيدا من الوقت والحصول على بيانات دقيقة من نقابة المهندسين الفلسطينية، تساعد في تقدير التكاليف الكلية لمشروع إعادة الإعمار المقترح من قبل خبراء النقابة.
وفي بيان لعضو لجنة إعادة إعمار غزة في نقابة المهندسين اللواء أحمد عابدين، أكد صعوبة وضع تقديرات لخطة إعادة إعمار غزة من دون استكمال كافة الدراسات الفنية والميدانية للمناطق المدمرة.