استمع إلى الملخص
- يلجأ بعض الموزعين إلى تخزين المحصول لزيادة الأسعار، مما يؤدي إلى "تعطيش السوق"، رغم انتهاء موسم الطلب المرتفع المرتبط بأعياد الربيع.
- يُزرع الليمون في مزارع واسعة بمصر، خاصة في الشرقية والفيوم والبحيرة، لكن الإنتاج السنوي يظل محدودًا بسبب الاعتماد على الزراعة الشخصية وصناعة المخللات.
هل أصبح الليمون في مصر لنخبة الناس وفقد سمعته الشعبية؟ قد يكون كذلك، بعدما تربع هذا المحصول الحيوي على عرش الغلاء متخطياً 100 جنيه للكيلو. وحافظ محصول الليمون على بقائه متربعاً على قمة قائمة أسعار السلع التي ارتفعت خلال الأيام الماضية، عند سعر يتراوح ما بين 100 - 120 جنيهاً مع ندرة وجوده بالأسواق، رغم انتهاء ذروة مواسم الطلب على استهلاكه، والتي تواكب احتفالات المصريين بأعياد الربيع، وتناول وجبات الأسماك المملحة مثل "الفسيخ" و"السردين" و"الملوحة" و"المدخنة" الرنجة. (الدولار = 50.94 جنيهاً).
وقد تغيرت نظرة المستهلكين لليمون في السنوات الأخيرة، حيث كان يضرب به المثل الشعبي "العدد في الليمون" لكثرة المعروض منه وقلة المبالغ التي تطلب بمقابله، ليصبح سلعة نادرة مع إدراك المواطنين فوائده الصحية، في تشكيل الوجبات والمشروبات، التي تروي الظمأ وتقي من نزلات البرد وتقاوم الخلايا السرطانية. ارتفعت أسعار الليمون إلى مستويات أعلى من الفاكهة المحلية وفي وقت الأزمات تزيد أسعارها كثيراً عن التفاح والفواكه المستوردة، بينما يحافظ على سعره المرتفع لمدة تزيد عن تسعة أشهر طوال العام، وينخفض مع كثرة المعروض في الفترة من فبراير/ شباط إلى مارس/ آذار ومن يوليو/ تموز إلى أغسطس/ آب.
وتحول المحصول من مزارع محدودة المساحة بدلتا ووادي النيل إلى مزارع واسعة مفتوحة بالمناطق الزراعية الجديدة، لقلة استخدامه الماء وإمكانية زراعته بكافة أنواع التربة، وهو كذلك يحتاج إلى قليل من الرعاية والتكلفة بالمقارنة بالمحاصيل الحمضية الأخرى كالبرتقال واليوسفي، الذي يباع بأسعار متقاربة حالياً مع سعر الليمون البلدي.
وأدى اختفاء الليمون من الأسواق إلى ارتفاع أسعار الفاكهة المرطبة والمستخدمة في العصائر كالبرتقال الصيفي وبقايا المحصول الشتوي واليوسفي، من 20 إلى 45 جنيهاً مع ارتفاع أسعار البطيخ من 20 إلى 35 جنيهاً للكيلو والكانتالوب من 12 إلى 25 جنيهاً، والجوافة من 25 إلى 35 جنيهاً والموز من 25 إلى 40 جنيهاً.
ويأمل المستهلكون انخفاضاً في سعر الليمون مع توافره بالأسواق خلال الشهرين القادمين، لاستخدامه كعصير شعبي، يستقبلون به ضيوفهم، ويروون به ظمأهم بأقل التكاليف، في وقت ترتفع فيه بشدة أسعار المشروبات التي تنتجها شركات محلية ودولية، متأثرة بزيادة أسعار الوقود والكهرباء والنقل وارتفاع معدلات التضخم. وتحول الأجواء الملتهبة دون أماني المستهلكين، إذ يتأثر المحصول بزيادة ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المناخية المتقلبة، التي شهدتها - على غير العادة - البلاد على مدار شهري مارس وإبريل، بين انخفاض كبير بدرجات الحرارة وهبوب رياح ساخنة، أدت إلى سقوط أزهار الليمون وإصابة أغلب المزارع بعفونة، تهدد بانخفاض الإنتاج في الموسم الصيفي.
ويشير مورّدو الحمضيات لسوق 6 أكتوبر غرب العاصمة إلى صعوبة الحصول على الليمون من المزارع في الوقت الحالي، لخلو المزارع الرئيسية من المحصول مع انتهاء موسم الحصاد الرئيسي، وارتفاع درجة الحرارة التي تزيد من أعباء تكلفة العمالة مع تأثير سعر الليمون بزيادة أسعار النقل "النولون"، بنسبة 20% بعد زيادة سعر السولار والبنزين.
ويقول أحد تجار الليمون والفاكهة بالسوق محمد خلاف إن قلة المعروض تدفع المحلات إلى عمل مزادات يومية على بيع المحصول الوارد إلى مخازن التبريد، مع لجوء بعض الموزعين إلى إخراج الكميات المخزنة بـ"التنقيط"، مع قدرتهم على تخزين المحصول لفترات طويلة، ما يستهدف "تعطيش السوق" والحصول على أعلى عائد، وتثبيت حد أدنى عند 80 جنيهاً للكيلو لليمون البلدي و30 جنيهاً لـ"أضاليا"، ليصل إلى الأسواق بأسعار تصل إلى 40 جنيهاً للأضاليا، وما بين 100 إلى 120 جنيهاً للبلدي.
ويفضل المستهلكون الليمون البلدي لمذاقة الحمضي اللاذع والمنعش ولوفرة العصير فيه وقشرته الخفيفة التي تستخدم في العصر الآلي مع عصير الليمون، لرفع قيمته الطبية كمصدر للمناعة ضد الأمراض السرطانية ونزلات البرد، وفقاً لوصفات طبية من كبار الأطباء. ويستخدم الليمون الأضاليا لدى منتجي المخللات، بينما تفضل رباب البيوت الليمون البلدي في تصنيع المخللات الشعبية بالمنازل، ولإنتاج "الليمون المعصفر" المزود بنكهات زيت الزيتون وحبة البركة والفلفل الحار.
ويُرجع حسين أبو صدام ارتفاع سعر الليمون إلى ندرة العرض، بعد انتهاء موسم الحصاد الشتوي في مارس الماضي، الذي يطلق عليه السلطاني، الذي يشكل 60% من إنتاج الليمون سنوياً، واستعداد الأشجار لطرح المحصول الجديد خلال شهر مايو المقبل، بموسم "الرجعية الثانية" التي تنتج 10% من الإنتاج السنوي، مشيراً إلى أن لجوء المنتجين إلى "تصويم" الأشجار، خلال شهري يوليو وأغسطس، مكنهم من الحصول على دفعة إنتاج ثالثة سنوياً، تأتي بنحو 30% من كميات الإنتاج.
ويذكر أبو صدام أن شجرة الليمون التي يزيد عمرها عن 10 سنوات، تنتج ما بين 2000 - 3000 ليمونة في العام، بما يوازي 10 أطنان للفدان، مذكراً بأن تلك الكميات مرهونة بحسن رعاية الأشجار من خلال اختيار الأرض المناسبة للزراعة وتوافر مصادر الري والتقليم الدوري واستخدام الأسمدة البلدية والمبيدات في مكافحة الأمراض التي تصيبه بالعفن وتساقط الأزهار، عند هبوب الرياح الشديدة وارتفاع درجات الحرارة، خلال موسم التزهير.
ويبلغ الإنتاج السنوي نحو 300 ألف طن من عوائد المزارع الواسعة بالمناطق شبه الصحراوية المحيطة، إذ تأتي محافظة الشرقية في مقدمة التكتلات المنتجة لليمون المزروعة بجوار مزارع الزيتون والحمضيات، بمساحة 14 ألف فدان، والفيوم ستة آلاف فدان والبحيرة 11 ألف فدان. تنتشر زراعات محدودة من الليمون على مشارف أراضي وادي النيل بمحافظات الدقهلية والقليوبية والمنيا والجيزة، وتظل محدودة المساحة والكميات المطروحة في السوق، لاعتماد مزارعيها على الاستخدام الشخصي وصناعة المخللات الشعبية.