غزة... شح الوقود يضاعف أسعار المواصلات 5 مرات

18 فبراير 2025
شاحنة وقود تدخل عبر معبر رفح، 19 يناير 2025 (علي مصطفى/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد غزة ارتفاعًا كبيرًا في أسعار المواصلات بسبب غلاء الوقود الناتج عن القيود المفروضة على دخوله، مما يضاعف الأزمات اليومية للمواطنين الذين يضطرون لدفع أسعار مرتفعة أو السير على الأقدام.
- يواجه السائقون تحديات كبيرة مع ارتفاع تكاليف التشغيل بسبب نقص وغلاء قطع الغيار، مما يضطرهم لاستخدام قطع رديئة، ويضعهم في موقف صعب بين تلبية احتياجات الزبائن وتغطية النفقات.
- يطالب الفلسطينيون بتدخل فوري لضبط السوق السوداء وتحديد تسعيرة منصفة، مع دعوة المؤسسات الدولية للضغط على الاحتلال لإدخال كميات كافية من الوقود.

 

تشهد محافظات قطاع غزة ارتفاعا جنونيا في أسعار المواصلات الداخلية بين المناطق، وصل إلى ما يزيد عن خمسة أضعاف أسعارها الطبيعية، الأمر الذي بات يضاعف الأزمات التي يمر بها الفلسطينيون منذ بداية الحرب وحتى بعد وقف إطلاق النار.
وأدت عدة عوامل متشابكة إلى تضاعف الأسعار التي أثرت بشكل مباشر على حياة المواطنين، بدءا بغلاء الوقود نتيجة منع دخوله سوى بكميات ضئيلة لا يمكنها سد الاحتياج المحلي، ما يضطر السائقين إلى تمرير الزيادة في التكلفة إلى المستهلك.
إضافة إلى ذلك، تواجه غزة صعوبات في الحصول على الإمدادات بكميات كافية، مما يجعل أسعار الوقود عرضة للتقلبات الشديدة نتيجة لضغوط السوق والقيود على الواردات، في الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيون من ضعف القدرات المالية وارتفاع معدلات البطالة.

15 شاحنة فقط يومياً

واتفقت أطراف اتفاق وقف إطلاق النار على إدخال 50 شاحنة وقود يوميا إلى غزة، لكن المصادر الفلسطينية تقول إن الاحتلال يدخل فقط 15 شاحنة لخدمة نحو 2.4 مليون فلسطيني ولا يلتزم بالاتفاق.
ويعتبر ارتفاع أسعار قطع الغيار والصيانة جراء الحصار المطبق والقيود المفروضة على الاستيراد من أبرز أسباب ارتفاع أسعار المواصلات، حيث يؤدي إلى تكرار الحاجة لإجراء صيانة عاجلة أو استبدال أجزاء أساسية، مما يضاعف التكاليف التشغيلية لأساطيل النقل.

وتؤثر القيود المفروضة على دخول البضائع إلى قطاع غزة على تدفق القطع الضرورية لتصليح المركبات، والتي تزيد أعطالها بفعل وعورة الطرق جراء تدمير وتجريف قوات الاحتلال الإسرائيلي للشوارع والمفترقات العامة.
وتتواصل أسعار أجرة الرحلات الداخلية بالارتفاع كلما زادت تكاليف التشغيل مما ينعكس على المستهلك الذي يجد نفسه مجبرا على دفع أسعار مضاعفة مقابل التنقل اليومي، أو قضاء مشاويره سيرا على الأقدام في ظل عدم وجود بنية تحتية.

تضاعف تكاليف المواصلات 5 مرات

وارتفعت العديد من أسعار المواصلات الداخلية التي كانت تقدر بشيكل واحد أو اثنين إلى ما يزيد عن خمسة أضعافها، وقد وصل سعر لتر السولار إلى قرابة 40 شيكلا بعد أن كان يباع بستة شواكل، فيما تضاعف سعر لتر البنزين إلى ما يزيد عن خمسة عشر ضعف ثمنه الأصلي. (الدولار = 3.55 شواكل).
وعن تأثير ارتفاع أسعار المواصلات على حياتها، توضح الفلسطينية سمر الخطيب، أنه يتسبب بخلق متاعب يومية، أولا في إيجاد سيارة لنقلها إلى وجهتها، وثانيا في الأسعار المتضاعفة، حيث تصل أجرة انتقالها التي كانت بشيكل واحد إلى خمسة شواكل، كذلك أجرة الانتقال التي كانت بـ 2 شيكل إلى عشرة شواكل، وهو أمر يضاعف معاناتها.
وتبين الخطيب لـ "العربي الجديد" أن ارتفاع أسعار كل رحلة ذهاب أو إياب أو زيارة أحد أفراد العائلة أصبح عبئا إضافيا على ميزانيتها المحدودة.، وتقول: "الأسعار في السابق كانت معقولة ومنطقية، وقد أصبحت مرتفعة وتكاد تكون غير متاحة لبعض الأسر، وهذا يجعل التنقل أمرا معقدا".

فيما يبين الفلسطيني إسلام الحلبي أبرز المشاكل التي تواجهه أثناء استخدام وسائل النقل العام، والتي تتمثل في الزيادة الكبيرة في الأسعار، وهو أمر يضطره لتعديل خططه اليومية، أو السير لمسافات طويلة رغم تكسير الشوارع وسيول الماء والوحل، مما بات يؤثر على مواعيد العمل والتزاماته اليومية.
ويوضح الحلبي أن ندرة السيارات، والارتفاع الجنوني في أسعار النقل يعود إلى الغلاء الكبير في أسعار الوقود والذي يمنع الاحتلال دخوله بكميات كافية، بينما تتزامن هذه الأزمة مع واقع اقتصادي صعب يمر به الفلسطينيون منذ بداية الحرب.

ويرى الحلبي ضرورة اتخاذ الجهات المعنية إجراءات فورية وحاسمة لضبط السوق السوداء وتحديد تسعيرة منصفة للمواصلات، كذلك مساهمة المؤسسات الدولية بالضغط على الاحتلال لإدخال كميات الوقود وغاز الطهي الكافية لحل الأزمة.

صعوبات أمام السائقين في غزة

في الإطار، يوضح سائق سيارة الأجرة محمد سليم (45 عاما) تأثير ارتفاع أسعار الوقود على شغله اليومي والذي "تغير بشكل جذري"، حيث كان يعمل بنظام معتدل، ولكن مع ارتفاع أسعار الوقود، أصبحت تكاليف التشغيل أعلى بكثير.
ويبين سليم لـ "العربي الجديد" أنه أضطر لرفع أجرة الرحلات حتى يتمكن من تغطية المصاريف اليومية لأسرته المكونة من خمسة أفراد، وأعطال سيارته، وهو أمر يؤثر على الزبائن الذين يعانون أيضا من الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

ويشير سليم إلى التحديات التي تواجهه في ظل هذه الزيادات، والتي تتمثل في المواءمة بين تلبية احتياجات الزبائن وضرورة تغطية النفقات والخروج بهامش ربح بسيط. ويقول: "أحيانا أواجه رحلات لا يكفي أجرها لتغطية تكاليف الوقود والصيانة، مما يضعني في موقف صعب".
بدوره، يلفت السائق خالد الشرافي، إلى صعوبة العمل في ظل الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات، وعدم توفرها طوال الوقت سوى بكميات ضئيلة في السوق السوداء، موضحا أن ذلك النقص يجعل السائقين أحيانا ضحية للنصب، عبر خلط السولار بزيت القلي.
ويبين الشرافي لـ "العربي الجديد" أن القيود المفروضة على دخول قطع الغيار كذلك تسببت في تضاعف أسعارها، وأسعار البناشر، والإطارات، الأمر الذي بات يزيد من التكلفة التشغيلية للعربات، خاصة في ظل التخريب الكبير الذي أصاب الشوارع.
ويلفت إلى أنه رغم الزيادة الكبيرة في أسعار التنقلات بين المناطق الداخلية، وزيادتها بنحو خمسة أضعاف، إلا أنها لا تلبي هامش الربح المطلوب، خاصة في ظل وصول أسعار المحروقات إلى زيادة فاقت ستة أضعاف ثمنها الطبيعي.
ويبين الشرافي أن اختفاء قطع الغيار وغلاء أسعارها إلى مستويات غير مسبوقة دفعاه هو وعددا من السائقين إلى استخدام قطع رديئة لمواجهة الأعطال المتكررة، وهذا يخلق دائرة مفرغة، مما يزيد من الأعطال وتكاليف الإصلاح على المدى البعيد.

المساهمون