غزة تكابد الجوع.. اشتداد الحصار يوصد المزيد من التكايا

26 ابريل 2025
النزوح زاد من اعتماد الفلسطينيين على تكايا الطعام، دير البلح في 26 إبريل 2025 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- نفاد المخزون الغذائي وتأثير الحصار: أعلن برنامج الأغذية العالمي عن نفاد مخزون المواد الغذائية في مستودعاته بقطاع غزة، مما أدى إلى توقف أكبر تكية طعام بسبب الإغلاق الإسرائيلي للمعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية منذ سبعة أسابيع.

- تفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية: الحصار المفروض على غزة منع وصول المواد الأساسية، مما أثر على قدرة التكايا على تقديم الوجبات المجانية. النزوح وفقدان المنازل زاد من اعتماد الفلسطينيين على التكايا، حيث توقفت العديد منها عن العمل.

- قصص معاناة الأفراد وتأثير الإغلاق: تأثرت أسرة الفلسطيني سعدي مصطفى بإغلاق التكية، حيث كانت تعتمد عليها في توفير الوجبة الرئيسية. الأطفال هم الأكثر تضرراً من وقف المساعدات، مما يزيد من تعرضهم للجوع وسوء التغذية.

أعلن برنامج الأغذية العالمي نفاد مخزون المواد الغذائية في مستودعاته في قطاع غزة بشكل كامل، وتوقف أكبر تكية طعام في القطاع، جراء الإغلاق الإسرائيلي التام للمعابر ومنع دخول مختلف أصناف المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية والإمدادات منذ سبعة أسابيع. وتعتبر التكايا التي افتتحتها المؤسسات الخيرية والمبادرات الشبابية والمجتمعية، والتي توصد أبوابها بشكل يومي بفعل شح الإمكانيات من أبرز مصادر أهالي قطاع غزة للحصول على الطعام خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل، في ظل الواقع الاقتصادي المتردي واعتماد الغالبية العظمى على المساعدات والمعونات الإنسانية.

ويعود إغلاق التكايا إلى مجموعة أسباب، في مقدمتها الحصار المفروض على قطاع غزة منذ بدء الحرب، واشتداد الحصار في الثاني من مارس/ آذار الماضي، حيث منع وصول العديد من المواد الأساسية، بما في ذلك المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية. وأثر الإغلاق بشكل مباشر على قدرة التكايا على تقديم الوجبات المجانية للمحتاجين، حيث توقفت الإمدادات الغذائية، كما أن القدرة على شراء المواد الأساسية أصبحت شبه معدومة بفعل النقص الحاد في الأسواق، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه.

ويعتبر النزوح من أبرز العوامل التي تزيد من اعتماد الفلسطينيين على تكايا الطعام، خاصة بعد أن فقدوا بيوتهم بكل ما فيها من إمكانيات خاصة بالطهي وتجهيز الطعام، وقد باتوا في حاجة ماسة إلى الدعم الغذائي والمساعدات العاجلة، فيما توقفت العديد من التكايا عن العمل جراء التدمير، أو نفاد المخزون.

ويعيش سكان غزة في ظروف اقتصادية صعبة، وسط تضاعف معدلات الفقر والبطالة، حيث أفادت الإحصائيات الأخيرة بوصول نسبة الفقر إلى 100%، وهو ما سبّب إعتماد غالبية الفلسطينيين على المساعدات الإنسانية المقطوعة، وعلى تكايا الطعام موصدة الأبواب. ويترك توقف التكايا عن العمل العديد من العائلات والنازحين في وضع كارثي، بدون وجود مأوى أو طعام كاف، حيث يواجه الناس خطر المجاعة وسوء التغذية، خاصة في ظل توقف العديد من المنظمات الإنسانية عن تقديم المساعدات الإغاثية والمادية والغذائية. 

اعتماد كامل على التكايا في غزة

وتأثرت أسرة الفلسطيني سعدي مصطفى (53عاماً) بفعل إغلاق التكية القريبة من مخيم النزوح في شارع الجلاء وسط مدينة غزة، حيث كانت تعتمد عليها بشكل أساسي في توفير الوجبة الرئيسية في ظل نفاد أصناف الطعام من الأسواق، أو الغلاء الشديد في أسعار الكميات القليلة المتوفرة. ويوضح مصطفى لـ "العربي الجديد" أنه وعلى الرغم من الكميات والأصناف المحدودة للطعام الذي تقدمه التكايا، كانت المصدر الوحيد في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، خاصة بعد فقدانه بقالته التي جُرفت خلال اجتياح منطقة المقوسي بداية الحرب.

ويبيّن أن الأزمات التي يواجهها المدنيون تتزايد بشكل يومي منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع، إلا أن توقف المساعدات الإنسانية وإغلاق التكايا كان الأشد قسوة، حيث بات يمس أهم الاحتياجات اليومية للفلسطينيين.

ويرى البائع المتجول سيد أبو محارب (37 عاماً) أن الأطفال هي الفئة الأكثر تضرراً من وقف المساعدات وتتويج الأزمة بإغلاق التكايا، حيث تزيد الأزمة من تعرضهم للجوع وسوء التغذية، بعد فترة كبيرة من الحرمان من أصناف الطعام المتنوع. ويضيف أبو محارب وهو أب لأربعة أطفال، أنه ترك منزله في حي الشجاعية بفعل أوامر الإخلاء في ظل ظروف معيشية صعبة، وقد بات يعتمد على التكية بشكل أساسي لتوفير الطعام، بينما يعتمد على عمله البسيط في بيع غزل البنات لتوفير باقي المتطلبات الأساسية لأسرته.

ويشعر أبو محارب بأنه "محاصر داخل الحصار"، حيث تشتد تأثيراته يوماً تلو الآخر لدرجة أنه وصل إلى حد أهم الاحتياجات اليومية، ويقول "التكايا لا يمكنها أن تحل مختلف الأزمات التي نواجهها منذ بداية الحرب، لكنها كانت تخفف جزءاً يسيراً منها". 

أسباب الإغلاق

ويوضح المتطوع الفلسطيني أدهم كالي أنه اضطر إلى إغلاق التكية التي أسسها برفقة عدد من أصدقائه بمبادرة شخصية لتوفير الطعام للأسر النازحة في أحد المخيمات القريبة وغير المدعومة من المؤسسات الدولية أو أي جهة أخرى. وكانت التكية تعتمد في توفير المواد الخام على المساهمات الفردية، وبعض التدخلات البسيطة من المؤسسات، إلا أن القائمين عليها أغلقوها بسبب النقص الحاد في المواد الغذائية، إلى جانب الغلاء الشديد في أسعار المواد اللازمة للعمل.

ويشير كالي لـ "العربي الجديد" إلى أن التكية كانت نقطة لإعانة المحتاجين، خاصة العائلات التي فقدت منازلها بسبب القصف، وكانت تعمل في ظروف أمنية واقتصادية صعبة للغاية، إلى أن أجبرت على إغلاق أبوابها في وجه الجوعى. ويعكس توقف التكايا عن تقديم خدماتها أزمة إنسانية كبيرة، كما أنه يضاعف من الأزمة الاقتصادية، حيث كانت تساهم في توزيع بعض الموارد الغذائية والإنسانية التي يمكن أن تخفف من العبء الاقتصادي على الأسر الفقيرة والنازحة.

المساهمون