غاز الطهو يتحول إلى معركة سياسية في أميركا

غاز الطهو يتحول إلى معركة سياسية في أميركا

03 يونيو 2021
مدينة دالاس في تكساس من أكبر المعارضين لإجراءات بايدن البيئية
+ الخط -

تتحول قضية غاز الطبخ والتدفئة في الولايات المتحدة من معركة بيئية واقتصادية بسرعة إلى معركة سياسية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وكذلك إلى معركة تجارية بين شركات إنتاج الكهرباء وشركات شبكات الغاز الطبيعي في البلاد التي يدعمها لوبي شركات الطاقة الكبرى في الولايات المتحدة.

وحتى الآن تحتدم المعركة بين المدن والولايات، وتنقسم بشأن إجراءات التحول الاستراتيجي في الوقود حسب لونها السياسي. وبينما تعارض المدن التي يديرها حكام من الحزب الجمهوري خطة الرئيس جو بايدن الرامية لحظر استخدام الوقود الأحفوري في التدفئة بالمساكن الجديدة أو على الأقل خفض استخداماته، يؤيد حكام الولايات التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الإجراءات البيئية الجديدة ويرونها ضرورية لمستقبل خفض انبعاثات الغازات الملوثة للبيئة.
وتعطي المعارضة الشرسة بالعديد من الولايات الأميركية لإجراءات التحول من الغاز الطبيعي إلى الكهرباء، مؤشراً إلى الصعوبات التي تعترض سياسات بايدن البيئية التي ينوي تنفيذها ضمن استراتيجية تحديث البنية التحتية في الولايات المتحدة ومستقبل الاستثمار في الطاقة النظيفة.

 47% من المنازل الأميركية تستخدم الغاز الطبيعي في الوقود مقابل 36% تستخدم الكهرباء

وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن بعض المدن الأميركية شرعت في تنفيذ إجراءات لتقليل استخدام الوقود الأحفوري في التدفئة والطبخ بالمنازل الجديدة، لكن حتى هذه الولايات الديمقراطية تواجه معارضة من قطاع المطاعم وصعوبات في كيفية التعامل مع كلف التحول إلى الكهرباء ومستوى الدعم المقدم من البلديات لأصحاب الأعمال التجارية والمساكن.
ومن بين المدن الكبرى التي شرعت في تنفيذ الإجراءات البيئية الجديدة مدن نيويورك وسان فرانسيسكو وسياتل ودينفر، وهذه المدن يديرها حكام من الحزب الديمقراطي.

وفي المقابل، فإن هنالك أكثر من 13 ولاية كبرى تعارض إجراءات التحول إلى جانب الولايات المنتجة للطاقة، من بينها تكساس وأريزونا وأوكلاهوما وكنساس وتينسي ولويزيانا.

وحسب تقرير "وول ستريت جورنال"، تعتبر هذه الولايات أن الإجراءات البيئية غير شرعية ومتعسفة، كما أنها مكلفة اقتصادياً في البناء وبالنسبة للسكان.

ويجد سكان الولايات المتحدة أن الغاز أداة رخيصة، وبالتالي يستخدم بكثافة في المنازل. وحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإن الولايات المتحدة استهلكت نحو 30.5 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي في العام 2020، وأن قرابة نصف المساكن الأميركية تستخدم الغاز الطبيعي في التدفئة والطبخ وتسخين المياه وتشغيل الأدوات المنزلية من الغسالات والمنظفات.
وتشير بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية إلى أن نسبة 47% من المنازل الأميركية تستخدم الغاز الطبيعي في الوقود مقابل 36% تستخدم الكهرباء.
وتجد العائلات الأميركية أن الغاز الطبيعي أرخص من الكهرباء، كما تتخوف في الوقت ذاته من كلفة تغيير نظم التدفئة والطبخ من الغاز إلى الكهرباء.

وربما سيكون هذا العامل واحداً من العقبات الكبرى التي ستقابل استراتيجية بايدن للتحول من الوقود الأحفوري في المنازل والبنايات التجارية إلى الكهرباء. وهنالك تساؤلات حول من سيدفع كلفة التحول، هل الحكومة الأميركية أم أصحاب المساكن والبنايات.

وتشير صحيفة واشنطن بوست، في تقرير، إلى أن بعض البلديات عرضت خططاً للتعويض، ولكنها لن تكون مجزية وربما لن تكون مقنعة للعديد من السكان.

شركات الغاز الطبيعي والشركات المشغلة لشبكات الغاز بالمدن من أكبر المعارضين، وتدعمها شركات المطاعم وأصحاب المنازل وبعض البنايات التجارية

من جانبها، ترى وكالة حماية البيئة الأميركية أن بنايات المساكن والأعمال التجارية تساهم بنسبة 31% من الغازات الملوثة للبيئة، وأن خفض هذه النسبة بات ضرورياً خلال العقود المقبلة، ولذلك تنصح باستخدام الكهرباء في المباني الجديدة.
وفي هذا الشأن، تقول مديرة منظمة خفض غازات الكربون بالمبني بولاية كاليفورنيا باناما بارثولومي إن "المنظمة تعمل على خفض الغازات الملوثة في المباني السكنية والتجارية بنسبة 40% بحلول العام 2030". وأضافت أن المنظمة تتبنى إجراءات بيئية جديدة في تصميم المباني الجديدة وستصبح تشريعاتها ملزمة خلال السنوات المقبلة.
وتعد شركات الغاز الطبيعي والشركات المشغلة لشبكات الغاز بالمدن أكبر المعارضين، وتدعمها في ذلك شركات المطاعم وأصحاب المنازل وبعض البنايات التجارية حتى في الولايات الديمقراطية.

  وتجد شركات الغاز الصخري، التي تعتمد على الاستهلاك المحلي للغاز أكثر من التصدير، نفسها في موقف حرج في حال تطبيق الإجراءات الجديدة، إذ إنها ستخسر حصة كبيرة من سوق الغاز الأميركي لصالح منافساتها شركات الكهرباء.
ويلاحظ خبراء أن هذه الشركات ربما لن تتمكن من تعويض حصة الغاز التي ستفقدها في السوق المحلي، إذ تواجه صعوبة في المنافسة الخارجية، خاصة في أسواق رئيسية مثل أوروبا وآسيا، حيث إن كلف استخراج وتصدير الغاز الصخري الأميركي ترتفع مقارنة بالغاز الروسي. كما أنها تواجه منافسة الغاز الأسترالي والقطري في السوق الآسيوي الذي تنخفض كلفة استخراجه مقارنة بالأميركي.
ويذكر أن معركة الحد من استخدامات الغاز الطبيعي في المساكن بدأت في مدينة بيركلي بولاية كاليفورنيا في العام 2019، ولكنها سرعان ما انتشرت في أعقاب انتصار الحزب الديمقراطي وصعود الرئيس جو بايدن للحكم.

ولا يستبعد خبراء أن تصبح خطة التحول من الغاز إلى الكهرباء واحدة من العقبات الرئيسية لنواب الحزب الديمقراطي في العديد من الولايات الأميركية خلال انتخابات الكونغرس في العام المقبل.