استمع إلى الملخص
- يبلغ عدد المستفيدين من دعم الوقود 673,162 مواطنًا، حيث يحصل كل منهم على دعم 400 لتر شهريًا بسعر 180 بيسة/لتر، مع تحديد معايير الاستفادة مثل العمر والدخل الشهري.
- يقترح الخبير الاقتصادي مصطفى يوسف التحول إلى الدعم النقدي المباشر كبديل أكثر فعالية، لكنه يحذر من أن التعويض النقدي قد لا يكون كافيًا لبعض الأسر الفقيرة.
تؤشر التغيرات المتوقعة في سياسة دعم الوقود بسلطنة عُمان لعام 2025 إلى تأثير مباشر على تكاليف المعيشة اليومية للعُمانيين، خاصة ذوي الدخل المحدود، إذ يعتمد الكثير منهم على الدعم الحكومي لتخفيف الأعباء المالية المرتبطة بأسعار الوقود، والتي تؤثر بدورها على أسعار السلع والخدمات الأخرى.
وتعود تلك التوقعات إلى انخفاض مخصصات دعم الوقود في سلطنة عُمان خلال عام 2024 بنسبة 10%، حسب بيانات رسمية، وسط مساعٍ حكومية لترشيد النفقات وتقليص عجز الموازنة المتوقع تسجيله 640 مليون ريال (1.66 مليار دولار) خلال العام الجاري.
وفي هذا الإطار، خصص برنامج الحماية الاجتماعية، المعتمد بموازنة 2025، مبلغ 577 مليون ريال عُماني لدعم الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع، فيما توصي وكالة الطاقة الدولية بتحسين كفاءة استهلاك الطاقة في السلطنة من خلال برامج التوعية والتثقيف حول كيفية تحسين كفاءة الاستهلاك، بحيث يمكن للمواطنين تقليل فواتيرهم الشهرية.
ويبلغ إجمالي المسجلين المستفيدين من دعم الوقود في سلطنة عُمان 673 ألفًا و162 مواطنًا، وبذلك يتلقى المواطن دعمًا بنحو 400 لتر شهريًا، بقيمة 180 بيسة/لتر، وفقًا لما نشره الموقع الإلكتروني لنظام الدعم الوطني.
وتضع الحكومة العُمانية معايير لاستفادة المواطن من حزمة الدعم المخصصة للوقود، بحيث تُمنح لمن يتجاوز عمره 18 عامًا، ويمتلك مركبة أو قارب صيد، ولا يتجاوز دخله الشهري 950 ريالًا (2500 دولار)، إذ يقتصر الدعم المخصص للوقود على بنزين "أوكتان 91".
وتُقدم ثلاث شركات تسويق خدمات دعم الوقود في سلطنة عُمان، وهي: "المها، والنفط العُمانية، وشل"، وحدّد نظام الدعم شركة واحدة فقط للاستفادة من الحصول على الخدمة، إذ لا يستطيع مقدّم الطلب الحصول على الخدمة من الشركات الثلاث.
تكاليف المعيشة في سلطنة عُمان
يؤكد الخبير الاقتصادي، حسام عايش، لـ "العربي الجديد"، أن سياسات دعم الوقود تؤثر على تكاليف المعيشة بشكل كبير في مختلف البلدان، وأن استمرار الحكومة العُمانية في توفير مخصصات دعم الوقود للمواطنين يساهم في ضبط الأسعار وتخفيف الأعباء عنهم.
كما يساهم دعم الوقود في تقديم حماية إضافية، خاصة لأصحاب الدخول المنخفضة والمحدودة، والطبقات الأقل دخلاً التي تعاني من أشكال قريبة من الفقر، بحسب عايش، مشيرا إلى أن الحكومة العُمانية تقدم برامج اجتماعية مختلفة من خلال دعم قطاعات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، إضافة إلى منظومة حماية تدعم قدرات وإمكانات ذوي الدخل المحدود.
وإزاء ذلك، يمثل تقليل الدعم إشكالية من شأنها أن تؤدي إلى مشكلات في القدرة على التكيف لدى الكثير من الفئات محدودة الدخل.
حسب عايش، تستدعي الحكومة العُمانية تحديد شرائح الدخل التي يمكن لها الاستفادة من أشكال الدعم، التي يؤكد الخبير الاقتصادي أنها يجب ألا تكون مستدامة، وإنما يجب تحسين معدلات دخل هذه الفئات تدريجيا، مع التركيز ضمن استراتيجية عُمانية لتحسين دخل وقدرات وإمكانات هذه الفئات معيشياً ونقدياً ووظيفياً من خلال فرص عمل مختلفة.
وهنا يلفت عايش إلى أن المجتمع العُماني يتميز بتركيبة اجتماعية واقتصادية ومعيشية تختلف عن بعض الدول الخليجية الأخرى، واصفا إياه بأنه مجتمع متطور يعتمد على إمكاناته وقدراته بالأساس، مما يستدعي وضع خطط وبرامج تختلف عن تلك التي تعتمدها دول خليجية أخرى كالسعودية، والإمارات، وقطر، والكويت.
ويلفت عايش إلى أن الدعم يمثل أحد الأسباب التي تؤدي إلى مزيد من العجز في الموازنة العُمانية، مما يدفع الحكومة للاستدانة، مشيرا إلى أن الدين العام يقدر بحوالي 14.4 مليار ريال.
الدعم النقدي
في السياق، يشير الخبير الاقتصادي، مصطفى يوسف، لـ "العربي الجديد"، إلى أن تغيير سياسة الدعم في سلطنة عُمان من شأنه أن ينعكس بشكل مباشر على خفض جودة مستوى المعيشة، خاصة للأفراد ذوي الدخل المحدود، فدعم الوقود، على سبيل المثال، يؤثر بشكل يومي على تكاليف الحياة، بما في ذلك التدفئة والتبريد والتنقل، كما أنه يساهم في زيادة أسعار بعض السلع، مشيرا إلى أن حكومة السلطنة يمكن لها التحول إلى الدعم النقدي المباشر إذا ما أرادت تخفيض دعم الوقود، بحيث تستفيد منه الفئات المستحقة فقط.
وفي حالة إلغاء دعم الوقود وزيادة أسعاره بنسبة 30%، فإن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الطاقة والمحروقات للأسر العُمانية، وهنا يلفت يوسف إلى أن تعويض هذه التكاليف من خلال الدعم النقدي المباشر ربما يكون غير كافٍ، إذ ستكون بعض الأسر الفقيرة بحاجة إلى تعويض إضافي.
ويرى يوسف أن هذا النوع من الدعم النقدي يساعد على تخفيف الأعباء الناتجة عن ارتفاع أسعار الوقود، وهو أكثر فعالية من الدعم العيني، الذي يستفيد منه أفراد غير مستحقين غالبا.
وفي المقابل، يشير يوسف إلى أن الدعم العيني له بعض المزايا، خاصة في دعم الصادرات والسياحة، فعندما تكون تكلفة المعيشة منخفضة بسبب دعم السلع الأساسية مثل الوقود، فإن ذلك يجذب السياح ويشجع المستثمرين على فتح مصانع جديدة في السلطنة، ما يعني أن هذا النوع من الدعم قد يساعد على تحقيق توازن مع الفوائد غير المباشرة الناتجة عن انخفاض أسعار الطاقة. لكن يظل تقليل الدعم إحدى الأدوات الرئيسية لخفض عجز الموازنة في السلطنة، حسبما يرى يوسف.