عيد الحب في حلب السورية... راتب يوم كامل لشراء وردة حمراء

عيد الحب في حلب السورية... ثمن الوردة الحمراء يلتهم راتب عامل ليوم كامل

15 فبراير 2021
راتب العامل اليومي 3000 ليرة بينما سعر الوردة الحمراء 3500 (فرانس برس)
+ الخط -

اضطر الشاب السوري الثلاثيني هشام للعمل طيلة النهار، لعل أجره اليومي يكفيه لشراء وردة حمراء لخطيبته في عيد الحب.

يبلغ راتب هشام اليومي 3000 ليرة سورية، وسعر الوردة الحمراء 3500 ليرة؛ أي أن ثمن الوردة "البخس" في معظم دول العالم لا ينسحب على سورية، ما يجعل مجرّد شراء وردة حمراء في عيد الحب في حلب، شمالي البلاد، ليس بالأمر السهل.

يقول هشام لـ"العربي الجديد": "في البداية استبعدتُ فكرة شراء هديّة بشكلٍ كامل، لأن أرخص هديّة ثمنها نحو 100 ألف ليرة سورية، وهذا يعادل راتبي لـ25 يوماً".

كانت فكرة هشام تقوم على التقشّف في المناسبات العامة وفي إنفاق الأموال من أجل التسريع في زفافه، فالثلاثيني بات "عملة نادرة" في مدينة حلب، التي ينقسم الذكور فيها إمّا لكبار السن فوق 42 عاماً ممّن تجاوزوا سن السحب للخدمة العسكرية، أو صغار السن تحت 18 عاماً، أما فئة الشباب بين 18 و42 عاماً، وهي الفئة الأكثر قابلية للارتباط والحب والزواج، فمعظمهم إمّا سافر خارج البلاد أو ما زال طالباً جامعياً لا دخل له.

في نهاية المطاف، وجد هشام لنفسه فرصةً لإقناع خطيبته بأن الوردة الحمراء مع كوب من القهوة في أحد المقاهي الشعبية تكفي، لأن هذه التضحية في سبيل زواجهما.

بينما يحلُّ عيد الحب حول العالم بتبادل الورود الحمراء والهدايا الفاخرة واللحظات الرومانسية، يجد العشّاق في مدينة حلب هذه الإجراءات الروتينية ثقيلةً من الناحية الاقتصادية عليهم، فلا الورود الحمراء رخيصة الثمن، ولا الهدايا المختلفة في المتناول.

على واجهات المحال التجارية، التي تبيع الألعاب والزينة والهدايا في حي الفرقان الفاخر، تتكدّس الألوان الحمراء في كل مكان، من الورود إلى الدببة الحمراء إلى الألبسة النسائية الداخلية والخارجية التي تحمل اللون نفسه.

البعض من هذه المحال قرّر استخدام طرقٍ متعدّدة لجذب الزبائن، وهو ما اتجه إليه محمود، أحد بائعي الهدايا في حي الفرقان الذي قال: "أعمل في هذه المهنة منذ 14 عاماً، وألاحظ أنّ الإقبال في السنوات الأخيرة على هذه السلع الكمالية يتضائل يوماً بعد الآخر، فمعظم الناس باتوا غارقين في محاولة تأمين احتياجاتهم الأساسية من مياه وكهرباء وأطعمة وألبسة أساسية"، لافتًا إلى أن هذا العام كان الإقبال فيه "هو الأضعف".

يشرح محمود لـ"العربي الجديد": "في عيد الحب قبل الماضي كان سعر الدولار 500 ليرة، وفي عيد الحب الماضي كان سعره 1500 ليرة، والآن سعر الدولار الواحد 3300 ليرة، وهذا الانخفاض في العملة المحلية يقابلة تضاعف في أسعار الهدايا، بينما تبقى رواتب الناس كما هي".

كانت فكرة محمود تنطوي على تقديم عروض لتشجيع من لديهم أموالاً على الشراء، عبر تجميع هدايا مزدوجة للذكور والإناث، بحيث يسمح هذا الأمر لطرفي العلاقة الغرامية بالتشارك في هدية واحدة مزدوجة يستفيد منها كلا الطرفين.

ولاقت فكرة محمود استحساناً واسعاً، حيث أدّت لجعل متجره الأكثر ازدحاماً في المدينة، إذ إن فكرته تؤدّي إلى دمج هديتين في هدية واحدة، وبالتالي تقليص المبلغ إلى النصف.

إحدى الأفكار التي ابتكرها بائعٌ آخر، رفض الكشف عن اسمه، تقوم بكل بساطة على بيع ورود حمراء مصنوعة من الورق، سعرها 600 ليرة، ومعها هدية عبارة عن بخّها بعطر الورد الثقيل حتى تكتسب تلك الأوراق الحمراء مزايا الوردة الحقيقية، وبذلك يصبح الجميع قادرين على شراء الوردة.