عودة مكلفة إلى المغرب: حجر وتذاكر باهظة للسفر يثيران سخط المغتربين

عودة مكلفة إلى المغرب: حجر فندقي وتذاكر باهظة للسفر يثيران سخط المغتربين

10 يونيو 2021
قيود كورونا تسببت في عدم قدرة ملايين المغتربين على السفر للمغرب العام الماضي (فرانس برس)
+ الخط -

أضحت تكاليف السفر إلى المغرب مقلقة، خاصة بالنسبة للمغتربين الذين قرروا العودة نهائياً أو زيارة ذويهم خلال عطلة الصيف بعد استئناف الرحلات الجوية والبحرية إلى المملكة، حيث قررت السلطات إخضاع جميع القادمين من عشرات الدول إلى حجر فندقي بخلاف إجراءات احترازية أخرى تتطلب نفقات مالية تضاف إلى أسعار باهظة للسفر أثارت حالة من السخط في أوساط المغتربين.

ويتوجب على القادمين من 74 دولة تم وضعها ضمن لائحة تعرف بالقائمة (ب) بعد استئناف الرحلات الجوية معها، اعتبارا من 15 يونيو/ حزيران الجاري، استصدار تراخيص استثنائية من السفارات أو القنصليات المغربية قبل السفر، وإبراز اختبار PCR سالب يعود تاريخ إجرائه لأقل من 48 ساعة من الوصول إلى المملكة، وتقديم ما يثبت إجراء حجز فندقي لمدة 10 أيام.

وتتضمن القائمة (ب) دولا مثل الجزائر، والأرجنتين، البحرين، البرازيل، الإمارات العربية المتحدة، الكويت، عُمان، وقطر، جنوب أفريقيا، أوكرانيا، فنزويلا. ووضعت السلطات المغربية تصنيفا آخر للكثير من الدول باسم القائمة (أ)، لكن القادمين منها يخضعون لشروط أيسر خاصة إذا كانوا حاصلين على شهادة التلقيح أو على نتيجة سالبة لاختبار PCR يعود لأقل من 48 ساعة.

ويقول مواطنون وعاملون في القطاع السياحي والفندقي إن الاشتراطات التي وضعتها السلطات لعشرات الدول في القائمة (ب) سترفع حتما من تكاليف السفر إلى المغرب، بينما واجه الكثير من المغتربين بالأساس منذ بدء جائحة كورونا ضغوطاً مالية في مواطن عملهم بدول الاغتراب.

رغم الاعلان عن تخفيف قيود العودة لم يتم الكشف بعد عن الأسعار التي ستطبقها الفنادق بالنسبة لمن سيخضعون للحجر الصحي

ويقر لحسن زلماط، رئيس الفيدرالية الوطنية للصناعات الفندقية، بأن المدة التي قررت الدولة إخضاع القادمين خلالها للحجر الفندقي طويلة، وكان يمكن خفضها في أحسن الحالات لثلاثة أيام بعد الخضول لاختبار الخلو من فيروس كورونا.

ولم يتم الكشف بعد عن الأسعار التي ستطبقها الفنادق بالنسبة لمن سيخضعون للحجر، غير أن زلماط يرى، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الفنادق التي سيقيم فيها الخاضعون للحجر الصحي ستعتمد أسعاراً منخفضة مقارنة بتلك المعمول بها، خاصة أن الطلب على الفنادق خلال هذه الفترة ما زال دون المستوى المأمول.

لكنه يؤكد أنه مهما كان السعر الذي سيُعتمد، فسيكون مرتفعا بالنسبة للكثير من الأشخاص، خاصة من المغتربين الذين يأتون من أجل زيارة بلدهم وقضاء العطلة مع أسرهم، حيث سيكون ذلك مكلفا لهم، خاصة أن العديد من المغتربين تراجعت إيراداتهم في بلدان الاغتراب.

بدوره، يرجح حميد بن الطاهر، رئيس المجلس الجهوي للسياحة في منطقة "مراكش - آسفي" ونائب رئيس فنادق سوفتيل المغرب، في تصريح خاص، أن تكون السلطات المختصة قد تفاوضت مع عدد من الفنادق من أجل تحديد أسعار إقامة العائدين الذين سيخضعون للحجر الفندقي.

وأثار القرار المغربي بإخضاع العائدين من عشرات الدول المدرجة في ما تعرف باللائحة "ب"، للحجر الفندقي، جدلاً واسعاً، خاصة إذا ما كان القادمون قد حصلوا بالفعل على لقاحات مضادة لكورونا.

ويؤكد أمين التوس، المسؤول في أحد الفنادق الكبرى، أنه إذا ما قضى الشخص الحجر في فندق ثلاثة نجوم، فسيكلفه ذلك حوالي 35 دولاراً لليلة الواحدة، وقد يكون أقل من ذلك السقف في ظل الحديث عن اعتماد أسعار متفاوض حولها من قبل السلطات المغربية، لكن في حال اعتماد فنادق من فئة خمسة نجوم، فإن ذلك قد يكلف أسعارا مختلفة، لا سيما أن أسعارها في الفترات العادية تبدأ من 100 دولار لليلة الواحدة.

كلفة الحجر في الفنادق ستضاف للمصاريف الأخرى التي سيتحملها الوافدون للمغرب، خاصة في ظل ما لاحظه من ارتفاع أسعار تذاكر الرحلات على متن الطائرات أو البواخر في الفترة الأخيرة

بدوره، يقول فوزي الزمزاني، نائب رئيس الفيدرالية الوطنية للسياحة: "ما الغاية من فرض الحجر الصحي بالنسبة للأشخاص الذين يتوفرون على شهادة التلقيح ويخضعون لاختبارات كورونا قبل 48 ساعة من حلولهم بالمغرب؟ كان يمكن ترك الخيار للقادمين بين الخضوع لاختبارات كورونا أو الخضوع للحجر".

ويقول الزمزاني إن لائحة الفنادق التي ستستقبل الأشخاص الذين يخضعون للحجر عند حلولهم بالمملكة كانت قد وضعت منذ العام الماضي، وتلك اللائحة تضم فنادق من فئة ثلاثة نجوم.

وبينما يعبر فوزي الزمزاني عن تفهمه للقرار المغربي بفرض حجر على القادمين، معتبرا أن اعتماد عشرة أيام يأخذ بعين الاعتبار الفترة التي تظهر فيها أعراض الفيروس عند الشخص، رغم القيام باختبارات كورونا، يشير لحسن زلماط، رئيس الفيدرالية الوطنية للصناعات الفندقية، إلى وجود مخاوف من أن تدفع مدة الحجر المفروضة إلى حث المغتربين على تغيير وجهتهم إلى بلدان أخرى تضع شروطاً مخففة للسفر إليها.

ويرى زلماط أن كلفة الحجر في الفنادق ستضاف للمصاريف الأخرى التي سيتحملها الوافدون للمغرب، خاصة في ظل ما لاحظه من ارتفاع أسعار تذاكر الرحلات على متن الطائرات أو البواخر في الفترة الأخيرة. وفي ظل حالة السخط، أشارت مصادر إلى أنه يجري البحث بشأن حجر القادمين في إقامات غير فندقية.

ووصل عدد المغتربين الذين حلوا بالمملكة في صيف العام الماضي إلى حوالي 45 ألف شخص، بعد إغلاق الحدود جراء تفشي الجائحة، ما انعكس سلباً على الموسم السياحي، بينما كان عدد المغتربين الذين زاور المملكة في عام 2019 قد ناهز ثلاثة ملايين شخص، أغلبهم من أوروبا، من بين حوالي خمسة ملايين مغترب في مختلف أنحاء العالم.

وينتظر أن تنطلق عملية "مرحبا"، التي تنظمها السلطات المغربية من أجل تسهيل وصول المغتربين براً وبحراً، بين الخامس عشر من يونيو/ حزيران الجاري والخامس عشر من سبتمبر/ أيلول المقبل. وعلى غير العادة لن يعبر المغتربون المقيمون في أوروبا عبر إسبانيا من أجل الحلول بالمملكة، حيث يكتفى في العام الجاري بميناءي "سيت" في فرنسا و"جينوة" في إيطاليا.

وصرحت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج نزهة الوافي، أخيراً، بأن عدد المغتربين المنتظر زيارتهم للمملكة في الصيف سيكون مرتفعا بالنظر للرغبة التي عبروا عنها بالحلول بالمملكة.

عدد من المغتربين بدأوا يشتكون عبر وسائل التواصل الاجتماعي من ارتفاع أسعار التذاكر في الفترة الأخيرة، سواء تعلق الأمر بالشركات المغربية أو الشركات الأجنبية

غير أن عددا من المغتربين بدأوا يشتكون عبر وسائل التواصل الاجتماعي من ارتفاع أسعار التذاكر في الفترة الأخيرة، سواء تعلق الأمر بالشركات المغربية أو الشركات الأجنبية، التي عمدت إلى ذلك في ظل ارتفاع الطلب على السفر نحو المملكة.

وفي مقابل الانتقادات لطول فترة الحجر الصحي في الفنادق، يرى الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية الطيب حمضي أن الفترة التي اعتمدها المغرب للحجر تراعي مدة حضانة الفيروس ونسبة الخطر التي يراد تفاديها، مشيرا إلى أن بلدانا مثل فرنسا وبريطانيا حددت فترة الحجر على التوالي بـ10 و11 يوماً.

ويلفت الطيب إلى أنه في بداية انتشار الفيروس كانت فترة حضانته تدوم 14 يوماً، ما استدعى عبر العالم حجراً لهذه المدة، غير أنه اتضح بعد ذلك أن الحضانة تستغرق، حسب الدراسات العلمية، في المتوسط ما بين سبعة وثمانية أيام وقد تزيد في ظل السلالات المتطورة.

المساهمون