عودة إلى الطبيعة: رحلات للباحثين عن سحر الماضي

لطالما اجتذبت المناطق الأثرية والشواطئ والمتنزهات الشهيرة ومراكز التسوق، الكثير من السياح بمختلف شرائحهم حول العالم، لكن رحلات الحنين إلى الطبيعة، خاصة المناطق الريفية، كان لها حظ من الحضور بقوة في الفترة الأخيرة.

وأصبحت السياحة الريفية، مورداً أساسياً لتنمية الاقتصادية، بحسب المجلس العالمي للسياحة والسفر، وهو ما جعل العديد من الحكومات تلجأ إلى تنمية القرى النائية.

ولم تعد القرى الخلابة في أوروبا تطرح نفسها بقوة لاستقطاب أصحاب الميزانيات المحدودة، وإنما فرضت قرى ومناطق عربية نفسها بقوة على خريطة هذه النوعية من السياحة وباتت العديد من الوجهات مقصداً للزوار، إذ يسعى الكثير للبحث عن أماكن جديدة للاسترخاء، والتعرف على ثقافات وتقاليد مختلفة.

وفي العام الماضي 2022، جاءت كل من مدينة العلا السعودية، وأم قيس الأردنية ضمن قائمة الوجهات الريفية الأكثر شهرة، فيما جاءت بقاع خضراء خلابة في إسبانيا وجورجيا في صدارة الاهتمامات.

إن كنتم تبحثون عن أماكن مختلفة، تعيدكم إلى العصور الوسطى، أو حتى تأخذكم برحلة عبر التاريخ، فإن هذه الوجهات الأفضل للعام 2023، إن لناحية جمال المناطق وكرم ضيافة أهلها، أو لناحية التكلفة المادية البسيطة، والتي تراعي أصحاب الميزانيات المحدودة.

السحر الإسباني

تشكل منطقة غوادالوبي، واحدة من أبرز القرى الريفية التي حازت جوائز عديدة في السنوات الماضية. تتميز بكونها قرية تاريخية ذات شوارع مرصوفة بالحصى وهندسة معمارية تقليدية، بما في ذلك المباني التراثية مثل الدير الملكي وهو أحد مواقع التراث العالمي ليونسكو. تتمتع القرية بموقع جيد لاستكشاف البلدات والقرى الأخرى التي يعود تاريخها للقرون الوسطى.

تعد القرية، نموذجاً رائعاً للمأكولات الريفية الأوروبية. تميل الأطباق المحلية إلى أن تكون بسيطة، وتحتوي على مكونات عالية الجودة، لها علاقة بالهوية والتراث الإسبانيين.

كما تشتهر بكونها واحدة من أكثر المناطق في أوروبا شهرة في صناعة النحاس، وهي تقنية موروثة ربما نشأت مع عمل رهبان هيرونيميت في الدير في العصور الوسطى. وتم تناقل هذا الفن عبر الأجيال، مع استمرار صنع الأباريق والمزيد من القطع الزخرفية مثل المجوهرات.

(Getty)

الفن الجورجي

لطالما اشتهرت جورجيا كأفضل وجهة سياحية، سواء في فصل الصيف، أو الشتاء. ففي أيام الحر، يمكن للسائح الاستمتاع بمياه الشواطئ، أما في فصل الشتاء، فإن سفوح الجبال تنتظركم للتزلج، وقضاء عطلة استثنائية.

وسط هذه الأجواء الرائعة، فإن السياحة الريفية، تعد أساساً في التنمية الاقتصادية في جورجيا، حيث تتربع قرية ميستيا الواقعة على بعد 456 كيلومترا من العاصمة تبليسي وعلى ارتفاع 1500 متر فوق مستوى سطح البحر، على قائمة القرى الأكثر استقطاباً للسياح، والأكثر محاكاة لنموذج الحياة القروية الأوروبية. إنها نقطة البداية لمعظم الرحلات إلى مدينة سفانيتي، مع مجموعة من الفنادق ودور الضيافة وخدمات السفر المحلية، وتشكل قاعدة مناسبة لاستكشاف المنطقة. ومن وسط ميستيا، يمكن التنزه صعودًا إلى الأنهار الجليدية عند سفح جبل أوشبا، أو اصطحاب الخيول إلى مروج جبال الألب البكر.

(Getty)

العبق السعودي

في منطقة الخليج، حصدت مدينة العلا السعودية، جائزة واحدة من أفضل 32 قرية ريفية في العالم. كانت مدينة العلا القديمة ذات يوم مستوطنة مهمة على طول طريق الحج من دمشق إلى مكة المكرمة. وأعيد افتتاحها بعد إعادة تشييد البنى التحتية الخاصة بها، فيما حافظت السلطات على طابعها القديم، من أجل السماح للمسافرين والسياح، التجول في بقاياها التي تشبه المتاهة من المباني الحجرية والطوب الطيني الأصلي.

زيارة العلا، تعني أن يقصد الزائر منطقة الحجر، وهو أول تراث عالمي لليونسكو في المملكة العربية السعودية. تم نسيانها عمليا من قبل الجميع باستثناء البدو لما يقرب من 2000 عام. هذه المنطقة، التي تبلغ مساحتها 52 هكتاراً هي أرض العجائب الأثرية، وتشتهر بمقابرها النبطية المحفوظة التي يعود تاريخها إلى القرن الأول قبل الميلاد بواجهات مزخرفة منحوتة في تشكيلات صخرية عارية، يطلقون عليها لقب متحف في الهواء الطلق.

(Getty)

التراث الأردني

في الركن الشمالي الغربي من الأردن، في التلال فوق وادي الأردن، توجد أنقاض مدينة ديكابولس، والتي تعرف حالياً باسم أم قيس في محافظ إربد شمال المملكة. حازت المنطقة جائزة أفضل قرية في عام 2022.

كانت المدينة القديمة، ذات شهرة واسعة على طريق التجارة، واستوطنها العديد من الشعوب على مر التاريخ. لكن أكثر ما يجعل الموقع جمالاً، وجود الآثار الرومانية التي باتت تشكل هوية المنطقة. شكلت تلال أم قيس، مركزاً ثقافياً لافتاً، حيث استقطبت في العصور القديمة مئات الشعراء، والفنانين، وكان يطلق عليها اسم" أثينا الجديدة".

يمكن للزوار الاستمتاع بالمناظر الخلابة، وتناول العشاء التقليدي، وذات الطبيعة الريفية على شرفة مطعم رائع مع إطلالة خلابة، حتى أن المطاعم في تلك المنطقة، تقدم العديد من الفقرات الفنية الترفيهية، التي تحاكي تاريخ الأردن، وثقافته وهويته العربيتين.

(فرانس برس)