استمع إلى الملخص
- تتبع الإدارة نهجًا قمعيًا يتعارض مع القوانين الرئاسية بشأن الحد الأدنى للأجور، مما أدى إلى إضرابات واحتجاجات من العمال، لكن الإدارة لجأت للقمع بدلًا من الاستجابة.
- تأسست الشركة عام 1974 وتضم أقل من 600 عامل، وتعاني من تراجع في عدد العمال وتعطل الماكينات، مع متوسط أجور 3500 جنيه، وهو أقل من الحد الأدنى المقرر.
عادت الأزمات تلاحق عمال شركة وبريات سمنود للملابس، المصرية، بعد تأخر صرف مرتبات العمال عن شهر مارس/آذار الماضي، ولجوء إدارة الشركة لتهديد العمال بالتنكيل بهم، حسب وصفهم. ونقلت دار الخدمات النقابية والعمالية عن عمال شركة وبريات سمنود أنه "في ظل الإدارة الحالية، التي اتخذت من التنكيل بالعمال منهجًا، ومن التهديد والترويع وسيلة لإخماد أي صوت يطالب بحقوقه. وبدلًا من احترام القانون وتطبيق الحد الأدنى للأجور المقرر بـ7 آلاف جنيه (نحو 136 دولارا)، لا تسمح هذه الإدارة للعمال حتى بالمطالبة بمستحقاتهم المالية، وترد على مطالبهم بالعقاب، واحتجازهم لما بعد ساعات العمل دون مقابل".
وقال العمال للدار إن "أزمة جديدة لاحقت العمال حين أوقف العمال والعاملات العمل لنحو نصف ساعة فقط، للمطالبة بباقي أجر شهر مارس/آذار الماضي، الذي لم يتسلموا منه سوى 80%، دون العلاوة الدورية. فجاء رد رئيس مجلس الإدارة تطاولًا لفظيًا، وخصمًا تعسفيًا من الأجور، وتهديدًا بالسجن والفصل، واحتجازًا قسريًا لما بعد ساعات العمل الرسمية".
وعلقت الدار في بيان لها على الأزمة المستجدة بأن "هذه الممارسات ليست جديدة، فقد تكررت الانتهاكات على مدار عام كامل في ظل هذه الإدارة التي تتبع مباشرة لوزيرة الاستثمار، وهي ذاتها التي تشغل منصب رئيسة المجلس القومي للأجور. وقد بلغت الأزمات ذروتها في سبتمبر/أيلول 2024 حين قامت الإدارة بالإبلاغ عن عشرة من العمال، وصدرت أوامر إلقاء قبض بحقهم، وسُجنوا في ظروف قاسية ومهينة لأكثر من أسبوعين فقط لأنهم طالبوا بتطبيق الحد الأدنى للأجر".
وتابعت الدار "لم تتوقف الممارسات الانتقامية عند هذا الحد، بل أقدمت الإدارة على فصل القيادي العمالي هشام البنا تعسفيًا، رغم صدور حكم ببراءته من التهم التي سبق أن وجهت إليه، ومنذ ذلك الحين يُصرف له نصف أجره الأساسي فقط، في مخالفة صارخة للقانون. وفي ظل كل هذه الانتهاكات، لا يزال أجر العاملين لا يتجاوز 3500 جنيه، رغم القرار الرئاسي الواضح، والكتاب الدوري الصادر عن المجلس الأعلى للأجور، الذي ألغى استثناء الشركات المتعثرة وألزم الجميع بتطبيق الحد الأدنى للأجر البالغ 7000 جنيه، لكن الإدارة تواصل التنصل من واجباتها، وتلجأ إلى القمع والخصم والاحتجاز بدلًا من احترام القانون".
ونقلت الدار أيضاً عن العمال أن "الفصل الأخير من فصول هذا الانحدار تجلى عندما تطاول رئيس مجلس الإدارة على العاملات بألفاظ نابية، وأمر باحتجازهن بعد ساعات العمل الرسمية دون مقابل، وخصم من أجورهن لمجرد توقف لخمس دقائق للمطالبة بباقي أجور مارس. بل وبلغ به الأمر أن أحال من طالب بالعلاوة الدورية إلى التحقيق، مُبتكرًا نظرية جديدة تقضي بضم العلاوة إلى الأجر المتغير لا الأساسي، في سابقة غير مسبوقة تتعارض مع كل الأعراف المعمول بها في القطاعين العام والخاص".
وأكدت دار الخدمات النقابية والعمالية أن "استمرار هذا النهج القمعي في شركة وبريات سمنود هو تحدٍ سافر للقانون ولأبسط معايير العدالة"، وطالبت وزيرة الاستثمار بـ"تحمل مسؤولياتها، ووقف هذه الممارسات فورًا، ومحاسبة الإدارة الحالية على تجاوزاتها"، كما أهابت بالحكومة "متابعة تطبيق الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص بشكل جاد، والوفاء بوعودها للعمال، الذين أصبحوا عاجزين عن توفير الحد الأدنى من احتياجات أسرهم".
وكان عمال شركة وبريات سمنود قد خاضوا إضرابًا عن العمل في أغسطس/آب من العام الماضي، استمر لمدة شهر كامل، للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور الذي كان يبلغ حينها ستة آلاف جنيه. إلا أن الإدارة لم تستجب إلا بزيادة قدرها 200 جنيه، متحججة بطلب استثناء من تطبيق القرار بحجة عدم تحقيقها أرباحا كافية.
وخلال الإضراب السابق، ألقي القبض على تسعة من العمال والعاملات، ووجهت إليهم النيابة اتهامات بـ"التحريض على الإضراب والتجمهر ومحاولة قلب نظام الحكم".
وبعد إخلاء سبيل العمال ووقفهم عن العمل بنحو شهر، أصدرت إدارة شركة وبريات سمنود منشورا استجابت فيه لمطالب عودة العمال الموقوفين عن العمل، فيما استثنت القيادي هشام البنا من القرار، متجاهلة في الوقت نفسه مطلب تطبيق قرار رئيس الجمهورية برفع الحد الأدنى للأجور. ثم في مارس/آذار الماضي، عاود عمال شركة "وبريات سمنود" الإضراب الرمزي لعدة ساعات احتجاجًا على نقض الإدارة وعودها السابقة بصرف العلاوة السنوية المتأخرة والاكتفاء بصرف راتب الشهر فقط.
وأفاد العمال بأنه "بدلًا من الاستجابة لمطالبهم، لجأت إلى الاتصال بالأمن الوطني، الذي أجبر العمال على العودة إلى العمل، في تجاهل صارخ لحقوقهم واستمرار لسياسة التهميش والإقصاء. يشار إلى أن شركة سمنود للنسيج والوبريات تأسست عام 1974 بمحافظة الغربية، وكانت تتبع آنذاك لشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة، حيث تساهم بنسبة 22% من رأسمالها، أما باقي الشركاء فهم مصر للتأمين وهيئة التأمينات الاجتماعية التي تملك وحدها 43% من الأسهم، وشركة مصر للصباغة بالمحلة وهيئة الأوقاف المصرية.
وكانت الشركة تضم ثلاثة مصانع، للملابس والنسيج وتجهيز ومصابغ، وفيها ماكينة جينز بطول 50 مترًا، تعطلت عن العمل منذ سنوات، وتقلص عدد العمال في الشركة من نحو ألفي عامل إلى أقل من 600، نصفهم من النساء، فعددهن يزيد عن 320 سيدة، يتميز أغلبهن بأنهن من العاملات على الماكينات. ويبلغ متوسط الأجور في شركة وبريات سمنود 3500 جنيه (نحو 75 دولارا) لعامل يخدم جهة عمله منذ أكثر من عشرين عاما شاملا كافة الميزات والحوافز، بينما الأجر الأساسي دون حوافز تحت 2000 جنيه (نحو 45 دولارا). ويبلغ عدد العمال في الشركة ما مجموعه 550 عاملًا وعاملة، حسب دار الخدمات النقابية والعمالية.
(الدولار = 51.3 جنيها تقريبا)