عن تبعات رفع الفائدة على الدولار على دول المنطقة

عن تبعات رفع الفائدة على الدولار على دول المنطقة

18 مارس 2022
موجة رفع أسعار الفائدة أشعلها البنك المركزي الأميركي (Getty)
+ الخط -

أطلقت البنوك المركزية العالمية في اليومين الماضيين ماراثون زيادة سعر الفائدة على عملاتها الرئيسية، فقد رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" سعر الفائدة على الدولار ربعا في المائة لأول مرة منذ نهاية العام 2018، مطلقا بذلك سلسلة من الزيادات المتوقعة التي سترفع العائد على العملة الأميركية إلى نحو 2% إلى 3% خلال العام الجاري مقابل صفر حاليا.

ورفع بنك إنكلترا المركزي سعر الفائدة إلى 0.75%، كما رفعت البنوك المركزية في السعودية وقطر والبحرين والإمارات والكويت أسعار الفائدة على عملاتها المحلية مقتفية أثر القرار الأميركي.

وهناك توقعات بإقدام البنك المركزي الأوروبي والبنوك المركزية في اليابان والصين وسويسرا وروسيا وغيرها على رفع أسعار الفائدة على عملاتها في إطار خطط لمواجهة قفزات تضخم الأسعار التي تواجه معظم دول العالم، والحيلولة دون دخول الاقتصادات في خطر الركود التضخمي.

صحيح أن الزيادة على الدولار هي ربع في المائة فقط، وهي نسبة بسيطة من وجهة نظر البعض، لكن أهميتها تكمن في أن "الفيدرالي" بدأ مشوار الزيادة التي يبدو أنها لن تتوقف قريبا خاصة مع توقعات بزيادة التضخم إلى 10% في الولايات المتحدة، وهو المعدل الأعلى في تاريخ البلاد.

وأن عدد مرات زيادات سعر الفائدة قد يكون في حدود 6 مرات خلال العام الجاري، حسب توقعات البنك الفيدرالي نفسه، وتوقعات بنوك استثمار أميركية كبرى، بل إن بنك "جي بي مورغان" الاستثماري الأميركي رفع رقم الزيادة إلى 9 مرات في العام 2022.

وبغض النظر عن عدد الزيادات المرتقبة في زيادة سعر الفائدة على الدولار فإن للخطوة الأميركية تأثيرات سلبية على معظم دول العالم، خاصة الدول التي تقترض بالدولار بكثافة من الأسواق الدولية، أو تلك التي تعتمد على الأموال الساخنة في دعم استقرار سوق الصرف المحلي ودعم عملتها الوطنية، أو تلك الدول التي تعتمد على المنتجات والسلع الأميركية، فزيادة عائد الدولار سيدعم ويقوي العملة الأميركية في مواجهة العملات الرئيسية الأخرى.

وزيادة سعر الفائدة الأميركية ستكون لها انعكاسات سلبية على اقتصادات الدول العربية والناشئة، حيث ستؤدي الخطوة إلى نزوح الأموال الساخنة والاستثمارات من تلك الاقتصادات إلى الاقتصاد الأميركي حيث الاستقرار المالي والاقتصادي، والاستفادة كذلك من العائد المرتفع على الدولار، وزيادة جاذبية السندات الأميركية والتي تتسم أيضا بالأمان إلى جانب العائد الاستثماري المناسب، وسهولة التسييل.

ومع زيادة معدل الفائدة على العملة الأميركية فإن ذلك سيؤدي إلى هروب الأموال من بورصات الأسواق الناشئة، وهو ما يضغط أكثر على سوق الصرف والعملة المحلية، وزيادة الطلب على النقد الأجنبي، لتغطية طلبات المستثمرين الأجانب المنسحبين من الأسواق المحلية.

من المتوقع أيضا زيادة ظاهرة "الدولرة" في الاقتصادات الناشئة مع الرفع المتواصل في سعر الفائدة على الدولار، وهي تعني زيادة اقبال المدخرين على ايداع أموالهم بالدولار والعملات الأجنبية الأخرى والتخلص من العملة المحلية، خاصة إذا ما شهد السوق المحلي ارتفاعا في معدلات التضخم، أو دخل الاقتصاد في مرحلة ركود تضخمي، وهذا يمثل عبئا اضافيا لأسواق الصرف المحلية والاقتصادات الوطنية.

ولمواجهة المخاطر المحدقة باقتصاداتها وأسواقها ستلجأ البنوك المركزية في الأسواق الناشئة إلى زيادة سعر الفائدة على العملات المحلية وربما زيادة وتيرة الاقتراض الخارجي للمحافظة على عملاتها المحلية من الانزلاق نحو التراجع وربما التعويم الجزئي، والحفاظ كذلك على مستويات الأموال الساخنة المستثمرة في أدوات الدين المحلية أو البورصة.

وهذه الزيادة سيترتب عليها أعباء مالية ضخمة ممثلة في ارتفاع تكلفة الدين المحلي والخارجي، وربما وجود صعوبة في الحصول على قروض من الأسواق الدولية بسعر فائدة مقبول.

وبالطبع فإن أي زيادات في عجز الموازنة العامة قد تدفع الحكومات إلى تطبيق مزيد من اجراءات التقشف وزيادة الأسعار، وهنا يكون المواطن هو المتضرر الأول من زيادة سعر الفائدة على الدولار.

المساهمون