عمر بلافريج...سياسي مغربي تعيده "جيل زد" إلى الواجهة

13 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 12:54 (توقيت القدس)
السياسي المغربي عمر بلافريج (من صفحته على إنستغرام)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- برز عمر بلافريج كنموذج سياسي مؤثر في المغرب، حيث تميز بقدرته على التواصل مع الشباب والدفاع عن حقوقهم في الصحة والتعليم، وقرر عدم الترشح لولاية ثانية في 2021 للتركيز على دعم الشباب والمشاريع الناشئة.
- اشتهر بمواقفه الجريئة في البرلمان، مثل الدعوة لفرض ضرائب على الثروات لدعم التعليم والصحة، وانتقاد الأرباح غير الأخلاقية لشركات الوقود، ومعارضة الاستثمار في القطارات فائقة السرعة قبل تحسين البنية التحتية.
- ينحدر من عائلة سياسية عريقة، وترأس مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد، وساهم في تأسيس حركة "وضوح، طموح، شجاعة"، ويظل متفائلاً بتأثير "جيل زد" في إحداث التغيير.

طَفَا اسم النائب البرلماني السابق، عمر بلافريج بقوة على سطح الأحداث في سياق احتجاجات حركة "جيل زد" في المغرب. فقد رأوا فيه نموذجاً للسياسي الذي يجب أن يُحتذَى به، فهو الذي يُجيد الحديث مع الشباب والإنصات لهمومهم والدفاع عن حقهم في الصحة والتعليم. بمناسبة انتخابات 2021، أعلن بلافريج، الذي مثَّل حزب "فيدرالية اليسار الديمقراطي" في مجلس النواب لولاية واحدة، عن قراره بعدم الترشح لولاية ثانية، واتخذ مسافة مع حزبه.

هو النائب البرلماني الشاب الذي اشتهر بأسئلته الدقيقة وملاحظاته ومرافعاته التي يستند فيها إلى البيانات والوقائع بعيداً عن المزايدات السياسية. تذكّر الكثيرون في سياق احتجاجات "جيل زد" مواقفه التي كانت تجد صدى كبيراً لدى متابعي الشأن البرلماني والسياسي المغربي. فقد كان، بمعية النائب مصطفى الشناوي، من الداعين إلى فرض ضريبة على ثروة شركات توزيع الوقود واستيراده، والأشخاص الذاتيين (الأفراد) الذين يتوفرون على ممتلكات تفوق قيمتها 500 ألف دولار.

دأب في مداخلاته على التشديد على توفير اعتمادات مالية عبر الموازنة (الميزانية) للصحة والتعليم. فقد طالب بإحداث صندوق لدعم التعليم يُغذَّى بإيرادات الضريبة التصاعدية على الثروة والضريبة على الإرث، معتبراً أن أي تعاقد اجتماعي جديد يجب أن يتم عبر مجهود يُبذَل من قِبل الأثرياء والقطاعات الحكومية. وفي الوقت الذي يدعو البعض فيه إلى منح الأسر التي تُوجّه أبناءها إلى التعليم الخاص خصماً من الضريبة على الدخل مقابل المصروفات التي تتحملها، يعبّر بلافريج عن معارضته لذلك التدبير، الذي يرى أنه سيصرف الناس عن التعليم الحكومي ويؤدي إلى إضعافه بدلاً من تحسين جودته. 

يستحضر الكثيرون تنديده بـ "الأرباح غير الأخلاقية" لشركات الوقود، مطالباً باسترجاعها، لأن الدولة في حاجة ماسة إلى الإيرادات لتمويل التعليم، ومطالبته بدعم الصناعة المحلية عوض الاستمرار في الاستيراد، وتحفّظه على الاستثمار في القطارات فائقة السرعة في وقت لم تصل فيه القطارات العادية إلى مناطق نائية. عندما يستعيد من تذكروه في الأيام الأخيرة مواقفه التي كان يُلح فيها على الاستجابة للحاجات الأساسية المرتبطة بشكل خاص بالصحة والتعليم، يتَّضِحُ لهم تَقَبلُه لوجهات2020 مادة تمنع الحَجْز على ممتلكات الدولة من أجل تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضدها.

أثارت تلك المادة نقاشاً كبيراً واقتُرِحت صيغة جديدة لها. صوّتت الفرَق البرلمانية على المادة، باستثناء عمر بلافريج، مبرِّراً ذلك بعدم حصوله على وثيقة تتضمن النص الرسمي الذي يتم التصويت عليه ومُضِيفاً: "لستُ بهيمة". تميز خلال الأعوام الأربعة التي قضاها في مجلس النواب بجديته ومواظبته على حضور اجتماعات لجنة المالية والجلسات العامة للمؤسسة التشريعية، غير أنه قرر في 2021 عدم الترشح مرة أخرى، مُبرِّراً ذلك بتطلعه إلى العودة إلى مجال الأعمال ومساعدة ومواكبة الشباب من حاملي المشاريع وأصحاب الشركات الناشئة.

درس في ثانوية ديكارت التابعة للبعثة الفرنسية، والتحق بفرنسا لدراسة الرياضيات، قبل أن يصبح مهندساً، ويعود إلى المغرب حيث عمل في العديد من المؤسسات، مثل الهولدينغ الملكي "أونا" وجامعة الأخوين و"تكنوبارك" التي أصبح مديراً عاماً فيها، وهي مؤسسة تتولى دعم إنشاء الشركات الناشئة العاملة في التكنولوجيا.

ينحدر عمر بلافريج، البالغ من العمر 52 عاماً، من عائلة سياسية عريقة. فقد كان عمه أحمد بلافريج أول وزير للخارجية بعد استقلال المغرب. وهو قريب لأحد زعماء الحركة الوطنية وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عبد الرحيم بوعبيد، الذي أثر فيه كثيراً، كما تأثر بقائد جيش التحرير الذي ناهض الاستعمار والزعيم اليساري محمد بنسعيد آيت إيدر.

ترأس مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد بين 2009 و2012؛ تلك المؤسسة التي تحرص على فتح نقاش حول القضايا التي تشغل المجتمع، خاصة في بُعدها السياسي، كما عمد إلى تأسيس حركة "وضوح، طموح، شجاعة"، التي هدفت إلى البحث عن القواسم المشتركة بين تيارات اليسار في أُفُق توحيد كلمته. ترشح باسم "فيدرالية اليسار الديمقراطي" في الانتخابات البلدية في 2015، حيث نالت لائحته تسعة مقاعد في دائرة أكدال-الرياض بالرباط، التي يقطنها جزء كبير من الطبقة المتوسطة. وبعد ذلك ترشح في الانتخابات التشريعية لعام 2016، حيث أصبح نائباً برلمانياً.

عندما استضافته منصة ديسكورد التي تنشط فيها "جيل زد"، غصّت بالمتابعين. فقد تحدث عن تجربته في البرلمان، وظروف عدم ترشحه لولاية ثانية، وبعدما تطرق إلى انعدام الرغبة السياسية في التغيير، مشدداً على أولوية العناية بالتعليم والصحة. يعبّر عن الأمل في التغيير الذي يمكن أن تُحدِثه "جيل زد"، مؤكداً أنه لا ينوي العودة إلى ممارسة السياسة، مشدداً على أنه استنفد طاقته في التجربة البرلمانية السابقة التي سعى فيها إلى البقاء مرتبطاً بالناخبين، معتبراً أن مهمة النائب البرلماني ليست مهنة، فهو في المؤسسة التشريعية كي يدافع عن الشعب الذي انتخبه.

المساهمون