استمع إلى الملخص
- قانون الإضراب الجديد يثير مخاوف الاتحادات العمالية، حيث يُعتبر تقييدًا للمطالبة بالحقوق العمالية، مما يعكس توترًا بين الحكومة والعمال.
- الحكومة تسعى لتوفير 350 ألف فرصة عمل بحلول 2026، مع التركيز على الإدماج الاجتماعي والمهني للفئات الهشة، لكن تواجه تحديات كبيرة بسبب الاعتماد على عوامل غير مؤكدة.
يعيش عمال المغرب بلا زيادة للأجور في عيدهم، إذ لم يسفر الحوار الاجتماعي بين الحكومة ورجال الأعمال والاتحادات العمالية عن تقديم هدايا العيد للعمال، رغم المطالبة بالزيادة في الأجور والدعوة إلى حماية العمل النقابي في الشركات، في سياق متسم بسيادة فرص العمل الهشة وارتفاع معدل البطالة.
ولم تعلن رئاسة الحكومة في بيان لها، اليوم الأربعاء، عقب انتهاء جولة الحوار الاجتماعي، عن تدابير جديدة لتحسين القدرة الشرائية للعمال، بل اكتفت بالتذكير بالتزامات سابقة لها علاقة بالزيادة في الأجور، رغم إلحاح الاتحادات العمالية على ضرورة استحضار التضخم لتحسين وضعية العمال.
ويؤكد محمد الهاكش، الرئيس السابق للاتحاد الوطني للفلاحة، أن مسألة الزيادة في الأجور، يجب أن تستوعب التضخم المسجل على مدى الثلاثة أعوام الأخيرة، مع التوجه نحو إرساء نظام يفضي إلى الزيادة في الأجور كلما كان ثمة ارتفاع في التضخم دون الحاجة للانخراط في مفاوضات حولها.
ويضيف في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه كان يفترض حسم مسألة توحيد الحد الأدنى في الأجور في القطاعات غير الزراعية والحد الأدنى للأجور في القطاع الزراعي، معتبراً أنه لا يعقل مواصلة التمييز في الحد الأدنى للأجور بين العمال الزراعيين والعمال في القطاعات الأخرى.
وكانت الحكومة قد صادقت على زيادة جديدة في الحد الأدنى للأجور اعتباراً من يناير الماضي بنسبة 5 في المائة، كي يصل إلى حوالي 310 دولارات في الشهر في القطاعات غير الزراعية، ويُحدّد في حدود 225 دولاراً في الشهر في القطاعات الزراعية.
عمال بلا حماية
غير أن الحسين اليماني، عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، يشدد على أن الزيادات في الأجور في القطاع الخاص تهم الحد الأدنى فقط، ملاحظاً أن شركات لا تمتثل لذلك الحد الأدنى، ما يفضي إلى تدهور القدرة الشرائية.
ويؤكد في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه يفترض استحضار التضخم الذي عرفه المغرب في الثلاثة أعوام الأخيرة عند تناول مسألة الأجور، إذ يتوجّب أن تأتي الزيادات بمثابة تعويض عن الغلاء الذي طاول السلع الغذائية والوقود والخدمات.
غير أن مطالب الزيادة في الأجور، التي تأتي نتيجة اتفاقات بين الحكومة والاتحادات العمالية ورجال الأعمال، تقابل في بعض الأحيان بنوع من القلق من قبل بعض الشركات، خاصة التصديرية منها، التي تشتكي من تأثيرات ذلك في تنافسيتها. ويحل عيد العمال في هذا العام بعد أن تمكنت الحكومة من طي صفحة مشروع قانون الإضراب، بعدما صادق عليه البرلمان ونُشر في الجريدة الرسمية، رغم احتجاج اتحادات عمالية عبر خوض إضراب عام.
ويعتبر الحسين اليماني أن قانون الإضراب الجديد سيقيد المطالبة بالحقوق، إذ يرى أن الدعوة إلى الإضراب بهدف الرفع من الحد الأدنى للأجور مستقبلاً ستُعتبر أمراً مخالفاً للقانون، على اعتبار أن الحكومة ستعتبر ذلك الإضراب مناهضاً لسياسة الدولة.
مراجعة قانون العمل
ويُفضي تبني قانون الإضراب إلى إذكاء مخاوف اتحادات عمالية في المفاوضات المقبلة التي تهم قانون العمل، إذ يطالب رجال الأعمال بمراجعة ذلك القانون بهدف إضفاء المرونة في سوق العمل. وهي مرونة يرونها ممكنة إذا ما وُضعت شبكات أمان لفائدة العمال، مثل إعادة النظر في التعويض عن فقدان الشغل، ومراجعة نظام التعويضات التي تمنحها الشركات لفاقدي الشغل. غير أن اليماني يعتقد أن مطالب مراجعة قانون العمل ترمي إلى إتاحة الفرصة للشركات التي تمتثل للقوانين المرتبطة بالعمل والحماية الاجتماعية للتخفف من القيود التي يقيمها التشريع عند الرغبة في تسريح العمال، وتقليص ساعات العمل وحتى الأجور.
ويتصور أن هذه المشاكل التي يصادفها العمال في القطاع الخاص مثلاً لها علاقة بعدم احترام الحق في العمل النقابي من قبل أرباب العمل، الذين قد يعمدون إلى طرد عمال بمجرد تشكيل تمثيليات نقابية.
ويضيف أن وجود ممثلين للعمال في الشركات يتيح فضح العديد من الممارسات التي تخرق الحقوق ذات الصلة بالأجور والحماية الاجتماعية وظروف العمل، ما يجعل أرباب العمل يحاربون العمل النقابي.
ويحل عيد العمال في العام الحالي في سياق يرتفع فيه الضغط على الحكومة بهدف محاصرة البطالة، وهو ما دفع رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، على بعد يومين من عيد العمال، مساء أمس الثلاثاء، إلى عقد اجتماع لتتبع تنزيل خريطة طريق لتوفير فرص عمل، في ظل ارتفاع معدل البطالة إلى 13.3 في المائة.
وعبرت الحكومة، عبر خريطة الطريق، عن التطلع إلى توفير 350 ألف فرصة عمل في أفق 2026، التي يُرتقب أن تشهد الانتخابات التشريعية المقبلة، غير أن بلوغ ذلك الهدف يبقى محاطًا بالكثير من عدم اليقين، في ظل التعويل على عودة التساقطات المطرية.
وأكدت رئاسة الحكومة في ختام اجتماع، أمس الثلاثاء، أنه جرى تدارس آليات تعزيز الإدماج الاجتماعي والمهني للفئات الأكثر هشاشة، لا سيما الشباب والنساء، ودعم الأسر في الوسط القروي، عبر مبادرات تهم تقليص وتيرة فقدان مناصب الشغل في القطاع الفلاحي، وتذليل العوائق أمام ولوج المرأة إلى الشغل.