استمع إلى الملخص
- أعلن رئيس مجلس الوزراء القطري عن إطلاق حزمة حوافز للمستثمرين تستهدف قطاعات استراتيجية، مع التركيز على تطوير الأطر القانونية لجذب الاستثمار الأجنبي وزيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال.
- ناقش المنتدى التعاون بين قطر والولايات المتحدة في الذكاء الاصطناعي والطاقة، مع خطط لمضاعفة استثمارات جهاز قطر للاستثمار في الولايات المتحدة، وتوقعات بزيادة أصوله إلى 905 مليارات دولار بحلول 2030.
انطلقت اليوم الثلاثاء النسخة الخامسة من منتدى قطر الاقتصادي بالتعاون مع بلومبيرغ، الذي ينعقد تحت شعار "الطريق إلى 2030: تحويل الاقتصاد العالمي" ويستمر حتى يوم الخميس بمشاركة نحو 2500 شخصية سياسية ومالية واقتصادية من 150 دولة.
وافتتح المنتدى أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وفي وقت لاحق، أكد الأمير في منشور بصفحته على منصة "إكس" أن "منتدى قطر الاقتصادي بالتعاون مع بلومبيرغ، أضحى منصة عالمية هامة، وملتقى للخبراء وأهل الفكر وصناع القرار". وتابع: "سعدت اليوم بافتتاح منتدى قطر الاقتصادي في نسخته الخامسة، الذي أضحى منذ أطلقناه قبل نحو أربعة أعوام بالتعاون مع بلومبيرغ، منصة عالمية هامة، وملتقى للخبراء وأهل الفكر وصناع القرار، الذين تابعت باهتمام بالغ بعضاً من نقاشاتهم وآرائهم حول موضوعات اقتصادية وجيوسياسية وتكنولوجية هامة. تمنياتي لأعمال المنتدى بالنجاح، وللمشاركين بالتوفيق".
وأعلن رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني في كلمة في افتتاح المنتدى، عن إطلاق الحزمة الأولى من برنامج مجموعة الحوافز للمستثمرين، ومشروعاً جديداً يطمح للعالمية خلال هذا العام، موضحا أن الحزمة تستهدف قطاعات استراتيجية تشمل التصنيع المتقدم والتكنولوجيا الحديثة والخدمات اللوجيستية، وتمثل خطوة نوعية لتعزيز النمو في قطاعات تشكل ركيزة أساسية في مستقبل الاقتصاد الوطني.
وتابع أن هدف قطر، الغنية بالغاز الطبيعي، بناء اقتصاد أكثر توازناً. وأضاف أن الدولة تعمل على تطوير الأطر القانونية والإدارية لجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر.
ويبحث المنتدى، على مدى ثلاثة أيام، خمسة محاور رئيسية تشمل: الجغرافيا السياسية والعولمة والتجارة، أمن الطاقة وإمداداتها، التكنولوجيا بين الضجيج والواقع، مستقبل الأعمال والاستثمار، والرياضة والترفيه. وتضم قائمة المتحدثين عدداً من رؤساء الحكومات والوزراء، والرؤساء التنفيذيين العالميين.
ولا تزال قطر من أغنى دول العالم بفضل احتياطياتها من الغاز المسال، حيث يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حوالى 75 ألف دولار. وتُعدّ قطر، التي يزيد عدد سكانها قليلاً على 3 ملايين نسمة، أكبر مُصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم بعد الولايات المتحدة وأستراليا، وتستثمر عشرات المليارات من الدولارات لزيادة طاقتها الإنتاجية في السنوات القليلة المقبلة.
وأشار رئيس الوزراء القطري إلى أحد أكثر المواضيع تداولاً خلال زيارة ترامب للخليج الأسبوع الماضي، وهو طائرة قطرية فاخرة بقيمة 400 مليون دولار، كانت ستُستخدَم بكونها طائرةً رئاسيةً. وقال رئيس الوزراء إن إهداء طائرة 747 للحكومة الأميركية "أمرٌ طبيعي بين الحلفاء". وقال: "لا أعلم لماذا يعتبر الناس ذلك رشوة أو محاولة من قطر لشراء النفوذ لدى هذه الإدارة".
وأضاف قائلا: إنها "معاملة بين وزارتي دفاع"، وهو أمرٌ يتماشى مع الشراكة بين الولايات المتحدة وقطر. وأضاف: "لقد أهدت دولٌ عديدة الولايات المتحدة هدايا". وقال رئيس الوزراء القطري إن الانتقادات تعود إلى صورة نمطية "يتعين علينا التغلب عليها"، مستشهداً بهدايا أخرى تلقتها الولايات المتحدة في الماضي، مثل تمثال الحرية.
ولفت إلى أن قطر تتطلع إلى الانضمام إلى منظومة خليجية أوسع للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات. وقال: "آمل أن تنظر أميركا إلى قطر باعتبارها شريكاً موثوقاً في الدبلوماسية لا يحاول شراء النفوذ"، مضيفاً: "ناقشنا مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال زيارته للمنطقة إمكانية إقامة شراكات في الذكاء الاصطناعي والطاقة".
جلسات منتدى قطر الاقتصادي
وقال مؤسس مجموعة بلومبيرغ الإعلامية، مايكل بلومبيرغ، إن دولة قطر تمثل قوة إيجابية للاستقرار والتفكير على المدى البعيد، بما في ذلك رؤيتها الاستشرافية في مجال الطاقة، مشيرا إلى أن دولة قطر "من الأوائل في تصدير الغاز الطبيعي المسال في العالم وتستثمر المليارات في الطاقة المتجددة داخل الدولة وخارجها.. وهذه الريادة الاقتصادية والنظرة الاستشرافية يجب أن تكون مصدر إلهام للدول الأخرى".
ويأتي مؤتمر قطر الاقتصادي السنوي في وقتٍ محوري للبلاد. فمن المتوقع أن تُضيف خطة قطر لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي أكثر من 30 مليار دولار سنويًا إلى إيرادات الدولة، وسيُحوّل جزءٌ منها إلى صندوق الثروة السيادية. وتتوقع مؤسسة غلوبال إس دبليو إف أن ترتفع أصول جهاز قطر للاستثمار إلى 905 مليارات دولار بحلول عام 2030، ما يضعه في مصافّ كبار المؤسسات الإقليمية مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي وهيئة أبوظبي للاستثمار.
وخلال المنتدى حضر وزير الطاقة القطري، سعد الكعبي، إلى جانب الرئيس التنفيذي لشركة كونوكو فيليبس، رايان لانس، على المنصة في الجلسة الأولى. ناقشا جهود قطر لتأمين مشترين للغاز الطبيعي المسال من مشاريعها التوسعية الضخمة.
وبالنسبة إلى قطر، يُعدّ الغاز الطبيعي المسال مصدراً بالغ الأهمية. فهو أكبر مصدر دخل للبلاد، والمسؤول الرئيسي عن تحويلها إلى واحدة من أغنى دول العالم، وجلب معه نفوذًا هائلًا في المنطقة. وحاليًا تُنفَّذ توسعة ضخمة، من المرجح أن تضيف حوالى 30 مليار دولار من الإيرادات سنويًا عند اكتمال المشاريع.
وقال الكعبي إن صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية الأعلى ستذهب إلى أوروبا وأميركا الجنوبية ولن تنافس صادرات قطر إلى آسيا. وشرح أنه أُبرِم عدد من صفقات الطاقة خلال زيارة ترامب الأسبوع الماضي. وتابع قائلاً إن شركة قطر للطاقة تهدف إلى تداول 30-40 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال غير القطري بحلول 2030، وإن قطر للطاقة تتداول حالياً نحو 10 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال. وقال إن مشتري الغاز الطبيعي المسال، الصينيين والهنود، يجرون نقاشات بشأن كميات إضافية من قطر، مضيفاً: "لا نشعر بالقلق إطلاقاً إزاء وفرة إمدادات الغاز الطبيعي المسال".
تُركز الجلسة التالية على بعض أكبر اقتصادات المنطقة، وتحدث فيها وزيرا مالية قطر، علي بن أحمد الكواري، وتركيا، محمد شيمشك، ووزير الاقتصاد السعودي، فيصل الإبراهيم. وقال الوزير الكواري إن قطر لا تزال تنظر إلى مصر بكونها فرصة استثمارية واعدة، وإن هناك فرصاً اقتصادية كبيرة للاستثمار في سورية.
وفي ندوة حول الجغرافيا الاقتصادية للنمو، قال وزير المالية التركي محمد شيمشك إنه يرى زخماً يكتسب في الأسواق التركية، مع تعافي احتياطيات النقد الأجنبي في الأسبوعين الماضيين وانخفاض مقايضات التخلف عن سداد الائتمان. وتابع: "نعيد بناء السياسة النقدية ونعزز الوضع المالي. لكن لا يوجد علاج يخلو من الآثار الجانبية".
وقدّر وزير المالية التركي، الخسائر الاقتصادية للقتال المستمر منذ 40 عامًا مع حزب العمال الكردستاني، الذي انتهى الأسبوع الماضي، بـ 1.8 تريليون دولار، أي ما يقارب ضعف الناتج المحلي الإجمالي الحالي للبلاد. وأوضح شيمشك أن هذه التكلفة المقدرة لا تأخذ في الاعتبار فقط الإنفاق العسكري البالغ نحو 300 مليار دولار الذي أعلنته الحكومة التركية سابقًا، بل أيضًا تكلفة الفرص الضائعة. وأضاف شيمشك أن قرار المجموعة بحل نفسها وإلقاء السلاح سيؤدي إلى "مكسب سلام ضخم" لتركيا.
جهاز قطر للاستثمار
وقال الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار محمد السويدي في جلسة في المنتدى إن الجهاز يخطط لمضاعفة استثماراته السنوية في الولايات المتحدة على الأقل أو أكثر في العقد المقبل مقارنة بالسنوات الخمس أو الست الماضية. وخلال زيارته لمنطقة الخليج الأسبوع الماضي، حصل الرئيس الأميركي ترامب على تعهدات من قطر بقيمة 1.2 تريليون دولار . وسيلعب صندوق الثروة السيادية القطري دورًا رئيسيًا في ذلك من خلال خطة لاستثمار نصف تريليون دولار في الاقتصاد الأميركي.
وتابع السويدي، الذي تولى منصبه أواخر عام 2014، أنه لا يتوقع تغييرات استراتيجية كبيرة قريبًا من الكيان الحكومي الذي تبلغ قيمته 524 مليار دولار. وصرح لجومانا بيرشيتشي، مراسلة بلومبيرغ التلفزيونية، خلال منتدى قطر الاقتصادي: "لا أعتقد أن لدينا تغييرات كبيرة" في الاستراتيجية العالمية.
ومع ذلك، أشار إلى أن الصندوق السيادي سيزيد من وتيرة استثماراته في التخصصات. ويقوم جهاز قطر للاستثمار بمراجعة مخصصاته لفئات الأصول التقليدية، مثل أدوات الدخل الثابت والعقارات. ومن المحتمل أن تنعكس التغييرات في أساليب عمل صناديق الثروة السيادية واستثماراتها على مستوى العالم. ولفت إلى أن جهاز قطر للاستثمار أعاد نشر استثمارات في شركة إكس.إيه.آي المملوكة لإيلون ماسك في 2025.
واعتبر السويدي أن هناك حاجة لمزيد من التصنيع في الاقتصاد الأميركي، لافتاً إلى أن تراجع العلاقات التجارية بين الصين وأميركا يخلق فرص استثمار في سلاسل الإمداد في الاقتصاد الأميركي.
الابتكار المالي
وأشاد الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، محافظ مصرف قطر المركزي رئيس مجلس إدارة جهاز قطر للاستثمار، بأهمية منتدى قطر الاقتصادي، باعتباره منصة محورية تجمع صناع القرار والخبراء لتبادل الرؤى حول التحديات الاقتصادية ورسم الاستراتيجيات التي من شأنها أن تُسهم في تحقيق الاستقرار المالي والنمو المستدام.
وقال بحسب "رويترز" إن التأثير المباشر للرسوم الجمركية الأميركية على قطر ضئيل، لأن الصادرات لأميركا أقل من 2%. ولفت إلى أن وتيرة تحسن التضخم ستتباطأ في الأشهر المقبلة إلى حين انحسار الضبابية الناجمة عن الرسوم الجمركية. وتابع بأن هناك مخاوف في الآونة الأخيرة إزاء التضخم بسبب الرسوم الجمركية، لكن التأثير غير معروف.
وقال إنه قلق بشأن الآثار غير المباشرة على بلاده أكثر من أي شيء آخر. وأضاف أنه إذا استمرت الرسوم الجمركية في التأثير على أسعار النفط، على سبيل المثال، فقد يُشكل ذلك مشكلة لقطر وميزانيتها المالية. وفي الوقت نفسه، أشار الشيخ بندر إلى أن الطريقة التي تم بها تصميم جهاز قطر للاستثمار من شأنها أن تساعد في دعم الاقتصاد إذا حدث ذلك.
وصرح لوكالة الأنباء القطرية (قنا) بأن المنتدى يشكل فرصة مهمة لتسليط الضوء على المشاريع الرائدة التي أعلنها مصرف قطر المركزي في مجالات الابتكار المالي والحوكمة الرقمية، ضمن جهوده المستمرة لتعزيز تنافسية دولة قطر إقليمياً وعالمياً بوصفها مركزاً مالياً رقمياً، إضافة إلى الإسهام في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والنوعية نحو القطاع المصرفي وقطاع التكنولوجيا المالية.
وأكد أن المنتدى يعكس المكانة الاستراتيجية والموثوقية التي تحظى بها دولة قطر على الصعيد العالمي، نظراً لما تتمتع به الدولة من مقومات مميزة، في ظل مواصلة العمل على تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030، وتنفيذ أهداف استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة 2024 - 2030.
وأضاف أن مصرف قطر المركزي استطاع خلال الدورات الأربع السابقة للمنتدى أن يقدم رؤية واضحة وشاملة عن الاقتصاد القطري، ولا سيما في ما يتعلق بالسياسات النقدية وقدرة المصرف المركزي على إدارة تلك السياسات، حيث نجح في السيطرة على التضخم، لتكون قطر من بين الدول الأقل في نسبة التضخم، مع تحقيق نمو اقتصادي إيجابي، إضافة إلى التقدم الملموس في مجالات التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي، ما حظي بالإشادة من قبل المؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي.
وأشار إلى أن المنتدى يشكل فرصة للتشاور مع كبار المسؤولين حول القضايا المالية والتوجهات الاقتصادية، واستكشاف سبل التعاون لمواجهة التحديات التي تواجه الأسواق العالمية.
سيناريوهات نفطية سعودية
وقال وزير الاقتصاد السعودي يوم الثلاثاء إن المملكة مستعدة دائما لسيناريوهات متعددة بشأن أسعار النفط وإن الميزانيات تحركها الأولويات. وقال فيصل الإبراهيم أمام الحضور في منتدى قطر الاقتصادي بالدوحة: "نحن مستعدون دائماً لسيناريوهات متعددة، ولدينا احتياطيات".
وقال: "لدينا التخطيط المالي طويل الأجل والأطر متوسطة الأجل، التي تساعدنا على التكيف اعتمادًا على السيناريو الذي سيحدث بالفعل".
يُقدّر صندوق النقد الدولي وخبراء اقتصاديون أن الرياض بحاجة إلى أسعار نفط تتجاوز 90 دولارًا للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها. ويُتداول خام برنت القياسي في منتصف الستينيات هذا الشهر.
وفي حين تمول المملكة العربية السعودية برنامجها الإصلاحي "رؤية 2030" من خارج الميزانية، فإن الحكومة تحتاج إلى الإنفاق على مشاريع البنية التحتية الضخمة المرتبطة بالبرنامج، الذي يهدف إلى انصراف الاقتصاد عن "إدمان النفط" المعلن. كما أنها تستضيف معرض إكسبو 2030 وكأس العالم 2034.