عدنان أبو حسنة: الدعم العربي لخدمات "أونروا" تراجع بنسبة 90%

عدنان أبو حسنة: الدعم العربي لخدمات "أونروا" تراجع بنسبة 90%

07 ابريل 2022
عدنان أبو حسنة (عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -

أكد المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" عدنان أبو حسنة، في مقابلة مع "العربي الجديد" أنّ الحرب بين روسيا وأوكرانيا ألقت بظلالها على واقع عمل المنظمة الدولية، بفعل التوجهات الجديدة للمانحين، إلى جانب تأجيل البعض الآخر من المنح المقدمة.
وشدد أبو حسنة على أنّ برامج الأونروا ما زالت مستمرة، ولم يطرأ عليها أي تغيير على الرغم من التحديات الجديدة، لكنّ استمرار الأوضاع في ذات الطريق قد يؤثر على البرامج، والخدمات التي تقدمها المنظمة الدولية. وفيما يلي نص الحوار:

- ما هي أبرز تأثيرات حرب روسيا وأوكرانيا على توجهات المانحين، وعلى مسار المساهمات المالية المقدمة خلال الفترات السابقة؟
حدث ارتفاع في أسعار الوقود وأسعار الطحين في كل أنحاء العالم، ما أثر على المنظمات الإنسانية بسبب الارتفاع في التكلفة، حيث توزع "أونروا" المواد الغذائية لنحو مليون و600 ألف لاجئ فلسطيني في سورية وغزة، إضافة إلى أن بعض المانحين أبلغونا بألّا نتوقع منهم نسبة المنح التي تم تقديمها للأونروا العام الماضي، بسبب تركيز جهودهم في أوكرانيا.

واتجه البعض الآخر إلى تأجيل مواعيد دفع التبرعات التي كان يدفعها، إذ تصل للأونروا تبرعات (على سبيل المثال) في شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب، وتعتمد المنظمة الدولية على مواعيد الدفع، لصرف الرواتب، والعطاءات، والخدمات، ومن شأن القطع أو التأخير أن يخلق أزمة، وقد باتت الأزمة الأوكرانية تلقي بظلالها على واقع العمل.

- كيف تتعاملون مع إبلاغكم من قبل بعض المانحين بتأجيل مساعداتهم ومساهماتهم أو تحويلها نحو أوكرانيا؟
هناك اتصالات حثيثة مع المانحين من كافة دول العالم، وقد زار المفوض العام للأونروا ألمانيا والعديد من الدول الأوروبية، والتقى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، برفقة وزير الخارجية الأردني قبل أربعة أيام في نيويورك، وكانت الأزمة المالية والحصول على تمويل مستدام للأونروا في صلب الحوار، لأن ما يحدث الآن هو نتيجة أن 97% من ميزانية الأونروا من التبرعات التي تأتي من عدد من الدول.

- هل ستتأثر مشاريع الإعمار نتيجة الحروب المتكررة على القطاع بالأزمة الحالية؟ وكيف تؤثر الأحداث العالمية والإقليمية على دعم "أونروا" وبالتالي على اللاجئين؟
حتى الآن، برامج الأونروا مستمرة، فعلى سبيل المثال ستستمر الكوبونات الغذائية، لأنها شريان حياة في غزة، لا أحد يستطيع أن يستغني عنها، ولكن على المدى المنظور، وفي حال استمرت الأوضاع، على نفس الوتيرة، بالتأكيد سيكون هناك تأثير، وخاصة ماليا، حيث إن المؤسسة تعمل بالمال من أجل شراء الخدمات ودفع الرواتب، ولكن من المبكر الآن الحديث عن البرامج التي يمكن أن تتأثر، حيث إننا الآن في قمة جهود الحصول على تمويل وإقناع المانحين بدفع المنح في موعدها.

- ما هي البرامج الأساسية التي تقدمها الأونروا للاجئين؟ ولماذا يتخوف اللاجئون من تقليصات بشكل دائم؟
البرامج الرئيسية للأونروا تتمركز حول الصحة والتعليم والإغاثة، كذلك هناك برامج خاصة بالقروض، وبرامج الدعم النفسي، والعديد من البرامج الإنسانية، والتي تهتم بالتنمية البشرية، أما في ما يتعلق بالتخوفات لدى اللاجئين الفلسطينيين، فقد صاحبت الأونروا منذ إنشائها، وبداية عملياتها في عام 1950، وذلك بسبب العجز المالي، والاحتجازات، والتخوفات.
الأونروا تقدم في العام الحالي للبرامج نفس الميزانية الخاصة بالعام الماضي، وقيمتها 806 ملايين دولار، بالمقابل هناك ازدياد في أعداد ومتطلبات اللاجئين، وهذا يعني عدم القدرة على بناء المدارس، واستيعاب عدد أكبر من المدرسين، وستترتب عليه زيادة عدد الطلاب في الفصول، وبالتالي ستتأثر قدرة استيعاب الطلاب.

هناك اتصالات حثيثة مع المانحين من كافة دول العالم، وقد زار المفوض العام للأونروا ألمانيا والعديد من الدول الأوروبية،

ووفق نفس المبدأ، إذا لم يتم بناء عيادات بسبب نقص التمويل، ولم يتم توظيف أطباء جدد، سيزداد الحمل اليومي على الأطباء الموجودين، في ظل تزايد أعداد اللاجئين، العملية مركبة ومترابطة مع بعضها البعض، وهذا هو سبب الحديث الدائر حول أن الخدمات ليست كما كانت في السابق.

- دعنا نذكر البرامج التي تعرضت للتقليص بفعل الأوضاع العامة.
لا يوجد أي تقليص على الإطلاق، لكننا حافظنا على البرامج كما هي، في ظلّ أنّ المطلوب هو الزيادة التي تتماشى مع زيادة أعداد اللاجئين، وزيادة متطلباتهم، ويتم تقديم كوبونات لنحو مليون و140 ألف لاجئ فلسطيني، وهو رقم لم يحدث على الإطلاق، فيما يلتحق كلّ أبناء اللاجئين بالمدارس، مع تقديم العلاج لهم.
يمكن تقديم خدمات أفضل، من خلال بناء المزيد من المدارس والعيادات، وتوظيف أكثر. نحن لم نقم بتقليص أي خدمة من الخدمات الصحية أو التعليمية أو الإغاثية، لكن هناك زيادة طبيعية في الأعداد، تقابلها حاجة إلى زيادة الموارد، وهذا لم يحدث.

- يتظاهر أصحاب العقود المؤقتة بشكل دائم أمام بوابات الأونروا بسبب عدم تثبيتهم، كذلك يتظاهر اللاجئون احتجاجاً على السلة الغذائية الواحدة، ما هي تبريرات الأونروا لأصحاب هذه الاحتجاجات؟
بالنسبة لقضية العقود اليومية، تم وضع خطة، سلمها مدير عمليات الأونروا إلى اتحاد الموظفين، وتقضي بتقليص عددهم بنسبة 15% من عدد المدرسين، والوصول إلى 7.5% خلال ثلاث سنوات، وتصاحب ذلك عملياتُ توظيف في قطاعات مختلفة، ولكن العملية مستمرة.

ما تقدمه الأونروا للاجئين الفلسطينيين وصل إلى سقفه، وبسبب قلة الإمكانات والعجز المالي الموجود لا تستطيع حالياً زيادة الخدمات

أما في ما يتعلق بالسلة الغذائية الموحدة فقد تم اللجوء إلى هذا الخيار، لوجود سلتين غذائيتين، تسميان "الكوبونة الصفراء"، و"الكوبونة البيضاء"... الأولى لذوي الفقر المدقع، والثانية لذوي الفقر المطلق، لكنّنا وجدنا أنّ كل الفلسطينيين باتوا في نفس المستوى، ولم تعد هناك إمكانية للتفرقة بين أصناف الفقر، ويحقق ذلك نظام توزيع أكثر عدالة.

- من المعروف أنّ الأونروا سند أساسي للاجئين الفلسطينيين في مختلف النواحي المعيشية، ما هو دورها في مواجهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة للاجئين؟ وهل هناك مشاريع أو خطوات قادمة للتخفيف من حدة الأزمات؟
ما تقدمه الأونروا للاجئين الفلسطينيين وصل إلى سقفه، وبسبب قلة الإمكانات والعجز المالي الموجود لا تستطيع حالياً زيادة الخدمات، خصوصاً في ظلّ الظروف المحيطة، سواء بتأجيل المنح أو بتغيير مسار بعض الدول إلى دعم أوكرانيا، ولم تعد بإمكانها مواصلة الدعم، هناك مشكلة، ستترجم عبر جهود كبرى من الأونروا، وفق ما يقوم به المفوض العام للأونروا من جهود في كلّ الاتجاهات، والمطلوب الحفاظ على البرامج والخدمات.

- ما هو مستقبل المساعدات والبرامج الخاصة باللاجئين الفلسطينيين؟
ستستمر المساعدات والبرامج الخاصة باللاجئين، في حال عدم حل قضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل عادل وشامل، واتفاق الأطراف وفق حل يرضى به اللاجئون. وهناك تفويض من الجمعية العامة للأمم المتحدة، هذا التفويض سيتم تجديده خلال ديسمبر/ كانون الأول من العام الحالي لمدة ثلاث سنوات أخرى، وسيستمر العمل طالما لم يتم حل قضية اللاجئين.


- ماذا عن الدعم العربي للأونروا؟ وهل هناك خطط بديلة في ظل تأثر دعم بعض الدول لها؟
الدعم العربي للأونروا كان في عام 2018 يقدر بنحو 200 مليون دولار، الآن الدعم العربي تراجع إلى 20 مليون دولار، أي تراجع بنسبة 90%، وهذا يحتاج إلى أن تعيد الدول العربية دعمها للأونروا، فيما تتمركز الخطط الآن حول الجهود التي تبذل مع المانحين، وتجنيد مانحين جدد من أجل مواصلة البرامج، إلى جانب الاستمرار في عملية ضبط النفقات، هذا هو المعمول به حاليًا.

- ما هي احتياجات الأونروا في مناطقها الخمس؟ وكيف تتعاملون مع العجز المالي شبه الدائم الذي تشكون منه؟
احتياجات اللاجئين الفلسطينيين مهولة؛ تتعلق بالتنمية البشرية والإنسانية وزيادة الأعداد، هناك احتياجات لبناء عشرات المدارس والعيادات الجديدة، وعمليات التوظيف للعديد من اللاجئين الفلسطينيين، وهذا يتطلب موارد أكبر، المطلوب هو أن تكون للأونروا ميزانية يمكن التنبؤ بها، وهذا ما حاولت القيام به في مؤتمر بروكسل، والذي استطاعت فيه أن تكون لديها ميزانية 40% يمكن التنبؤ بها خلال العامين القادمين، بسبب التعهدات التي قدمها المانحون لفترة ما بين سنتين إلى ثلاث سنوات.

والباقي بحاجة إلى جهود كبيرة وإقناع المانحين، في جهود تَشارك بها الأردن والأمين العام للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.

- هناك تخوفات عند اللاجئين في ظل الأوضاع الحالية، ماذا تقول لهم؟
الأونروا ستبقى وخدماتها ستستمر، قد نتعرض لأزمات، لكن هناك إصراراً من قبل مفوض الأونروا فيليب لازاريني على أن تستمر الخدمات، وأن الأولوية هي للاجئين الفلسطينيين، الذين ينتظرون الخدمات الصحية والتعليمية والإغاثية. الأوضاع صعبة وهناك تحديات كبيرة، لكن لا بديل سوى الاستمرار في تقديم الخدمات.

المساهمون