عام الريبة للنفط... الأسواق رهينة عقوبات بايدن المغادر وسياسات ترامب المغامر

16 يناير 2025
امرأة تملأ سيارتها بالوقود في محطة بالمملكة المتحدة، 6 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت أسعار النفط ارتفاعًا بسبب العقوبات الأميركية على النفط الروسي، مما يعكس تأثير المخاطر الجيوسياسية، مع ترقب سياسات ترامب المتشددة تجاه إيران وتأثيرها على الأسواق.
- العقوبات استهدفت شركات وناقلات نفط روسية، مما يعطل الإمدادات، بينما يسعى ترامب لتعزيز إنتاج الوقود الأحفوري في الولايات المتحدة لتحقيق "استقلال الطاقة"، مما يؤثر على الاقتصاد العالمي.
- توقعات بنك "غولدمان ساكس" تشير إلى تأثر أسعار النفط بالعوامل الجيوسياسية، مع احتمال ارتفاع خام برنت إلى 85 دولارًا للبرميل بحلول 2025، وانخفاضه إلى 60 دولارًا بحلول 2026 بسبب سياسات ترامب التجارية.

عكس ارتفاع أسعار النفط خلال الأيام الماضية مدى ارتهان الأسواق إلى المخاطر الجيوسياسية، لا سيما بعد العقوبات الأخيرة التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على النفط الروسي، قبل أيام معدودة من مغادرتها البيت الأبيض، بينما تزداد حدة الترقب لإدارة الرئيس المقبل دونالد ترامب، الذي يحمل أجندة أكثر تشدداً حيال إيران، خصوصاً ما يتعلق بصادراتها من النفط، ما يجعل أسواق الخام رهينة قرارات "بايدن المغادر" و"ترامب المغامر"، الذي قد تكون قراراته أكثر إرباكاً، وفق محللين.

يرى محللون أن صعود أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في أربعة أشهر أخيراً مجرد رد فعل انفعالي إزاء العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن، يوم الجمعة الماضي، إلى أن تتكيف سلاسل التوريد مع هذه العقوبات، لكنّ فاعلين في السوق يرون أنه لا يمكن تجاهل تأثيرات هذه العقوبات وسط استمرار المخاطر، حيث يترقبون الموجة التالية من القرارات الجيوسياسية التي ستتخذها إدارة ترامب القادمة.

وطاولت العقوبات منتجي النفط الروسيين "غازبروم نفت" و"سورغوت" للنفط والغاز، فضلاً عن 183 ناقلة تعمل في شحن النفط الروسي، وعشرات من تجار الخام ومقدمي خدمات الحقول وشركات التأمين، وذلك قبل عشرة أيام فقط من تنصيب ترامب، ما يعني أن نحو 10% من أسطول نقل الخام الحالي يخضع للعقوبات التي تعد الأشد من جانب الولايات المتحدة منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا عام 2022، وبإمكانها تعطيل سلسلة إمداد النفط الروسي. ولم يجر تحميل الغالبية العظمى من الناقلات المستهدفة بعقوبات أميركية في جولات سابقة بأي شحنات منذ فرض تلك العقوبات قبل نحو ثلاثة أعوام.

وتأتي عقوبات الرئيس المنتهية ولايته التي تستهدف خنق منابع النفط الروسي في وقت يسعى فيه ترامب إلى إحداث تغييرات كبيرة في سياسة الطاقة المحلية في الولايات المتحدة، إذ يدعم بشكل قوي زيادة إنتاج الوقود الأحفوري للمساهمة في "استقلال أميركا في مجال الطاقة"، بينما يتوقع أن تخلف سياساته الخارجية تأثيراً على الاقتصاد العالمي وسوق النفط، بسبب سياسات التجارة في الأمدين القريب والمتوسط والعقوبات الإضافية التي قد تؤدي إلى تقييد إمدادات إيران.

وتميل الأحداث الجيوسياسية إلى التأثير على أسعار النفط، وسيستمر ذلك في العام الحالي، وفقاً لمذكرة صادرة عن بنك الاستثمار الأميركي "غولدمان ساكس"، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن تتأثر أسعار النفط بشدة بمعدلات نمو الإنتاج في الدول غير الأعضاء في منظمة أوبك، وربما أيضاً بالعوامل الجيوسياسية من العقوبات إلى الرسوم الجمركية. وأضاف البنك أن "أسعار الطاقة تتأثر بالأحداث الجيوسياسية، والتي قد يكون من الصعب التنبؤ بها، وقد تتسبب في خروج الأسعار من نطاق 70-85 دولاراً".

ولامس خام برنت مستوى 81 دولاراً للبرميل خلال تعاملات أمس الأربعاء، وتجاوز خام غرب تكساس الوسيط الأميركي مستوى 78.1 دولاراً للبرميل، ليعاودا الصعود الذي سجلاه بشكل لافت في أعقاب الإعلان عن العقوبات الواسعة على النفط الروسي، بعد جلسة هبوط في منتصف الطريق، يوم الثلاثاء الماضي، بسبب نشر إدارة معلومات الطاقة الأميركية تقريراً توقعت فيه "تعرض النفط لضغوط على مدى العامين المقبلين مع تجاوز العرض الطلب".

لكن تقريراً لنشرة "أويل برايس" الأميركية المتخصصة في الطاقة يشير إلى أن المحللين يتوقعون فقدان بعض الإمدادات الروسية بسبب العقوبات، ما قد يقلص الفائض المتوقع في الأسواق أو يقضي عليه تماماً. وقبل العقوبات الأخيرة، توقع بنك "غولدمان ساكس" فائضاً متواضعاً قدره 400 ألف برميل يومياً بحلول العام الجاري، مضيفاً أنه من المتوقع أن يستمر الطلب العالمي على النفط في النمو لمدة عقد آخر على الأقل.

كما أشار رئيس استراتيجية السلع الأساسية في بنك "آي إن جي" وارن باترسون إلى أن العقوبات الأميركية تعرض نحو 700 ألف برميل يومياً من صادرات الخام الروسية للخطر، لكنه قلل من تداعيات العقوبات على اعتبار أن "بعض المشترين قد يختارون تجاهل هذه العقوبات، وقد تعتمد روسيا أيضاً بشكل أكبر على الناقلات في أسطول الظل التي لا تخضع للعقوبات لمواصلة التجارة"، مضيفاً أن روسيا قد تضطر إلى زيادة حجم أسطولها من أجل استمرار التدفقات دون انقطاع.

لكن في حال عدم تمكن روسيا فعلياً من الالتفاف على العقوبات هذه المرة وأيضاً تعرض إيران لعقوبات صارمة وفق نهج "الضغط الأقصى" مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، فإن وقع ذلك على السوق سيكون واضحاً. وإذا انخفضت إمدادات النفط الإيرانية بمقدار مليون برميل يومياً، فقد يرتفع سعر خام برنت إلى نحو 85 دولاراً للبرميل بحلول منتصف عام 2025، وذلك على افتراض أن تحالف "أوبك+"، الذي يضم الدول الأعضاء في منظمة أوبك وكبار المنتجين من خارجها، سيزيد إمداداته على مدار العام، وفقاً لتقديرات "غولدمان ساكس".

وإذا حدث انخفاض قدره مليون برميل يومياً من إيران لمدة ستة أشهر، فقد يقفز سعر خام برنت إلى ما يقرب من 90 دولاراً للبرميل. وهذا على افتراض أن تحالف "أوبك+" سيزيد بسرعة إمدادات النفط للتعويض عن النقص من إيران، وفقاً لبنك الاستثمار الأميركي.

لكن "غولدمان ساكس" يرى أن هناك رياحاً معاكسة قد تغير المشهد في ما يتعلق بأسعار النفط، لافتاً إلى سياسة ترامب التجارية، التي قد تشكل عائقاً أمام نمو الاقتصاد العالمي، ما يدفع أسعار النفط للهبوط، وقال إن "الرسوم الجمركية الأوسع المتوقع فرضها من جانب إدارة ترامب قد تؤدي إلى انخفاض أسعار النفط في الأمد المتوسط". وقدر البنك أن خام برنت قد يهبط إلى مستوى 60 دولاراً للبرميل بحلول نهاية عام 2026 في سيناريو تفرض فيه الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 10% على جميع السلع.

المساهمون