طوابير طويلة للمتقاعدين في سورية للحصول على منحة عيد الفطر

28 مارس 2025
أمام جهاز صراف آلي في دمشق، 23 ديسمبر 2024 (أمين سنسار/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعاني المتقاعدون في سوريا من صعوبات في الحصول على مستحقاتهم المالية، مع تأخيرات مستمرة في صرف الرواتب والمنح، مما يسبب إحباطًا كبيرًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
- على الرغم من تأكيدات بتحويل الكتل المالية اللازمة، إلا أن الصعوبات مستمرة بسبب آليات الصرف المعقدة، حيث تم تعديل موعد صرف الرواتب إلى اليوم الأول من كل شهر دون حل المشكلة بالكامل.
- تشمل المنحة أكثر من 1.5 مليون مستفيد، ويبقى السؤال حول تحسين التنظيم وتوفير مواعيد دقيقة للصرف لتجنب معاناة المتقاعدين المستمرة.

المتقاعدون في سورية أمام واقع مؤلم مرير، ومنهم مصطفى الأيوب، رجل سبعيني من الغوطة الشرقية، الذي يقف تحت شمس دمشق اللاهبة، أمام باب مؤسسة البريد في الحجاز. يأمل أن يحصل على راتبه الشهري أو المنحة التي وعدت بها الحكومة بمناسبة عيد الفطر. لكن الرد دائمًا واحد: "لا توجد نقود الآن". مصطفى، الذي تكرر حضوره يومًا بعد يوم، أخبر "العربي الجديد" أنه طلب لقاء المدير للحصول على إجابة واضحة، لكن قيل له إن المدير غير موجود ولا يمكن تحديد موعد وصول الأموال من المصرف. هذه المعاناة لا تخص مصطفى وحده، فهي مشهد يومي لمئات المتقاعدين الذين يتوافدون على البريد على أمل الحصول على مستحقاتهم.

ومن بين هؤلاء، مروة العمري، امرأة ستينية جاءت للمرة الثامنة، حلمها كان أن تشتري هدايا لأحفادها لرسم البسمة على وجوههم في عيد الفطر. لكنها غادرت بخيبة أمل حين أُخبرت مجددًا بعدم توفر الرواتب والمنح.

وفي محافظة حمص، يصطف المتقاعدون بالعشرات أمام البريد في شارع عبد المنعم رياض، إبراهيم سليمان، أحد أصحاب المعاشات التقاعدية، قال لـ"العربي الجديد": "وقفت في الطابور ساعات طويلة لأكتشف أن المؤسسة التي عملت بها لم تحول المنحة حتى الآن، رغم مرور أيام على صدور القرار". وبين زحام لا يراعي كبار السن، تقف رويدة الموسى، سيدة في الثمانين من عمرها، منهكة بعد ساعات من الانتظار في الطوابير الطويلة.

تروي رويدة لـ"العربي الجديد" كيف أن الحياة أصبحت أكثر ضيقاً مع قلة الراتب الشهري المخصص لهم من جانب الدولة، رغم أمراضها المزمنة وسنوات الخدمة الطويلة التي أفنتها في مؤسسات الدولة. تعبر بصوت مكسور عن أسفها العميق لما تصفه بأنه "إهانة" يتعرض لها المتقاعدون، قائلة: "يعاملوننا وكأننا عبيد، دون أي اعتبار لأعمارنا أو ظروفنا الصحية". هذه الكلمات تعكس معاناة آلاف المتقاعدين الذين يواجهون ظروفاً مشابهة، حيث تتكرر مشاهد الطوابير الطويلة يومياً أمام مكاتب البريد والمصارف، في انتظار مستحقاتهم المالية التي تأخرت أو لم تصل بعد.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وكانت قد أصدرت المصارف قرارًا عُدّل بموجبه موعد استلام الرواتب التي يتقاضاها المتقاعدون في سورية، وبحسب القرار فقد جرى تحديد اليوم الأول من كل شهر، وكانت رواتب المتقاعدين تُصرف سابقًا في الفترة بين 16 و20 من كل شهر.

وعلى الرغم من هذه المعاناة، فإن حسن الخطيب، مدير المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، أكد في تصريح لـ"العربي الجديد" أن المؤسسة أكملت تحويل الكتل المالية اللازمة لصرف المنحة. وقال الخطيب: "بلغت الكتلة الإجمالية للمنحة المخصصة للمتقاعدين حوالي 145 مليار ليرة سورية، وتم تحويلها إلى المصارف والبريد بدءاً من يوم الثلاثاء الماضي". وأوضح أن الصعوبات التي تواجه الصرف لا تتعلق بعمل المؤسسة وإنما ترتبط بآليات المصارف والبريد.

وأضاف مدير المؤسسة إلى أنه يمكن للمستفيدين قبض المنحة المالية بالطريقة ‏المعتادة التي يحصلون بها على معاشاتهم، سواء عن طريق المؤسسة ‏السورية للبريد أو المصارف العامة وفروعها في المحافظات.‏ وقد نص قرار رئيس الجمهورية لمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، الذي يحمل الرقم 6 لعام 2025، على صرف منحة تعادل راتب شهر واحد للعاملين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين بمناسبة عيد الفطر، على أن تُعفى المنحة من أي ضرائب أو اقتطاعات. 

وشملت المنحة أكثر من 760 ألف متقاعد من مؤسسة التأمين والمعاشات، بالإضافة إلى حوالي 750 ألف مستفيد من التأمينات الاجتماعية، بحسب آخر الإحصائيات، لكن رغم هذه الجهود الرسمية، يبقى المشهد الإنساني مؤلماً، كثير من كبار السن يتحملون مشقة الانتظار والتنقل لمسافات طويلة دون أي ضمان للحصول على مستحقاتهم. أما السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن تحسين التنظيم من خلال وضع مواعيد دقيقة للصرف أو إشعار المواطنين بآلية توفر الأموال لتجنب معاناتهم، أم أن هذه الأزمة ستظل عبئاً إضافياً يثقل كاهل المتقاعدين في سورية؟

المساهمون