طفرة في التوظيف غير النفطي بالسعودية تدعم التنويع الاقتصادي

25 مايو 2025
داخل البورصة السعودية، 12 ديسمبر 2019 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- شهدت السعودية نمواً قياسياً في التوظيف بالقطاعات غير النفطية، مدفوعاً بزيادة المبيعات ونشاط الأعمال، مما يعكس تحولاً اقتصادياً بعيداً عن الاعتماد على النفط.
- يعزى هذا النمو إلى زيادة الطلب على الخدمات والمنتجات غير النفطية، وتحسن أوقات تسليم الموردين، مما يسهم في تقليص الاعتماد على النفط ويعزز مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي.
- يدعم هذا الزخم أهداف المملكة في خفض البطالة وخلق بيئة اقتصادية مستدامة، ويعكس فعالية الإصلاحات الاقتصادية ضمن رؤية 2030.

سلط النمو القياسي للتوظيف في القطاعات غير النفطية في السعودية خلال الأشهر الأخيرة الضوء على التحول اللافت الذي يشهده اقتصاد المملكة وانعكاس ذلك على التشغيل في البلد الذي كان لفترات قريبة يعتمد بشكل شبه كلي على النفط.

فرغم تباطؤ وتيرة نمو الأعمال غير النفطية في إبريل/نيسان، إذ سجل مؤشر مديري المشتريات 55.6 نقطة مقارنة بـ58.1 في مارس/آذار، لكنّ معدلات التوظيف سجلت أسرع وتيرة فصلية لها في أكثر من عقد، بحسب تحليل صادر أخيراً عن بنك الرياض. وجاء هذا الارتفاع في التوظيف نتيجة زيادة المبيعات ونشاط الأعمال القائمة، ما دفع الشركات إلى تعزيز طاقتها البشرية لتلبية الطلب المتزايد، حتى في ظل تراجع تفاؤل الأعمال بسبب التحديات الاقتصادية العالمية، وفقاً لما أورده تقدير نشره موقع "إيكونوميك ميدل إيست".

ويعزو خبراء هذا النمو القياسي إلى عدة محركات رئيسية، أبرزها الطفرة في الطلب المحلي والدولي على الخدمات والمنتجات غير النفطية، وتحسن أوقات تسليم الموردين، وارتفاع الإنتاج في قطاعات حيوية مثل الخدمات، والبناء، والتصنيع، وهو ما بدت انعكاساته تلك على الاقتصاد السعودي واضحة، فالنمو في التوظيف غير النفطي يُسهم في تقليص الاعتماد على النفط، ويوفر فرص عمل نوعية للسعوديين، ويعزز من مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، والتي وصلت إلى نحو 52% في الربع الأول من العام الجاري، وفق تقدير نشره موقع شركة "جيه كيه مانجمنت" الاستشارية.

وأورد التقدير ذاته أن هذا الزخم في التوظيف يدعم أهداف المملكة في خفض معدلات البطالة إلى 7%، ويخلق بيئة أكثر استدامة واستقراراً للنمو الاقتصادي، خاصة مع التوسع في قطاعات مثل السياحة، والبنية التحتية، والتقنية، والطاقة المتجددة. ورغم بعض الحذر في توقعات الأعمال بسبب حالة عدم اليقين العالمية، إلا أن استمرار التوظيف بوتيرته المرتفعة يعزز ثقة المستثمرين في قدرة الاقتصاد السعودي على تحقيق أهدافه التنموية بعيداً عن تقلبات أسواق النفط، بحسب محللين.

وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الشركات في السعودية تشهد زيادة في التوظيف ردَّة فعل على الطلب الداخلي المتزايد، من الأسر خاصة، موضحاً أنّ الاستهلاك الأسري في المملكة أقل بنسبة تتراوح بين 15% و20% مقارنة باقتصادات أخرى ذات دخل فردي مماثل، ما يشير إلى وجود إمكانية كبيرة لزيادته في المستقبل. ويربط عجاقة هذه الزيادة في الاستهلاك بتعزيز القطاع غير النفطي، الذي يشهد نمواً ملحوظاً بسبب عوامل متعددة، أبرزها الانفتاح الاقتصادي الناتج عن رؤية 2030، لافتاً إلى أنّ هذا الانفتاح أدى إلى ارتفاع الطلب على الوظائف، وازدهار قطاعات مثل السياحة والمؤتمرات والاتفاقيات الدولية، مما انعكس إيجاباً على الناتج المحلي الإجمالي.

ويفسر هذا الواقع أحد الدوافع الرئيسية التي تحث الشركات على التوسع والاستثمار داخلياً، حسب ما يرى عجاقة، لافتاً إلى أنّ هذا التحسن ساهم في تعزيز الطلب على مختلف المستويات؛ فزادت فرص العمل، وارتفعت وتيرة السياحة، وتنامى تنظيم المؤتمرات والاتفاقيات الاقتصادية. وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي، محمد الناير، لـ"العربي الجديد" إلى أنّ معدل النمو اللافت للتوظيف بالقطاع غير النفطي في السعودية لا يعكس فقط زخماً اقتصادياً داخلياً، بل يدل أيضاً على فعالية الإصلاحات التي تتبناها الدولة ضمن رؤية 2030.

ويوضح الناير أنّ الارتفاع الملحوظ بمعدلات التوظيف في القطاع الخاص غير النفطي مؤشر إيجابي يتضمن دلالات متعددة، منها التوسع في أنشطة الشركات، وزيادة الاستثمارات، والارتقاء بمستوى الإنتاج والمبيعات. ويضيف أنّ هذا النمو نتيجة مباشرة لتأسيس مشروعات جديدة، وتعزيز دور القطاعات الاقتصادية المختلفة؛ ما ساعد في خلق آلاف الفرص الوظيفية، بخاصة أمام الفئة الشابة. ويرى الناير أنّ هذا التوسع الكبير في أنشطة القطاع الخاص غير النفطي يؤكد جدية المملكة في تنفيذ خطتها الاقتصادية الرامية إلى تقليل الاعتماد على النفط، وتنويع مصادر الدخل الوطني.

المساهمون