طبول الحرب تقرع في الخليج... ما الخسائر المتوقعة؟

12 يونيو 2025   |  آخر تحديث: 13 يونيو 2025 - 08:18 (توقيت القدس)
بورصة الكويت، 7 أبريل 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصاعد التوترات الجيوسياسية في الخليج يثير مخاوف من صراع عسكري بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل، مع تهديدات إيرانية بضرب القواعد الأميركية واستعدادات إسرائيلية لعمليات عسكرية.
- التحركات الأميركية بإجلاء رعاياها واستعدادات إسرائيل أثرت على الاقتصاد الخليجي، مع تهديدات بقطع إمدادات النفط والغاز، مما قد يرفع أسعار الطاقة ويؤثر على النمو الاقتصادي والتضخم.
- التوترات تهدد بإغلاق مضيق هرمز، مما يسبب اضطرابات في أسواق الطاقة العالمية، وتراجع البورصات الخليجية يعكس قلق المستثمرين حول استقرار المنطقة.

ما إن قرعت طبول الحرب أبواب منطقة الخليج، وزادت حالة الغموض واللايقين خلال اليومين الماضيين، حتى سارعت حكومات ومستثمرون وأسواق المال إلى تقييم الموقف ورسم سيناريوهات متشائمة للأوضاع والتطورات المحتملة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية، بسبب الحساسية الشديدة للمنطقة التي تشهد منذ فترة مخاطر جيوسياسية متنامية، وارتفاعاً ملحوظاً في منسوب التوتر بين إيران من جهة والولايات المتحدة ودولة الاحتلال من جهة أخرى، واحتمالية اندلاع حرب شاملة أو صراع عسكري بين قوى كبرى.

ومالت تلك السيناريوهات نحو القتامة، عقب إجلاء رعايا أميركيين وعلى وجه السرعة من دول مطلة على الخليج، منها العراق والبحرين والكويت، وتهديد طهران بضرب القواعد الأميركية في المنطقة حال الدخول في مواجهة مباشرة مع واشنطن أو تل أبيب، أو مهاجمة جيش الاحتلال البرنامج النووي الإيراني أو قطاعات حيوية مثل النفط والغاز والمطارات وموانئ تصدير الطاقة.

كما تدهورت التوقعات عقب إعلان إسرائيل استعدادها الكامل لـ"عمليات عسكرية محتملة"، واعتماد وكالة الطاقة الذرية قراراً أعدته عواصم غربية يؤكد أن طهران تنتهك التزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار النووي، ورد طهران على ذلك بإعلان فتح منشأة جديدة، وزيادة التخصيب وإجراء تجربة ناجحة لصاروخ برأس حربي يزن طنين.

وعقب تحركات أميركية مفاجئة بنقل رعاياها من دول بالمنطقة أو إخلاء بعض سفاراتها في دول أخرى، والكشف عن أن إسرائيل مستعدة لتنفيذ عملية عسكرية ضد إيران، هيمنت المخاطر على المشهد الاقتصادي في منطقة الخليج الاستراتيجية، وزادت قلاقل المستثمرين لأسباب عدة، فالمنطقة هي المصدر الأبرز لإنتاج الطاقة في العالم، ودول الخليج الأولى في إنتاج واحتياطي وتصدير النفط، حيث تنتج 17 مليون برميل يومياً، وهو ما يمثل ما نسبته 23.2% من إجمالي الإنتاج العالمي، وتضم المنطقة أكبر منتجي النفط، السعودية والإمارات والكويت والعراق وإيران، وبها أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال عالمياً، هي قطر، والمنطقة تصنف على أنها أحد الطرق التجارية المهمة للعالم وسلاسل التوريد.

الخليج بات على صفيح ساخن، وهذا الوضع له ارتدادات على ملفات عدة لا تتعلق بدول المنطقة بل باقتصادات العالم، ومن أبرز الملفات، أسعار النفط

ولذا فإن اندلاع حرب في الخليج ينتج عنه مباشرة تهديد لقطع إمدادات الطاقة، وتعطيل لحركة الملاحة البحرية التجارية إقليمياً ودولياً. يصاحب ذلك حدوث قفزات في أسعار النفط ومشتقات الطاقة تؤثر سلباً على معدلات النمو العالمي، وترفع معدلات التضخم وتدعم الركود بشكل يهدد اقتصادات الدول المختلفة كما جرى عقب اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022.

ومع اصدار دونالد ترامب تعليمات بإجلاء موظفين أميركيين من الشرق الأوسط لأن "المكان قد يصبح خطيراً" على حد وصفه، وإعلان وزير الدفاع بيت هيغسيث السماح "بالمغادرة الطوعية" لأفراد عائلات العسكريين الأميركيين من المنطقة لأسباب أمنية، وتأكيد وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصير زاده، إنه في حال اندلاع حرب مع الولايات المتحدة، فستهاجم بلاده جميع القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة، فإن الخليج تحول إلى بؤرة ساخنة، صاحبتها توترات اقتصادية عكسها أداء البورصات الخليجية التي تهاوت أمس، وفي المقدمة بورصات السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين، وكذا بورصات دول أخرى منها مصر.

وفي ظل سيناريو "الخطر القاتم" وهيمنة الغموض الشديد على أجواء المنطقة، استعادت الذاكرة سيناريوهات بالغة السلبية للاقتصاد العالمي، منها مثلاً احتمالية إقدام إيران على غلق مضيق هرمز، شريان الطاقة العالمي، وأحد أبرز النقاط الاستراتيجية والتجارية الحساسة في العالم، حيث يمر عبره نحو 20% من إجمالي استهلاك العالم من النفط، أي ما بين 18 و19 مليون برميل يومياً من النفط والمشتقات والوقود، خاصة أن طهران هددت في أوقات سابقة بغلق المضيق في حال استهدافها من القوات الأميركية المتمركزة في الخليج، كما احتجز الحرس الثوري الإيراني في سنوات سابقة ناقلات نفط ترفع علم دول أجنبية في المضيق وقت التوترات. وهذا السيناريو بالغ القتامة لأسواق النفط والدول كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل الصين واليابان والهند وغيرها.

ولا ننسى ما جرى في العام 2019 حيث جرى استهداف مصفاة بقيق النفطية السعودية، أكبر منشأة لتكرير النفط في العالم، بـ 18 طائرة مسيرة، بالتوازي مع هجوم بأربعة صواريخ كروز لحقل خريص النفطي. وقد أشارت أصابع الاتهام وقتها إلى وقوف إيران وجماعة الحوثي اليمنية الموالية لها وراء أكبر ضربة توجه لقطاع النفط السعودي في تاريخه.

الخليج بات على صفيح ساخن، وهذا الوضع له ارتدادات على ملفات عدة لا تتعلق بدول المنطقة بل باقتصادات العالم، ومن أبرز الملفات، أسعار النفط، البورصات وأسواق المال، أوضاع العمالة الوافدة، تدفق الاستثمارات الخارجية، حركة التجارة الدولية.

المساهمون