الولايات المتحدة تضغط على الاتحاد الأوروبي لخفض الرسوم الجمركية أحادياً

23 مايو 2025
مقرّ الاتحاد الأوروبي في بروكسل، 30 سبتمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تضغط الولايات المتحدة على الاتحاد الأوروبي لخفض الرسوم الجمركية على السلع الأميركية من جانب واحد، مهددة بفرض رسوم إضافية بنسبة 20% إذا لم يتم تقديم تنازلات ملموسة، مع التركيز على الضريبة الرقمية.

- يسعى الاتحاد الأوروبي إلى صياغة إطار مشترك للمفاوضات، مع وجود فجوة كبيرة في المواقف. الاجتماع المقبل في باريس سيكون حاسماً لتجنب التصعيد التجاري.

- تسعى بروكسل لمواجهة المطالب الأميركية عبر اتفاقات تعاونية، مع التركيز على الاعتراف المتبادل بالمعايير وتسهيل التجارة، وجمدت رسوماً على سلع أميركية بقيمة 23 مليار يورو.

كشفت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، اليوم الجمعة، أنّ المفاوضين التجاريين للرئيس الأميركي دونالد ترامب

يمارسون ضغوطاً على الاتحاد الأوروبي من أجل خفض الرسوم الجمركية من جانب واحد على السلع الأميركية، مهدّدين بفرض رسوم إضافية بنسبة 20% إذا لم تقدم تنازلات ملموسة. ووفقاً لمصادر مطلعة، يستعد الممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير لإبلاغ نظيره الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش بأنّ "المذكرة التفسيرية" التي قدمتها بروكسل في الجولة الأخيرة من المحادثات لم ترقَ إلى مستوى توقعات واشنطن.

وأعربت الولايات المتحدة عن استيائها مما وصفته بـ"الرد الأوروبي المحدود"، إذ لم يعرض الاتحاد سوى تخفيضات متبادلة في الرسوم، بينما تطالب واشنطن بخفض أحادي مماثل لما قدّمته دول شريكة أخرى. كما عبّرت الإدارة الأميركية عن انزعاجها من غياب الضريبة الرقمية المقترحة عن جدول التفاوض، على الرغم من إصرارها على إدراجها كأحد الملفات الأساسية.

وبينما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى صياغة إطار مشترك يُمهّد الطريق للمفاوضات، إلا أنّ المصادر تؤكد استمرار وجود فجوة كبيرة في المواقف بين الطرفين. ومن المتوقع أن يلتقي غرير وشيفتشوفيتش في باريس الشهر المقبل، في اجتماع قد يكون حاسماً لتحديد ما إذا كان يمكن تجنب التصعيد في النزاع التجاري. وتصرّ واشنطن على أن يتخذ الاتحاد خطوات جدية لتقليص العجز التجاري معها، والذي بلغ 192 مليار يورو خلال عام 2024. ورغم تبادل الوثائق التفاوضية، لم يُسجّل أي تقدم يُذكر منذ إعلان ترامب عن فترة تفاوض تمتد لـ90 يوماً. وقال مسؤول أميركي مطّلع على سير المحادثات: "تبادل الرسائل لا يُعدّ تقدماً حقيقياً... نحن لم نحقق أي إنجاز فعلي بعد".

وكانت المملكة المتحدة قد توصلت إلى اتفاق مع واشنطن احتفظت بموجبه برسوم جمركية "متبادلة" بنسبة 10%، لكنها نجحت في الحصول على إعفاءات من الرسوم على صادراتها من الفولاذ، وخفض الرسوم الجمركية إلى 10% على 100 ألف سيارة سنوياً، فضلاً عن توسيع وارداتها من الإيثانول واللحوم الأميركية.

ويُشار إلى أنّ الولايات المتحدة فرضت في إبريل/ نيسان رسوماً جمركية بنسبة 20% على معظم السلع الأوروبية، قبل أن تخفضها إلى النصف مؤقتاً حتى 8 يوليو/ تموز لإفساح المجال للمفاوضات. لكنها أبقت على رسوم بنسبة 25% على الصلب والألمنيوم وقطع غيار السيارات، وتعتزم اتخاذ خطوات مماثلة تطاول الأدوية وأشباه الموصلات وسلعاً أخرى. ويعتقد عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين أن واشنطن لن تتنازل عن فرض حدّ أدنى من الرسوم الجمركية بنسبة 10% ضمن أي اتفاق مستقبلي، ما دفع بعض وزراء التجارة الأوروبيين إلى طرح خيار الرد بالمثل.

وترى الإدارة الأميركية أنّ العرض الأوروبي الحالي، الذي يتضمّن إزالة جميع الرسوم الجمركية على السلع الصناعية وبعض المنتجات الزراعية بشرط المعاملة بالمثل، يصبّ في مصلحة بروكسل، نظراً لاستخدامها معايير تنظيمية صارمة تعيق دخول الواردات الأميركية.

كذلك أرسلت واشنطن مجموعةً من الشروط الأساسية لأي اتفاق، شملت تسهيل استثمارات الشركات الأميركية في السوق الأوروبية، وتخفيف القيود التنظيمية، والاعتراف بالمعايير الغذائية والإنتاجية الأميركية، إلى جانب إلغاء الضرائب الرقمية المفروضة محلياً في بعض دول الاتحاد. وبحسب مصادر دبلوماسية، أكدت سابين وياند، المسؤولة الأولى عن ملف التجارة في المفوضية الأوروبية، خلال اجتماع مع سفراء الدول الأعضاء، أن المفوضية تسعى إلى "مواجهة المطالب الأحادية الأميركية عبر اتفاقات تعاونية".

وفي هذا السياق، عرضت بروكسل مناقشة ملفات تتعلق بالاعتراف المتبادل بالمعايير، وتسهيل الإجراءات الخاصة بالتجارة في المواد الغذائية والمنتجات الحيوانية، فضلاً عن ضمان التزام الواردات بالمعايير الدولية في مجالي العمل والبيئة، وهو مطلب رئيسي للولايات المتحدة.

ورغم دراسة المفوضية اتخاذ تدابير انتقامية إضافية، شددت على ضرورة بذل كل جهد ممكن لتجنّب التصعيد، وقد جمّد الاتحاد الأوروبي رسوماً جمركية على سلع أميركية بقيمة 23 مليار يورو في إطار المحادثات الجارية، ويجري حالياً مشاورات مع الحكومات والصناعات المختلفة بشأن قائمة موسعة من السلع، قد تصل قيمتها إلى 95 مليار يورو، تشمل طائرات بوينغ وويسكي البوربون.

من جانبه، صرّح المتحدث باسم ملف التجارة في الاتحاد الأوروبي، أولوف غيل، قائلاً: "أولوية الاتحاد هي التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن مع الولايات المتحدة، يراعي عمق العلاقة التجارية والاستثمارية بين الطرفين". وأضاف: "يجب على الجانبين العمل معاً لحلّ الإشكالات الحالية في ملف الرسوم الجمركية، وتعزيز التنسيق الاستراتيجي في المجالات ذات الاهتمام المشترك".

المساهمون