صورة قاتمة لواقع العمال الأردني في اليوم العالمي للعمال
استمع إلى الملخص
- انتقد تقرير المركز الأردني لحقوق العمل أوضاع العمالة غير الرسمية التي تفتقر إلى عقود قانونية وتغطية اجتماعية، مشيرًا إلى التحديات التي تواجه النساء والعمال المهاجرين في سوق العمل.
- دعت جمعية تمكين إلى تحسين التشريعات لتوفير حماية شاملة للعمال، مشددة على ضرورة الرقابة على المنشآت الخاصة، وأهمية الاستثمار في حقوق العمال لتعزيز النمو الاقتصادي.
طالبت مؤسسات حقوقية أردنية بمناسبة يوم العمال العالمي الذي يصادف الأول من مايو/ أيار، بتعديل التشريعات العمالية لتوسيع نطاق الحماية القانونية، ورفع الحد الأدنى للأجور بما يتناسب مع تكاليف المعيشة، وتوسيع مشاركة النساء في سوق العمل، وتعزيز الرقابة ومواجهة نسب البطالة المرتفعة في البلاد.
وأصدر المركز الأردني لحقوق العمل"بيت العمال" تقريره السنوي الموسع حول أوضاع سوق العمل والحقوق العمالية في الأردن لعام 2024، بهذه المناسبة، والذي يكشف عن جملة من المؤشرات، والتي تؤكد أن سوق العمل الأردني ما يزال يعاني أزمة هيكلية ممتدة، أهمها استمرار ارتفاع معدلات البطالة، حيث بلغ المعدل العام 21.4%، وتجاوز بين الشباب 46.6%، بينما بلغت بطالة النساء 32.9%، في وقت لم تفلح فيه مبادرات التشغيل في إحداث تغيير ملموس نتيجة غياب الرؤية التكاملية، وضعف التنسيق المؤسسي وعدم ربط السياسات الاقتصادية بإصلاحات سوق العمل.
كما أظهر التقرير اتساع الفجوة بين مخرجات النظام التعليمي واحتياجات سوق العمل، خاصة في ما يتعلق بالتخصصات الجامعية المشبعة، وانخفاض الإقبال على التعليم المهني والتقني نتيجة الصورة النمطية السلبية من جهة، وغياب التحفيز والسياسات المحفزة من جهة أخرى، وهو ما أدى إلى استمرار اختلال التوازن بين العرض والطلب وبقاء مئات الآلاف من الشباب من دون فرص عمل مجدية.
وانتقد التقرير أوضاع العمالة غير الرسمية التي تمثل أكثر من نصف القوى العاملة في الأردن، وتتركز بشكل رئيسي في قطاعات الزراعة والبناء والعمل المنزلي والتجارة غير المنظمة، حيث تؤكد البيانات أن الغالبية الساحقة من العاملين في هذا القطاع لا يتمتعون بعقود قانونية ولا بتغطية في الضمان الاجتماعي أو التأمين الصحي ويخضعون لظروف عمل غير آمنة وأجور متدنية، من دون تمثيل فعلي لهم للدفاع عنهم ولتوفير الحماية لهم.
وقال التقرير إن النساء ما زلن يواجهن فجوات هيكلية في الأجور وفي فرص الترقي وفي الاستقرار الوظيفي، إضافة إلى ضعف الالتزام بتوفير حضانات وأماكن عمل آمنة، أما العمال المهاجرون فيعمل عدد كبير منهم في ظل نظام تصاريح يقيد حركتهم ويمنعهم من تغيير أصحاب العمل ويبقيهم عرضة للانتهاك والاستغلال مع محدودية الرقابة الفعلية.
تحديات تواجه العمال في الأردن
بدورها، دعت جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان في بيان بالمناسبة، إلى تحسين التشريعات والقوانين لتوفير حماية اجتماعية شاملة للعمال والعاملات، بحيث تضمن هذه التشريعات حقوق العمل الأساسية والحد الأدنى للأجور والسلامة والصحة المهنية والحماية من التمييز، مؤكدة ضرورة توسيع نطاق الحماية الاجتماعية لتشمل جميع العمال، بما في ذلك العمال في القطاع غير المنظم والعمال المهاجرين والعمال الذين يعملون في وظائف غير رسمية أو مؤقتة.
وأشارت إلى أن الأعوام الثلاثة الأخيرة شهدت سلسلة من التعديلات التشريعية الهادفة إلى تحسين بيئة العمل وتعزيز الحماية الاجتماعية، منها: بعض التعديلات الإيجابية على قانوني العمل والضمان الاجتماعي، بما في ذلك، رفع الحد الأدنى للأجور إلى 290 دينارًا (410 دولارات)، وتعزيز أحكام السلامة والصحة المهنية، وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية ليشمل فئات أوسع، إلا أن هذه التغييرات، لم تُحدث تحولًا جذريًّا في مواجهة التحديات التي يعانيها سوق العمل الأردني.
ولا تزال الفجوة كبيرة بين النصوص القانونية والتطبيق، حيث تواجه العمال تحديات عديدة، أبرزها: ارتفاع البطالة حيث بلغت 21.4% خلال عام 2024، مع تركزها بشكل أكبر بين النساء بنسبة 32.9%، وضعف الرقابة والتفتيش على المنشآت الخاصة، واتساع نطاق القطاع غير الرسمي، الذي يعمل فيه نحو 40% من العمال من دون أي حماية قانونية، وغيرها من التحديات.
وبحسب البيان، فإن التشريعات الحالية، رغم تطورها النسبي، لم تمنع انتهاكات واسعة بحق العمال، مثل: تأخّر صرف أجور العاملين والعاملات، أو عدم صرفها من الأساس لمدة طويلة، وعدم شمولهم بالضمان الاجتماعي، وغياب شروط السلامة والصحة المهنية في العديد من بيئات العمل، وعدم التقيد بالحد الأدنى للأجور، وساعات العمل الطويلة التي تتجاوز 8 ساعات يوميًّا، التي حددها قانون العمل الأردني، من دون الحصول على بدل عمل إضافي، وغيرها من الانتهاكات.
وأوضح البيان أن غالبية العاملين بأجر في الأردن يعانون انخفاض الدخل واتساع ظاهرة "العمالة الفقيرة"، حيث لا تكفي الأجور لتغطية الاحتياجات الأساسية للأسر، حيث يتقاضى 70% من العاملين في القطاع الخاص أقل من 600 دينار شهريًّا حوالي 850 دولارًا.
في السياق ذاته أشار البيان أن متوسط الأجر الشهري في القطاع الخاص يبلغ 493 دينارًا(695 دولارًا)، هذا المتوسط أقل بكثير من خط الفقر العام البالغ 813.7 دينارًا سنويًّا للفرد(1147 دولارًا) (68 دينارًا شهريًّا حوالي 96 دولارًا)، ما يظهر فجوة كبيرة بين الأجور وتكاليف المعيشة.
من جهته، دعا المرصد العمالي الأردني إلى ضرورة الاستثمار في حقوق العاملين والعاملات في الأردن باعتباره مدخلاً أساسياً لتعزيز النمو الاقتصادي المحلي الذي أصبح مُهدداً بالتدهور جرّاء الظروف الإقليمية والدولية المُحيطة، والاستمرار في تطبيق سياسات اقتصادية غير ناجعة. وفي بيان أصدره المرصد العمالي التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية بمناسبة عيد العمال، قال إن النمو الاقتصادي الأردني ما يزال عند مستويات متدنية، إذ بلغ 2.5 % فقط خلال عام 2024 وفقاً لبيانات دائرة الإحصاءات العامة.
وبيّن المرصد في البيان أن الظروف الإقليمية والدولية المحيطة ومنها قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخير بفرض رسوم جمركية على الأردن بنسبة 20%، سيكون لها انعكاسات سلبية على الاقتصادي المحلي. وأكد المرصد أنه لتفادي هذه التحديات الاقتصادية، لا بد للحكومة أن تستثمر في حقوق العمال في الأردن من حيث تعزيز الحماية الاجتماعية والاستمرار في زيادة مستويات الأجور، من أجل دفع عجلة الاقتصاد المحلي إلى الأمام.
ورأى المرصد أن منظومة الحماية الاجتماعية في الأردن تتراجع أكثر فأكثر كل عام، بخاصة بعد التعديلات التراجعية السابقة التي طرأت على قانون الضمان الاجتماعي والتي سمحت للقطاع الخاص بتخفيض نسبة الاشتراكات الشهرية لتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة بنسبة أقصاها 50 % عن المؤمن عليهم الأردنيين الذين لم يكملوا سن الـ30 ولم يسبق لهم الاشتراك في الضمان الاجتماعي.
وفي بيان بمناسبة عيد العمال، كشف الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، عن شكاوى متكررة وردت من عمال في قطاعات اقتصادية عديدة، حول مخالفات تتعلق بعدم الالتزام بتطبيق الحد الأدنى للأجور، والذي بدأ العمل به مطلع العام 2025، وفق القرار السابق، الذي صدر عن اللجنة الثلاثية لشؤون العمل.
وقال رئيس الاتحاد خالد الفناطسة، أن قطاعات وأنشطة اقتصادية أصبحت تُعرف بتكرار هذه الانتهاكات، من بينها قطاع الخدمات العامة، والخدمات المساندة في القطاع الطبي، وشركات الأمن والحماية، وغيرها من شركات الخدمات، الأمر الذي يمثل مخالفة صريحة للقانون، وتجاوزاً على حقوق العمال، لافتاً إلى أن ذلك يتم من خلال دفع أجور تقل عن الحد المقرر، أو تشغيل العامل أكثر من الساعات المعتمدة للعمل، كي يصل أجره إلى الحد المقرر من دون احتساب ساعات العمل الإضافي.
وأوضح الفناطسة، أن استمرار هذه التجاوزات يتطلب تشديد الرقابة والتفتيش، ورصد القطاعات التي تزداد فيها التجاوزات وتنظيم حملات رقابة مكثفة عليها، لحماية الحقوق العمالية المكفولة بموجب القانون.