صندوق النقد يتوقع نمو الاقتصاد القطري 4% مدعوماً بمشاريع الغاز

07 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 19:42 (توقيت القدس)
منشآت غاز في قطر (كريم جعفر/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- النمو الاقتصادي وقطاع الغاز: أكد صندوق النقد الدولي استمرار نمو اقتصاد قطر بمعدل 4% سنوياً بفضل التوسع في مشاريع الغاز الطبيعي المسال، حيث يشكل حقل غاز الشمال نقطة تحول لمستقبل الاقتصاد القطري.

- التنوع الاقتصادي: شهد القطاع غير الهيدروكربوني نمواً بنسبة 3.4% في 2024، مع توقعات بتسارع النمو إلى أكثر من 4% في 2025، مدعوماً بالتحول نحو الاقتصاد الرقمي والمعرفي وزيادة الإنفاق العام.

- الاستقرار المالي والإصلاحات: انخفض التضخم إلى 1.3% في 2024، مع استقرار الأسعار وقوة البنوك القطرية. تراجع الدين الحكومي إلى 40% من الناتج المحلي الإجمالي في 2025، مما يعكس نجاح السياسات المالية.

أكد صندوق النقد الدولي أن اقتصاد قطر حافظ على زخمه في 2024 بالرغم من تقلبات سوق الطاقة العالمية وتصاعد عدم اليقين الجيوسياسي، موضحاً أن السياسات الاستباقية والإصلاحات الموجهة ضمن "استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة" وضعت الدوحة في طليعة الاقتصادات ذات النمو المتوازن إقليمياً. وتوقع الصندوق استمرار النمو الإجمالي للاقتصاد القطري على المدى المتوسط بنسبة 4% سنوياً، مدعوماً بالتوسع الضخم في مشاريع الغاز الطبيعي المسال.

وشدد الصندوق في تقريره السنوي، بعد زيارة وفد من الخبراء بقيادة ناتان بورتر إلى الدوحة من 8 إلى 17 سبتمبر/ أيلول الماضي، لمناقشة أحدث التطورات في القطاعين الاقتصادي والمالي، والآفاق المتوقعة وخطط الحكومة، على صمود الدوحة في وجه تحديات الاقتصاد العالمي. وأكد فريق الصندوق أن قطر أظهرت قدرة استثنائية على الصمود المالي، محذراً من ضرورة الاستمرار في السياسات الحصيفة والإبقاء على "هامش الأمان" لمواجهة أي طوارئ مقبلة.

وقال وزير المالية القطري، علي بن أحمد الكواري، خلال اجتماع في الكويت الشهر الماضي مع كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي، إن التوازن المحقّق تجسد بوضوح في المضي قدماً بتنفيذ مشروع توسعة حقل غاز الشمال، رغم ما شهدته الأسواق العالمية من تقلبات وصدمات. وأكد أن قطر تمكّنت من تحقيق توازن دقيق بين الانضباط المالي في فترات النمو والحفاظ على استمرارية الاستثمارات الاستراتيجية خلال فترات تراجع الإيرادات. ونبّه إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي باتت أكثر قدرة على التعامل مع تقلبات أسعار الطاقة وغيرها من أوجه عدم اليقين العالمية، لافتاً إلى أن المنطقة حققت تقدماً ملحوظاً في الحد من اعتمادها على السياسات المالية الدورية التلقائية التي كانت سائدة في السابق.

نمو الناتج المحلي

وحقق الناتج المحلي الإجمالي القطري نمواً كلياً بلغ 2.4% في عام 2024، فيما سجّل القطاع غير الهيدروكربوني معدل نمو لافتاً بنسبة 3.4%، نتيجة ارتفاع أنشطة السياحة والخدمات الصناعية والتجارية، وارتفاع أعداد الزائرين بنسبة 30% على أساس سنوي. وأشار التقرير إلى أن التوسع في سياحة الفعاليات واستقطاب الاستثمار الصناعي المتنوع دفعا بعجلة النمو خارج قطاع الطاقة المعهود.

وتوقع الصندوق أن يتسارع النمو في 2025، ليقفز نمو القطاع غير الهيدروكربوني إلى ما يفوق 4%، مدفوعاً بزيادة الإنفاق العام، ونمو قطاعي السياحة والإنتاج، إضافة إلى التحول السريع نحو الاقتصاد الرقمي والمعرفي. وعلى المدى المتوسط، يتوقع الصندوق استمرار معدل نمو إجمالي قدره 4% سنوياً، مدعوماً بالتوسع الضخم في مشاريع الغاز الطبيعي المسال.

حجر الزاوية الجديد

واعتبر الصندوق التوسعة الجارية في إنتاج الغاز الطبيعي المسال من حقل غاز الشمال نقطة تحول مركزية لمستقبل قطر الاقتصادي، إذ سيضاعف قدرة الدوحة كمصدر عالمي رئيسي للطاقة، ويوفر لها تدفقات مالية ثابتة ومستدامة تضمن تمويل مشاريع التنويع الاقتصادي والتحول الرقمي لعقود قادمة. وتواصل قطر توسيع إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن سنوياً حالياً إلى 142 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، من خلال مشروع توسعة حقل غاز الشمال الذي يشمل مراحل الشمال "الشرقي" و"الجنوبي" و"الغربي"، ومن المتوقع أن تبدأ المرحلة الأولى في إنتاج الغاز في منتصف عام 2026.

الفوائض المالية والحساب الخارجي

واستمرت قطر في تحقيق "فوائض مزدوجة"، إذ بلغ فائض الحساب الجاري 17% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024، ليستقر عند 15.6% في الربع الأول من 2025، كما حافظ مصرف قطر المركزي على احتياطات أجنبية قوية بلغت 71.7 مليار دولار، بانسجام مع استقرار السيولة وثبات العائدات رغم الضغوط الدولية. أما فائض المالية العامة الكلي فقد سجل 0.7%، بعد أداء جيد للميزان الأولي غير الهيدروكربوني وتحسن معدل التدفقات النقدية الحكومية. وقال الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة قطر جلال قناص لـ"العربي الجديد" إن استراتيجية قطر تعتمد جناحين، الأول هو تطويع قطاع الغاز لتأمين منظومة تمويلية طويلة الأمد وقوية، والثاني هو البناء على قطاعات المعرفة والصناعة والسياحة كي لا يبقى الاقتصاد رهين تقلبات الطاقة، مؤكداً أن ما تشهده قطر اليوم هو تحول حقيقي من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد تنافسي متعدّد الموارد.

التضخم أقل من 2%

ويتوقع الصندوق أن يكون التضخم في قطر معتدلاً، على الرغم من قوة النمو الاقتصادي، فقد بلغ التضخّم الكلي 1.3% في 2024 وسجل معدلاً لا يُذكر في النصف الأول من 2025، انعكاساً للارتفاع المحدود في تكاليف الغذاء والإسكان والضيافة، وتراجع التضخم الأساسي باطراد من 2.5% في 2024 إلى 1.3% في النصف الأول من 2025. بينما ظلّ مصرف قطر المركزي يحافظ على اتساق أسعار الفائدة الأساسية مع أسعار الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على نحو وثيق. ومن المتوقع أن تؤدي آثار فترة الأساس إلى ارتفاع التضخم ليتجاوز 2.5% في 2026 قبل استقراره عند نحو 2% على المدى المتوسط. ورغم قوة النمو، لم تسجّل الأسعار زيادات واسعة النطاق، ما يشير بحسب الصندوق إلى فعالية الإصلاحات النقدية وثقة الأسواق في السياسات القطرية.

البنوك القطرية

وأكد الصندوق أن البنوك القطرية ما تزال تحتفظ برسملة قوية وسيولة مرتفعة، إذ تراجعت نسبة القروض المتعثرة إلى 3.6% في يونيو/حزيران 2025، مع تغطية مخصصات بنسبة تزيد عن 80%، واختبارات الضغط أظهرت متانة النظام للتعامل مع الصدمات.
ولفت الصندوق إلى استمرار تحول هيكل التمويل البنكي نحو موارد محلية أكثر استدامة، لكنه نصح بتوخي الحذر من الاعتماد على التمويل الخارجي، خصوصاً مع اتساع النشاط الاقتصادي وارتفاع الطلب على الائتمان بفضل مشروعات الغاز والسياحة والبنية التحتية.

انخفاض الدين العام

انخفض الدين الحكومي المركزي إلى 40% من الناتج المحلي الإجمالي في منتصف 2025، كما بقيت مؤشرات الملاءة المالية السيادية مرتفعة بفضل سياسة تطوير المالية العامة وتحويل الفوائض لخفض خدمة الدين، ويوصي الصندوق بمواصلة هذا النهج التدريجي تعزيزاً للعدالة بين الأجيال وتحقيق التوازن المالي. ويضيف التقرير أن ضبط أوضاع المالية العامة بالتدريج على المدى المتوسط سيدعم اتساق الرصيد الأولي غير الهيدروكربوني مع هدف تحقيق العدالة بين الأجيال، وتشير التوقعات إلى استمرار تحقيق فوائض مزدوجة في الحساب الجاري والمالية العامة على المدى المتوسط بشرط المحافظة على الحصافة المالية.

وسجّل الصندوق تقدماً ملموساً في برامج حماية العمالة الوافدة وجذب الكفاءات ومبادرات التقطير في القطاع الخاص، مع تأكيد أهمية الإسراع بالتحول الرقمي وتنمية المهارات وضبط مناخ الأعمال لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ويجرى تطبيق سياسات حيوية لتعزيز الابتكار ونموذج الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي لرفع الإنتاجية الوطنية.

المساهمون