صندوق النقد: الاقتصاد الجزائري يشهد تعافياً قصير المدى مقابل عجز مالي

19 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 14:57 (توقيت القدس)
بنك الجزائر الخارجي (لوثربيتر/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواصل الاقتصاد الجزائري التعافي بفضل ارتفاع أسعار المحروقات وزيادة الإنفاق، لكنه يواجه تحديات مثل عجز الميزان الخارجي واستدامة المالية العامة.
- توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع التضخم، مع ارتفاع العجز المالي إلى 13.9% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، مما يتطلب خطة ضبط مالي طموحة.
- سجل الميزان التجاري عجزاً بسبب تراجع عائدات الطاقة، وأوصى صندوق النقد بإصلاحات تشمل ترشيد الإنفاق وزيادة الإيرادات غير النفطية وتحسين إدارة المالية العامة.

أكّد صندوق النقد الدولي أنّ الاقتصاد الجزائري واصل التعافي بعد جائحة كورونا مستفيداً من ارتفاع أسعار المحروقات وزيادة الإنفاق العمومي. ورغم هذا التحسن، أشار إلى أنّ الاقتصاد الجزائري يبقى معرضاً لتحديات مستقبلية، إذ قد تتجاوز واردات الدولة ونفقاتها الخارجية عائداتها من الخارج، ما قد يؤدي إلى عجز في الميزان الخارجي، ويضع استدامة المالية العامة أمام اختبارات صعبة في السنوات المقبلة.

وأعلن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، أمس الخميس، إتمام مشاورات المادة الرابعة الخاصة بالجزائر عبر إجراء "التمرير من غير مناقشة"، وأوضح في تقريره أنّ التوقعات قصيرة الأجل تبدو إيجابية عموماً، لكن تصاعد مواطن الضعف المالية واستنزاف الهوامش يجعل الوضع أكثر هشاشة ويستدعي إصلاحات عاجلة.

تباطؤ النمو وتراجع التضخم

وقال صندوق النقد إنّ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الجزائر سجل تباطؤاً ملحوظاً، إذ انخفض معدل النمو من 4.1% في 2023 إلى 3.6% في 2024. وأوعز هذا التراجع أساساً إلى تخفيضات إنتاج أوبك+، ما أدى إلى انكماش في قطاع المحروقات، بينما ظل النشاط غير النفطي قوياً، مدعوماً بالاستثمار العام والطلب الاستهلاكي، وحقق توسعاً قدره 4.2% في 2024 بفضل الاستثمار العمومي والطلب الداخلي. في حين شهد التضخم تراجعاً واضحاً، إذ انخفض من 9.3% في 2023 إلى 4% في 2024، ويعكس ذلك انحسار الضغوط العالمية التي رفعت الأسعار في السنوات الماضية، خصوصاً ما يتعلق بالمواد الغذائية.

عجز مالي

وكشف تقرير صندوق النقد عن القفزة الكبيرة في العجز المالي في الجزائر، إذ بلغ 13.9% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024. هذا المستوى المرتفع استنزف الهوامش المالية وأدى إلى تفاقم الضغوط على استقرار الدين العام. وأشار التقرير إلى أنّ استقرار الدين بحلول 2028 يتطلب إجراءات إضافية تعادل 5% من حجم الاقتصاد الجزائري خلال الفترة الممتدة ما بين 2025 و2028، ما يعني أنّ الحكومة الجزائرية بحاجة إلى خطة ضبط مالي طموحة على مدى أربع سنوات، من أجل وقف مسار تزايد الدين العام.

Image
الجزائر تخفض ديونها الخارجية... نتاج سياسة صارمة خلال 5 سنوات

الميزان الخارجي

وعلى صعيد التعاملات الخارجية، سجل الميزان التجاري والخدماتي عجزاً في 2024 بعد أن كان يحقق فائضاً سابقاً، نتيجة تراجع عائدات الطاقة وارتفاع الواردات. ورغم هذا التحوّل، بقيت الاحتياطيات الدولية قوية، إذ وصلت إلى 67.8 مليار دولار، وهو ما يكفي لتغطية نحو 14 شهراً من واردات السلع والخدمات.

وبشأن العملة، نوه التقرير بارتفاع الدينار مقابل اليورو، لكنّه تراجع أمام الدولار في انعكاس لتطورات أسواق الصرف العالمية. وأشار إلى أهمية مرونة أكبر في سعر الصرف باعتبارها آلية طبيعية تساعد الاقتصاد على امتصاص الصدمات مثل تقلب أسعار النفط، إضافة إلى تحسين مناخ الاستثمار وتنويع الصادرات بعيداً عن المحروقات.

توقعات عام 2025 بشأن الاقتصاد الجزائري

وتوقع صندوق النقد الدولي أنّ يحقق الاقتصاد الجزائري نمواً قدره 3.4% في 2025 على أساس أن يُسهم تخفيف تخفيضات إنتاج أوبك+ في استقرار النشاط الطاقوي، كما رجّح أن يبقى التضخم عند مستوياته التي عرفها عام 2024. لكن في المقابل، شدّد على أن العجز المالي سيرتفع ما لم تتخذ الحكومة الجزائرية إجراءات سياسية حازمة، ومنه يتسع عجز الحساب الجاري أكثر.

الحاجة إلى إصلاحات

وشدّد صندوق النقد على أنّ ضمان الاستقرار المالي يتطلب إصلاحات جذرية، أبرزها ترشيد الإنفاق العام وزيادة الإيرادات غير النفطية وتحسين إدارة المالية العامة، كما أوصى بإصلاح منظومة دعم الطاقة لخلق موارد إضافية على المدى المتوسط، وباعتماد إطار مالي منضبط يوجه الموازنة ويحميها من الصدمات.

المساهمون