صناع سورية يرحبون بقرار إعفاء الآلات المستوردة من الرسوم الجمركية ويطالبون بالمزيد

26 يناير 2025
أسواق سورية تحاول استعادة نشاطها المعتاد، إدلب في 13 ديسمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أبدى المصنعون السوريون سعادتهم بإعفاء خطوط الإنتاج والآلات المستوردة من الرسوم الجمركية، لكنهم طالبوا بإعفاء المواد الداخلة في الإنتاج لتحقيق دعم فعلي للقطاع الصناعي.
- أكد الصناعيون أن القرار لن يخفض أسعار السلع، مشيرين إلى أهمية فرض رسوم على المنتجات المستوردة لحماية الصناعة المحلية، ودعم الاقتصاد السوري بقرارات مناسبة.
- أشار الصناعيون إلى تحديات مثل نقص الكهرباء وارتفاع تكاليف النقل، مطالبين بتسهيل دخول المواد الخام وتأمين القروض، مع التأكيد على أن المرحلة الحالية انتقالية.

رغم سعادتهم، لم يكتف المصنعون السوريون بقرار إعفاء خطوط الإنتاج والآلات المستوردة من الرسوم الجمركية المعتادة، إذ اتجهت مطالبهم نحو إصدار قوانين اعتبروها "الأكثر أهمية" بالنسبة لهم، لما توفره من دعم مباشر للقطاع الصناعي في البلاد. وبالإضافة إلى القرار الذي أصدرته حكومة تصريف الأعمال في الإدارة السورية الجديدة، أعرب العديد من الصناع عن أملهم في إصدار قرارات تشمل إعفاء المواد الداخلة في الإنتاج من الجمارك والرسوم. وأشار الصناعي حسام عابدين إلى أن الاستفادة من هذا القرار تقتصر على من يود تحديث آلاته من أصحاب المنشآت القديمة أو من يريد إنشاء خط إنتاج جديد، بينما أصحاب المنشآت القديمة لا يستفيدون من هذا القرار على الإطلاق. وأضاف قائلاً لـ"العربي الجديد": "هناك أكثر من 100 ألف منشأة صناعية في سورية تحتاج إلى إصدار قوانين تسهم في دعمها ودعم صناعتها".

وأكد عابدين أن تطبيق هذا القرار لن يؤثر على أسعار السلع مطلقاً، إذ إن تكاليف الإنتاج والتسويق لا تزال كما هي. وأوضح أن ما يؤدي إلى انخفاض أسعار السلع هو إعفاء المواد الداخلة في الإنتاج من الضرائب والرسوم. ورأى أن "ما تحتاج إليه البلاد اليوم هو إصدار قرارات تتعلق بفرض الرسوم الجمركية على المنتجات المستوردة التي يوجد لها مثيل محلي، لضمان حماية المنتج المحلي"، مبرزاً أن "إعفاء جميع المواد الداخلة في الإنتاج من الرسوم والضرائب الجمركية ضروري، لأننا نعيش في اقتصاد السوق المفتوحة، ما يستلزم إصدار قرارات تدعم الصناعيين وتمكنهم من مواكبة التطور الصناعي وتعزيز الصناعة المحلية".

أما الصناعي ماهر الزيات فقد اعتبر أن القرار خطوة جيدة، لكنها ليست ذات أهمية كبيرة، لأن الرسوم الجمركية المفروضة على دخول الآلات لا تتعدى 5% أصلاً. وأوضح، خلال حديثة لـ"العربي الجديد"، أن "المبادرة جيدة، لكنها لا تحقق تأثيراً كبيراً على الإنتاج"، مشيراً إلى أن "هناك أموراً أكثر أهمية بحاجة إلى حلول عاجلة لدعم الصناعة، مثل أسعار النقل والطاقة الكهربائية".

وأشار الزيات إلى أن "البلد غير مهيأ حالياً للاقتصاد الحر، إذ تحتاج سورية إلى فترة للتأقلم". وأوضح قائلاً: "على سبيل المثال، لا توجد كهرباء حتى الآن، ففي أغلب المعامل تأتي الكهرباء لساعة واحدة كل ثماني ساعات، وفي حال توفرت الكهرباء من خلال خطوط خاصة، مثل الخط الذهبي، فإنها تكون مكلفة جداً. أحد أصحاب معامل البلاستيك دفع 700 مليون ليرة لتشغيل معمله لمدة شهر على هذا الخط". وأوضح أن غلاء أسعار النقل أيضاً يشكل عقبة كبيرة، وقال: "لم أتمكن حتى الآن من تشغيل معملي بسبب نقص الكهرباء".

وأبدى الزيات أسفه لأن تصبح الأسواق السورية "مكبّ قمامة" للمنتجات التركية ذات الجودة المتدنية، على الرغم من وجود صناعة محلية عريقة. وأوضح أن "هذه البضائع الأجنبية دخلت بطريقة أو بأخرى دون أي رقابة أو رسوم، وبدأت تحتل السوق، إذ يقبل المواطنون على شرائها فقط لأنها منتجات أجنبية بغض النظر عن ضعف جودتها". ونفى أن يكون ارتفاع سعر المنتجات المحلية هو سبب عزوف المواطنين عن شرائها، موضحاً أن "هناك العديد من المنتجات المحلية التي انخفضت أسعارها وتقدم عروض تنزيلات لبيعها".

وأكد الزيات أن "الاقتصاد ليس فكرة بسيطة يمكن حلها في يوم أو يومين، بل هو عبارة عن حلقة متكاملة تتطلب تضافر الجهود والخبرات، بدءاً من تسهيل دخول المواد الخام، وتأمين القروض لدعم الصناعيين". وتساءل: "هل من المعقول أن تصل فوائد القروض التي يسحبها الصناعي إلى أكثر من 30%؟. هذه النسبة غير موجودة في أي دولة أخرى. لقد خرجنا فجأة من نظام حكم فاسد كانت له ارتباطات دمرت الصناعة بالكامل، وجاء نظام جديد. لذا، تعد هذه مرحلة انتقالية تحتاج إلى وقت لحل جميع المشاكل، وعلى الرغم من ذلك نحمد الله أن الخسائر حتى الآن كانت بسيطة للغاية".

من جانبه، اعتبر الصناعي أيمن المولوي أن "القرار صائب وجاء في وقته، وسيكون له انعكاس إيجابي على عودة الكثير من المستثمرين إلى الصناعة، كونه ألغى الرسوم الجمركية على الآلات". وأوضح لـ"العربي الجديد" أنهم بصفتهم صناعيين "بحاجة حالياً إلى إعادة الإعمار والبدء في مشاريع كثيرة". وقال: "طلبنا من الحكومة أن يشمل الإعفاء أصحاب القرارات الصناعية أيضاً، وليس فقط من يملك سجلاً صناعياً، أي أن يشمل من يرغب في إنشاء منشأة جديدة وإدخال آلات جديدة، وليس فقط من لديه منشأة ويريد تجديد آلاته".

وأكد المولوي أن "الرسوم الجمركية تُدرس حالياً بشكل سليم"، مشيراً إلى صدور قرار يحددها ويعمل على تبسيطها وإيضاح بنودها. وأوضح أن "هذه الرسوم أصبحت تُدفع على أساس الوزن أو العدد لبعض السلع، وأن قانون الرسوم الجمركية الجديد جيد ويراعي احتياجات الصناعة، مع وجود بعض الملاحظات التي تم وضعها وستُحل قريباً".

ونص القرار رقم 37 لعام 2025، الصادر عن رئيس الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية قتيبة بدوي، على إعفاء خطوط الإنتاج والآلات المستوردة من جميع الرسوم المحددة في التعرفة الجمركية النافذة. واشترط القرار تقديم "سجل صناعي ساري المفعول، وكتاب من وزارة الصناعة يبين حاجة المعمل للخط أو الآلة" للحصول على الإعفاء. وبيّن رئيس هيئة المنافذ مؤخراً أن قرار الإعفاء يسري مفعوله لمدة سنتين من تاريخ صدوره، مع إلغاء العمل بأي إجراءات تخالف نص القرار.

المساهمون