صفقة القطار السريع في مصر: كيف قفزت التكلفة من 9 إلى 23 مليار دولار؟

غموض يكتنف صفقة القطار السريع في مصر: كيف قفزت التكلفة من 9 إلى 23 مليار دولار؟

16 يناير 2021
من المقرر أن يربط بين مدينتي العين السخنة والعلمين (فيسبوك)
+ الخط -

لا يزال الغموض يكتنف صفقة مشروع إنشاء القطار الكهربائي السريع في مصر، الذي من المقرر أن يربط بين مدينة العين السخنة على ساحل البحر الأحمر ومدينة العلمين الجديدة على ساحل البحر المتوسط، مروراً بالعاصمة الإدارية، ومدينتي السادس من أكتوبر، وبرج العرب بالإسكندرية، وسط غياب تام للمعلومات والحقائق حول الصفقة، في ظل سياسة عدم الشفافية الحالية.

ففي الرابع من سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلنت وزارة النقل المصرية فوز التحالف المصري الصيني (سامكريت – الهيئة العربية للتصنيع –    CCECC - CRCC ) بمناقصة تنفيذ مشروع القطار السريع (العين السخنة – العلمين) بكلفة إجمالية تقدر بنحو 9 مليارات دولار، وذلك بعد تصفية تسعة تحالفات عالمية إلى تحالفين فقط، الأول هو التحالف الفائز، والثاني هو تحالف (إيفك - Chinastate - CREC من الصين - سيمنز الألمانية - سكك حديد فرنسا - أوراسكوم  من مصر - المقاولون العرب).

غير أن المصريين فوجئوا أول من أمس (الخميس) بإعلان توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة النقل، ممثلة في الهيئة القومية للأنفاق، وشركة "سيمنز" الألمانية، في حضور رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، لتنفيذ مشروع القطار الكهربائي السريع بقيمة إجمالية 23 مليار دولار (ما يعادل 360 مليار جنيه)، أي بزيادة تقدر بنحو 14 مليار دولار عن الرقم المُعلن عنه قبل ما يزيد على أربعة أشهر.

وقال وزير النقل المصري، كامل الوزير، إن "الاتفاقية جاءت بعد مفاوضات طويلة، انتهت بعد لقاء ممثلي شركة سيمنز (كانت ضمن التحالف الخاسر في المرة الأولى) مع الرئيس السيسي، واتفاق الطرفين على شروط التشغيل من خلال نظام عمل خطوط السكك الحديدية القديمة، وبمواصفات تعد الأعلى على مستوى العالم، من دون تقاطعات ولا مزلقانات، كما هو معمول به في السكك الحديدية الحالية"، على حد قوله.

وبحسب إفادة رسمية لشركة "سيمنز موبيليتي"، فإن مذكرة التفاهم بين الطرفين لا تعد مُلزمة حتى الآن، ولا تزال قيد التفاوض تمهيداً للتعاقد النهائي، مبينة أن المشروع يستهدف تغطية طول يبلغ 1000 كيلومتر، ولكن التعاقد تم على 460 كيلومتراً فقط، وهي المساحة ما بين مدينتي العين السخنة والعلمين الجديدة، مروراً بالعاصمة الإدارية الواقعة على بعد 45 كيلومتراً شرق القاهرة.

 

وأشارت الشركة الألمانية إلى أن تكلفة المشروع لن تجاوز 3 مليارات دولار فقط، وليس بقيمة 23 مليار دولار كما أعلنت الحكومة المصرية، تدفعها الأخيرة بقروض ميسرة من الخارج، مع تنفيذ شركات مصرية لأعمال المقاولات في المشروع مثل أوراسكوم والمقاولون العرب، وترك المسارات والقطارات والتكنولوجيا والصيانة لشركة "سيمنز موبيليتي".

ودشن السيسي العديد من المشروعات العملاقة التي ليس لها أي مردود على المواطن المصري، على غرار تفريعة قناة السويس الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة، الأمر الذي يحمل المواطنين أعباء تعثر اقتصاد البلاد، والأزمات المالية التي تعاني منها، لا سيما مع سعي النظام المصري نحو تنفيذ مشروعات تجميلية، تصب في صالح الأغنياء على حساب الفقراء في المقام الأول.

وتوسّعت مصر في الاقتراض من الخارج عبر أدوات عدة، منها السندات الدولية الخضراء التي أدرجتها الحكومة في بورصة لندن، في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، بقيمة 750 مليون دولار، والسندات الدولية في مايو/ أيار الماضي بقيمة 5 مليارات دولار. علماً أن مصر مطالبة بسداد التزامات خارجية بنحو 13.94 مليار دولار، و12.613 مليار دولار، خلال العامين المقبلين على التوالي.

وكان البنك المركزي المصري قد أعلن، يوم الإثنين الماضي، اقتراض 21 مليار جنيه (1.3 مليار دولار تقريباً)، عبر طرح أذون سندات خزانة، بالتنسيق مع وزارة المالية لتمويل عجز الموازنة، في وقت ارتفع فيه الدين الخارجي في مصر حتى نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي إلى 125.3 مليار دولار، مقابل نحو 123.5 مليار دولار في نهاية يونيو/ حزيران الماضي.

 

المساهمون