صرافات العملة في الشوارع يحركن اقتصاد جيبوتي الراكد

صرافات العملة في الشوارع يحركن اقتصاد جيبوتي الراكد

14 مايو 2021
الاقتصاد غير الرسمي يمثل ثلثي الأنشطة الاقتصادية في جيبوتي (فرانس برس)
+ الخط -

اقتصاد جيبوتي راكد، لكن تحركه نساء "صرافات عملة" يجلسن في زوايا الشوارع ومحافظهن مليئة باليورو والبير الإثيوبي والروبية الهندية وينتشرن في كل مكان، ليلعبن دورا رئيسيا في اقتصاد يغلب عليه الطابع غير الرسمي.

وتجلس عشرات من هاتيك العاملات في الصيرفة على كراس بلاستيكية في الشوارع، حيث ينتظرن منفردات أو ضمن مجموعات صغيرة مرور الزبائن الذين يفضلون الاستعانة بخدماتهن بدل التوجه إلى مكاتب الصيرفة التقليدية.

وتقول مدينة، وهي من بين عاملات الصيرفة في الشارع: "كل العملات متوافرة لدي. معي يورو وجنيه إسترليني وليرة تركية ودولار وروبية هندية وعملات أخرى شتى". وتشير إلى أنها تحمل معها مبالغ لا تقل قيمتها عن مليون فرنك جيبوتي (5600 دولار)، بمختلف العملات.

وعند ساحة ريمبو، قرب المسجد الضخم في وسط جيبوتي العاصمة، تعمل مدينة مع صديقات ثلاث في عز الحر، وسط زحمة السيارات وأبواقها وبين المحال والمارة المنتشرين في هذه الرئة الاقتصادية لجيبوتي.

يقترب يمني بردائه الطويل من الصرافات لتبديل ريالاته السعودية. تتجاذب معه مدينة أطراف الحديث، ثم تجري بعض الحسابات على هاتفها لتسحب بعدها رزمة فرنكات جيبوتية من كيسها المليء بالأوراق النقدية.

ويوضح الشاب الآتي من اليمن، الذي يفصله عن جيبوتي مضيق باب المندب، بقوله: "نحمل معنا ريالات سعودية، لأن قيمة عملتنا تتبدل طوال الوقت بسبب الحرب"، ومن ثم يختفي بين الحشود مع اقتراب سيارة للشرطة.

"عمل جيد"

تشكل جيبوتي، الواقعة عند تقاطع أفريقيا وشبه الجزيرة العربية، منذ القِدم نقطة التقاء للثقافات والعملات معا، إذ تجمع على أرضها اللاجئين الهاربين من الحرب في اليمن والعسكريين الأجانب في القواعد البحرية وسائقي الشاحنات الآتين من إثيوبيا المجاورة.

وتقول نوره حسن، الجالسة في موقع أبعد في الساحة: "نتعامل مع رجال الأعمال الجيبوتيين الذين يسافرون إلى الخارج من أجل نشاطاتهم، ونتعاون مع الأجانب والسياح".

وعند وفاة زوجها قبل 10 سنوات، بدأت هذه الأم لثلاثة أطفال العمل في الصرافة مستعينة فقط بمدخرات الأسرة بالعملة المحلية. مذاك، تنوعت العملات في يديها وباتت نوره تقصد يوميا المصرف لتأخذ قائمة مفصلة بأسعار العملات الكبرى، وتؤكد أن "هذا عمل جيد وأنا فخورة به".

وفي حي "بي كاي 12" الشعبي، حيث يعيش إثيوبيون كثر، يقفز أحمد من عربة التوك توك خاصته لتصريف أوراق نقدية في حوزته من عملة البير الإثيوبي. ويوضح أن الفرق بين سعر الصرف المقدم من هاتيك الصرافات ومكاتب الصيرفة "لا يتجاوز 10 إلى 20 فرنكا جيبوتياً، وهو ليس بالفارق الكبير"، كما أن "المكاتب بعيدة وهؤلاء النساء قريبات".

وتقول فايزة (25 عاما)، وهي بائعة لنبتة القات المخدرة المستهلكة بصورة كبيرة في جيبوتي: "أظن أن لا تجارة في بي كاي 12 من دونهن". وتضيف "هن يوفرن قوت عيش عائلاتهن (...) نحن نتساعد بهذه الطريقة".

مهنة آمنة

يشير الخبير الاقتصادي حسين محمد إلى أن الاقتصاد غير الرسمي يمثل ثلثي الأنشطة الاقتصادية في جيبوتي. ويوضح هذا الباحث في مركز للدراسات والبحوث في جيبوتي، أن "73% من العاملين في القطاع غير الرسمي هنّ نساء".

وفضلا عن توفير وظيفة ميسرة في بلد تنتشر الأمية بين نسائه أكثر من رجاله، تشكل الصرافة عملا آمنا في بلد يعد أقل من مليون نسمة وحتى عاصمته أشبه بقرية مع انتشار دائم للشرطة.

وتقول زهرة، وهي عاملة صرافة في وسط المدينة: "لم نشهد يوما" أي سرقة، مضيفة "من يريد سرقة المال لا يأتي إلينا لأنه يخاف"، كما أنها لا تبدو قلقة من العملات المزورة. وتوضح "حتى لو كنت نائمة وأعطيتني عملة مزورة سأكتشف ذلك (...) هذا عملي أليس كذلك؟".

(فرانس برس)