شلل سوق العقارات في الجزائر

شلل سوق العقارات في الجزائر

01 أكتوبر 2020
أسواق البناء دخلت في نفق الركود (فاروق بيطاش/فرانس برس)
+ الخط -

تجد سوق العقارات في الجزائر صعوبة في الخروج من نفق الركود، الذي دخلته مرغمةً بسبب حالة الشلل التي سيطرت على مختلف الأنشطة الاقتصادية في الدولة بفعل انتشار فيروس كورونا المستجد، إذ تم إلغاء كل الفعاليات الترويجية للمشروعات الإسكانية، بالإضافة لتوقف الوكالات العقارية عن العمل لعدة أشهرٍ، زاده تخوف الجزائريين من تواصل أزمة ركود الاقتصاد، ما جعلهم يعزفون عن المغامرة بشراء العقارات خلال الأشهر الأخيرة.
وألقت جائحة كورونا بظلالها السلبية على سوق العقارات في البلاد، حیث قل الإقبال على شرائها وتأجيرها، وسجلت شركات الترقية العقارية انتكاسة قوية في عرض وتسويق شققها الراقية، منذ بداية شھر مارس/ آذار 2020، بوتیرة مقلقة للغاية. 
وفي السياق، أكد رئيس الفيدرالية الوطنية للوكالات العقارية، نور الدين مناصري، أن "عصر الأسعار المجنونة للعقار في الجزائر قد انتهى، بعد الأزمة التي شهدتها السوق في 2020 والتي ستكون بمثابة سنة بيضاء للوكلاء العقاريين، لا بيع ولا شراء فيها ما عدا تجديد بعض عقود الإيجار، كما أن سنة 2019 كانت صعبة جدا بسبب تزامنها مع فترة الحراك الشعبي".
وأوضح مناصري في تصريحات خاصة مع "العربي الجديد"، أن "الآثار التي يمكن الحديث عنها في الظرف الراهن هي انخفاض سعر العقار، وتراجعه بشكل ملحوظ واختفاء تلك الأسعار المرتفعة جدا والمبالغ فيها، فسعر شقق 3 غرف بات يراوح اليوم بين 15 مليون دينار (119 ألف دولار)، و30 مليون دينار (238 ألف دولار)، بالعاصمة في المتوسط بين المناطق مرتفعة الثمن والمتوسطة، وهي أسعار معقولة، في حين أن الإيجار بات يعادل شهريا لشقق 3 غرف ما متوسطة 30 ألف دينار (238 دولارا)".
وحول مستقبل سوق العقارات في الجزائر، أوضح رئيس الفيدرالية الوطنية للوكالات العقارية أنه "اليوم لا يمكن تقديم أي استشراف لسوق العقار في البلاد خلال المرحلة المقبلة، إذ تبقى الضبابية والغموض يلفان السوق، رغم أن مؤشرات الأسعار ترجح انخفاض الثمن مستقبلا بالنظر إلى مشاريع السكن الجديدة المتوقعة وانطلاق عملية توزيع المساكن الحكومية قريبا، وهو ما من شأنه أن يرفع حجم الحظيرة السكنية، حيث يتحكم في سعر العقار في الجزائر وكافة مناطق العالم قانون العرض والطلب".

وحذر خبراء ومراقبون لسوق العقارات، في السنوات الماضية، من مخاطر حدوث فقاعة عقارية في البلاد، نتيجة التوسع الشرائي للعقارات كوسيلة للاستثمار ولاكتناز الأموال في هذا السوق كاستثمار آمن ومُحقق للأرباح في أوقات زمنية قصيرة، وليس بحثاً عن مسكن.
وظل الاستثمار العقاري في نظر الجزائريين ولعقود طويلة مربحاً، خاصة بعد خروج البلاد من العشرية السوداء (1990-2000)، بداية الألفية الحالية، حيث صاحب الزيادة السكانية المتسارعة ارتفاع أسعار الأصول العقارية، وقابلها انخفاض مستوى المخاطر بفضل استقرار الاقتصاد الجزائري بفضل ارتفاع إيرادات الطاقة.
ويقول مواطنون إنه من المستحيل الحصول على وحدة سكنية في المحافظات الكبرى بسعر تحت 11 مليون دينار (حوالي 100 ألف دولار)، في حين يبلغ متوسط سعر المنازل من نوع "الفيلات" 25 مليون دينار (حوالي 220 ألف دولار)، وذلك في وقت تراجعت فيه الإيجارات بشكل ملحوظ.
ولعل أهم مؤشر إلى مرور سوق العقارات في الجزائر بحالة ركود غير مسبوقة في العقدين الماضيين، هو الانكماش اللافت لنشاط الموثقین للعقارات، الذي سجل انخفاضا يقارب 70%، حسب ما أفاد العديد من الموثقین "العربي الجديد"، وأشاروا إلى أن التراجع لا يخص المعاملات التوثيقية المتعلقة بالعقارات فحسب، بل شمل كل المعاملات الأخرى، كتأسيس الشركات والرهون وتحرير عقود نقل الملكية العقارية والمحلات التجارية.
ويرى عضو الغرفة الجزائرية للموثقين، عمر تاج الدين، أن "انخفاض نشاط الموثقین، مؤشر قوي إلى حالة الركود التي شھدھا سوق العقارات، بالدرجة الأولى بسبب جائحة كورونا، فحالة الركود شملت المعاملات التجارية والاقتصادية، وھذا منذ البدء في إجراءات الحجر الصحي التي طبقتها الحكومة لمنع تفشي الفيروس التاجي، فنشاط العديد من مكاتب التوثیق يكاد يكون مجمدا". 
وحسبما قال تاج الدين لـ"العربي الجديد"، فإن "ھذه الوضعية لا تخص الجزائر فقط، بل تشمل غالبية الدول في العالم، فھذا الوضع نرصده بالنسبة للتوثیق في الفضاء المغاربي، على غرار تونس، المغرب، موريتانیا، إذ انخفض نشاطه مع بداية جائحة كورونا بأكثر من 54%".

المساهمون