هل تواصل شركات كوريا الجنوبية استثماراتها في أميركا بعد توقيف 300 من عمالها؟

08 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 14:36 (توقيت القدس)
منشأة اعتقال تابعة لوكالة الهجرة والجنسية الأميركية في إلينوي5 سبتمبر 2024 (Getty )
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت الشركات الكورية في الولايات المتحدة قلقاً بعد مداهمة سلطات الهجرة الأميركية لمشروع مشترك بين هيونداي وإل جي في جورجيا، واعتقال 450 أجنبياً، مما أثار صدمة في كوريا الجنوبية.
- تأثرت خطط الشركات الكورية، حيث أجلت إل جي إنرجي تشغيل مصنعها للبطاريات، وأبدت شركات مثل سامسونغ حذراً في تعاملاتها مع الولايات المتحدة، مما يبرز التحديات أمام الشركات الأجنبية.
- دفعت الحادثة الحكومة الكورية للتحرك دبلوماسياً، مع توقع زيارة وزير الخارجية لواشنطن، بينما حث الرئيس الأميركي على احترام قوانين الهجرة، مما يضيف تحديات جديدة للعلاقات التجارية.

تنتاب الشركات الكورية الجنوبية العاملة في الولايات المتحدة مخاوف واسعة على استثماراتها وموظفيها هناك، بعد حادثة اقتحام عناصر سلطات الهجرة الأميركية مشروعاً مشتركاً لمجموعتي هيونداي موتور وإل جي إنرجي سوليوشن في ولاية جورجيا يوم الجمعة الماضي واعتقالهم، 450 أجنبياً، من بينهم 300 كوري جنوبي، قالت إن أوضاع إقامتهم غير قانونية.

وقد أثارت المداهمات الواسعة، صدمة في كوريا الجنوبية بعد انتشار صور أظهرت العمال مقيدين بالأصفاد في اليدين والخصر والكاحلين. وكانت العملية جزءاً من حملة أوسع تشنها إدارة الرئيس دونالد ترامب

، ضد العمال الذين لا يحملون وثائق إقامة سارية، وجاءت بعد أقل من أسبوعين من القمة التي جمعت الرئيس الكوري لي جاي ميونغ ونظيره الأميركي لتأكيد متانة التحالف بين البلدين.

وسبق أن وصف مسؤولون في ولاية جورجيا المشروع بأنه "الأكبر للتنمية الاقتصادية في تاريخ الولاية"، وقد استهلت عمليات إنتاج السيارات الكهربائية قبل عام في المصنع الذي تبلغ كلفته 7.6 مليارات دولار، ويعمل فيه نحو 1200 شخص.

وقال مسؤول في وزارة الأمن الداخلي الأميركية إن "وكالات عدة نفذت عملية سمح بها القضاء، وأجرت تحقيقاً نشطاً في ممارسات توظيف غير قانونية". وأوضح المتحدث باسم إدارة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية، ليندسي ويليامز، أن السلطات الفيدرالية نفذت عملية مداهمة في الموقع الذي تبلغ مساحته 3000 فدان (1214 هكتاراً) غرب مدينة سافانا.

وتقول وكالة بلومبيرغ في تقرير لها الاثنين إن تلك المخاوف دفعت وزير التجارة الكوري الجنوبي، يو هان-كو، للقول خلال اجتماع الحكومة اليوم: نحن ندرك تماماً المخاوف التي أثيرت بشأن استثماراتنا في الولايات المتحدة عقب حملة الهجرة. وسنعمل مع الجهات المعنية، بما في ذلك وزارة الخارجية، لاستكشاف سبل تحسين النظام.

وقد أشاد الطرفان في محادثات القمة باتفاق تجاري يشمل صندوقاً بقيمة 350 مليار دولار لمساعدة الشركات الكورية الجنوبية على التوسع في الولايات المتحدة، فيما تعهدت الشركات الكورية بشكل منفصل باستثمار مباشر بقيمة 150 مليار دولار في الولايات المتحدة لتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين.

لكن الحملة الواسعة التي نظمتها سلطات الهجرة في الأسبوع الماضي دفعت بعض الشركات إلى توخي الحذر. إذ قررت شركة "إل جي إنرجي" مبدئياً تأجيل بدء تشغيل مصنعها لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية بالتعاون مع هيونداي في جورجيا، وفق ما ذكرت صحيفة" كوريا إيكونوميك ديلي" يوم الاثنين، من دون أن تكشف عن مصدر المعلومة. وأشارت الصحيفة إلى أن هيونداي حظرت جميع رحلات موظفيها إلى الولايات المتحدة.

وكانت «إل جي إنرجي» تخطط لبدء الإنتاج في وقت لاحق من هذا العام بهدف إنتاج بطاريات بسعة إجمالية تبلغ 30 غيغاواط/ساعة سنوياً، لكنها قررت تأجيل ذلك إلى النصف الأول من العام المقبل، وهو ما سيؤثر على خطط الإنتاج لكل من هيونداي وشركة كيا التابعة لها.

قال متحدث باسم "إل جي إنرجي" يوم الاثنين إن الشركة كانت قد أجّلت بالفعل بدء الإنتاج إلى العام المقبل بدلاً من هذا العام بسبب أوضاع السوق، مضيفاً أنه من المبكر جداً القول ما إذا كانت أحداث الأسبوع الماضي ستؤثر على عمليات المصنع. أما المتحدث باسم هيونداي موتور وكيا، فعند سؤاله عن التقرير الإخباري، قال إن الوقت لا يزال مبكراً لتحديد أي تأثير محتمل على أعمال الشركة.

حتى قبل مداهمة الأسبوع الماضي، بدأت بعض الشركات تُبدي حذراً. ففي مايو/أيار، أصدرت سامسونغ إلكترونيكس إرشادات داخلية بشأن رحلات العمل إلى الولايات المتحدة باستخدام تأشيرة السفر القصيرة الأمد، وأبلغت موظفيها بأن عليهم عدم تجاوز فترة الإقامة المحددة بأسبوعين. لكن حملة المداهمة والبحث التي تعرض لها موقع الشركات الكورية في جورجيا، تُبرز المخاطر التي تواجهها الشركات الأجنبية التي تعتمد على المتعاقدين الفرعيين لسد النقص في القوى العاملة بينما تنتظر شهوراً للحصول على موافقات التأشيرات الأميركية.

وفي اجتماع مع قيادة الحزب الحاكم، حثّ تشيه تاي-وون، رئيس مجموعة SK ورئيس غرفة التجارة الكورية، الحكومة على تأمين حصص من التأشيرات الأميركية لضمان سير الأعمال بسلاسة ومنع تكرار مثل هذه الحوادث.

كانت ردة فعل المستثمرين في سيول فاترة، إذ تراجعت أسهم "إل جي إنرجي" وهيونداي موتور قليلاً مقارنة بمؤشر السوق الأوسع. وقال محللون إن التأجيلات المحتملة لدى إل جي إنرجي كانت متوقعة إلى حد كبير، في حين تملك هيونداي مرونة لتعديل إنتاج السيارات الكهربائية والاعتماد على موردين آخرين. أنهت إل جي إنرجي تعاملاتها بارتفاع 0.2%، بينما انخفضت هيونداي بنسبة 0.7%...

مع ذلك، قال أحد المستثمرين إن القلق يتزايد بشأن ربحية استثمارات الشركات الكورية الجنوبية في الولايات المتحدة.
وقال كانغ داي-كوون، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة لايف أسيت مانجمنت "القضية تُظهر مدى صعوبة تحقيق الشركات الكورية أرباحاً من استثماراتها في الولايات المتحدة. فالعائد على الاستثمار كان يتراجع بالفعل بسبب التضخم، والآن تواجه الشركات أيضاً تحديات في التوظيف".

لكن الخوف الأكبر يكمن في التأثيرات المتوقعة لما حدث في جورجيا على مشاريع تعظيم استثمارات كوريا الجنوبية داخل الولايات المتحدة بحسب ما توصل الجانبان في الاتفاق التجاري بينهما. فعملية المداهمة، وهي الأكبر على الإطلاق بموقع واحد في تاريخ جهاز التحقيقات التابع لوزارة الأمن الداخلي الأميركية، تهدد بردع خطط التوسع الخاصة بالشركات الكورية الجنوبية.

وقال الرئيس لي في اجتماع مع قادة أحزاب المعارضة في سيول، من دون أن يشير مباشرة إلى احتجاز مواطنين كوريين جنوبيين في الولايات المتحدة: "نحن في وضع صعب للغاية. لقد قلت كثيراً في العلن، خلال القمم مع الولايات المتحدة واليابان، إن علينا أن نعزز قوتنا الوطنية، وهناك سبب لذلك".

ومن المتوقع أن يحصل المستثمرون قريباً على لمحة أولى عن حالة العلاقات هذا الأسبوع، إذ من المقرر أن يتوجه وزير الخارجية تشو هيون إلى واشنطن يوم الاثنين للمطالبة بالإفراج عن 300 مواطن كوري جنوبي احتُجزوا في المداهمة. وقال مسؤول حكومي إن سيول تعمل على إعادة مواطنيها عبر رحلة طيران مستأجرة ضمن ترتيبات "المغادرة الطوعية". وعندما سُئل تشو عمّا إذا كان سيعود إلى الوطن يوم الأربعاء برفقة الـ300 محتجز، قال: "نحن لا نستبعد ذلك"، مضيفاً: "سيتعين أن نرى كيف ستسير المفاوضات".

وفي المقابل، حثّ الرئيس الأميركي الشركات على احترام قوانين الهجرة الأميركية. وكتب في منشور على منصة تروث سوشيال "نشجعكم على جلب عقولكم المميزة، التي تتمتع بمهارات تقنية عالية، بشكل قانوني لبناء منتجات عالمية المستوى، وسنجعل ذلك ممكناً بسرعة وقانونياً".

ويُعتبر مصنع جورجيا حجر الزاوية في مسعى الولايات المتحدة لتأمين سلاسل التوريد المحلية للسيارات الكهربائية. لكن التأجيل يضيف خطراً جديداً لشركات صناعة السيارات التي تعتمد على تسلّم البطاريات لتلبية أهداف الإنتاج.

المساهمون