شركات صرافة تسرق حوالات السوريين... وغياب حكومي

04 مارس 2025
قلق من تعدد أسعار الصرف في سورية (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعاني سوريا من تلاعب شركات الصرافة بأسعار صرف الدولار، حيث تستغل حاجة المواطنين لتصريف حوالاتهم بأسعار أقل من السعر الرسمي، مما يحقق لها أرباحًا كبيرة.
- يصف المواطنون تعامل شركات الصرافة بالسرقة العلنية، ويطالبون بتسليم الحوالات بالدولار ويدعون إلى محاسبة الشركات لغياب الرقابة.
- يشير الخبراء إلى ضرورة تدخل البنك المركزي لإلزام الشركات بالسعر الرسمي، ويدعون للسماح للمصارف ببيع وشراء الدولار، مؤكدين على تأثير تباين الأسعار على القدرة الشرائية.

تحولت مدخرات السوريين وما يحول إليهم من مساعدات مالية من أقاربهم إلى مطمع تتلاعب به شركات صرافة باتباع طرق احتيال عبر استغلال حاجة المواطن لتصريف حوالته بالسعر الذي تفرضه والذي قد يكون أقل من السعر الذي حدده البنك المركزي بـ3 آلاف ليرة للدولار وأقل من سعر السوق السوداء أيضا بأرباح قد تصل إلى المليارات خلال أشهر لشركات الصرافة.
وهنا يتساءل مواطنون لماذا لا يتم إلزام شركات الصرافة بصرف الدولار بالسعر الذي يحدده البنك المركزي ومحاسبتهم في حال عدم الالتزام به؟ ولماذا يجب أن يبقى المواطن تحت رحمة مثل هؤلاء الشركات والباعة الصرافين في الطرقات يستغلونه بلقمة عيشه ورزقه؟

سرقة بمعرفة الحكومة

"حرامية أكابر"... بهذا وصف المواطن علي حمود عمل شركات الصرافة بجميع أنواعها ومسمياتها، فسرقتها لا تختلف عن اللص بشيء سوى أنها تقوم بسرقتها رغم معرفة المسؤولين الحكوميين بهذه السرقة بدون أي رقيب أو محاسبة فهل من المعقول أنها تصرف الدولار بـ8800 ليرة بينما سعره يفوق 10 آلاف في السوق السوداء ويتجاوز 13 ألف في البنك المركزي. وتساءل حمود في حديثه لـ"العربي الجديد": لماذا لا تتم محاسبة هؤلاء (الحرامية) وإجبارهم على تصريف الدولار بسعر البنك المركزي.

أما المواطن ماهر الصالح فقد ذهب كعادته إلى شركة الفؤاد لاستلام حوالته من ابنه اللاجئ في ألمانيا البالغة 200 دولار لكنه صُدم بطريقة التعامل وكيفية استغلال المواطنين من خلال احتساب الدولار وفق أهوائهم بعملية وصفها "بالسرقة الموصوفة... وعلى عينك يا تاجر، وليس أمامك الاعتراض فهذه قيمة حوالتك خذها واذهب".
يضيف الصالح لـ"العربي الجديد": خسرت جزءا كبيرا من قيمة الحوالة في حال تسليمها لي بالدولار أو تم احتسابها على السوق السوداء، متسائلا: لماذا لا تقوم شركات الصرافة بتسليم الحوالة بالدولار بدلا من التحكم بتصريفها وفق أهوائهم بالليرة السورية.

غياب المصارف

عميد كلية الاقتصاد علي كنعان أكد لـ"العربي الجديد" أنه لا يجوز لأحد أن يبيع أو يشتري الدولار دون ترخيص، كما يجب إلزام جميع شركات الصرافة ببيع الدولار للبنك المركزي والحصول على عمولة مقابل ذلك.
وأضاف: كما يجب على جميع شركات الصرافة تسديد ضريبة لوزارة المالية لقاء السماح لهم بمزاولة هذا النشاط والعمل الذي يجنون من ورائه أرباحا خيالية.
ورأى كنعان أنه يجب السماح لكافة المصارف بجميع أنواعها ببيع وشراء الدولار بدلا من الصرافين غير معروفي الهوية المنتشرين بالشوارع.
وأكد كنعان ضرورة تدخل البنك المركزي في إجبار شركات الصرافة على الالتزام بالسعر الذي يحدده، فهذه تجارة ليست كتجارة السلع وإنما هي احتياطات للمواطنين، ويجب أن يكون محصورا ربحها بالبنك المركزي عبر تحديد سعرها بشكل دقيق وإلا أصبح البنك المركزي أداة تساعد هؤلاء الصرافين المستغلين على سحب الدولارات من الفقراء وتحويلها إلى الأغنياء.

تباينات أسعار الصرف في سورية

الخبير الاقتصادي فادي عياش أكد لـ"العربي الجديد" أن أغلب شركات الصرافة لا تلتزم بسعر الصرف الرسمي في نشرة المركزي بواقع 13200 ليرة للدولار، حتى أنها لا تلتزم أيضا بأسعار السوق الموازي، وبالتالي يشعر المستفيد بالغبن وفق مبدأ تكلفة الفرصة البديلة، وهذا قد يؤثر فعليا على مفهوم القدرة الشرائية لقيمة الحوالة.

وأشار عياش إلى أنه في الواقع الشكوى الفعلية هي من تباينات أسعار الصرف وليس من قيمتها، فما يهم المستفيد هو القدرة الشرائية للنقد وليس القيمة الاسمية، وبالتالي مبلغ مثل 200 دولار كان يعادل قرابة 3 ملايين ليرة سابقاً.. أصبح الآن بعد التحرير قرابة 2 مليون ليرة.. وهذا لا يعني بالضرورة خسارة مليون ليرة.. فهي خسارة إسمية.. بل يجب المقارنة بين القدرة الشرائية لمبلغ 3 ملايين ليرة قبل التحرير بسعر صرف 15 ألف ليرة، وبين مبلغ 2 مليون ليرة حالياً. فإذا حافظ المبلغ على نفس القدرة الشرائية أو ما يقاربها فلا يكون هناك خسائر، مبينا أنه في الواقع كانت الحوالات الخارجية تساعد المستفيد على تأمين حاجاته الأساسية وقد انخفضت أسعار السلع الاستهلاكية بنسب تقارب 50%، وبالتالي يمكن التقدير أن القدرة الشرائية ثابتة نسبياً.

ورأى عياش أنه في ظل فوضى الصرافة حالياً فشركات الحوالات تتأثر بالتغيرات الكثيرة والسريعة لأسعار الصرف، مما يدفعها للتحوط الزائد وبالتالي قد يبرر ذلك تباين أسعارها عن أسعار السوق الموازي، وربما عندما يعود المركزي لضبط أعمال الصرفة وإلزام شركات الحوالات بسعر الصرف المحدد في نشرته تعود الأمور إلى نصابها.

المساهمون