استمع إلى الملخص
- يُعقد الملتقى الدولي للزراعة في مكناس لمناقشة حلول ندرة المياه، مع التركيز على تطوير مصادر جديدة مثل التحلية لدعم الزراعة البعلية وتجنب هجرة السكان.
- يشدد الخبراء على إعادة توجيه السياسة الزراعية لتعزيز الأمن الغذائي من خلال دعم الزراعة الأسرية والاكتفاء الذاتي، كبديل مستدام للزراعة الكبيرة.
يبدي المغاربة تفاؤلا كبيرا بإنعاش الأمطار الأخيرة لبعض الزراعات الربيعية والمراعي والأشجار المثمرة، غير أن ذلك لا يخفي الصعوبات التي يجدها المزارعون، خاصة الصغار منهم، بسبب الجفاف الناجم عن التغيرات المناخية، بما لذلك من تأثير على المحاصيل والأمن الغذائي.
ويركز المهنيون والخبراء المحليون والدوليون، بين 21 و27 إبريل/ نيسان الجاري، في الملتقى الدولي للزراعة بمدينة مكناس، على التفكير في السبل التي يمكن عبرها معالجة مشكلة ندرة المياه، بما يشيعه ذلك من حالة من عدم اليقين بين المزارعين الذين يعولون على التساقطات المطرية.
ويأتي تنظيم ذلك الملتقى في دورته السابعة عشرة هذا العام، بعد التساقطات المطرية الأخيرة التي أنعشت السدود التي وصل مخزون المياه فيها إلى 40% في الفترة الأخيرة، مقابل 33% في الفترة نفسها من العام الماضي، غير أن مخزون المياه لا يستأصل القلق الذي يذكيه الجفاف. ويتجلى أن تأخر التساقطات المطرية منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أثر سلبا على الزراعات الخريفية، حيث إن محصول الحبوب يتوقع بنك المغرب ألا يتعدى 3.5 ملايين طن في الموسم الحالي، بعدما كانت الحكومة راهنت على بلوغ 7 ملايين طن.
غير أن الأمطار الأخيرة ستكون، كما يؤكد ذلك رئيس الجمعية المغربية للتنمية الزراعية لجهة الدار البيضاء ـ سطات، الفاطمي بوركيزية، مسعفة لبعض الزراعات الربيعية والأشجار المثمرة مثل الزيتون التي تضررت في الموسم الماضي من الجفاف. ويذهب بوركيزية في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن الأمطار والثلوج التي شهدها المغرب في الأسابيع الماضي، ستفضي إلى إنعاش المراعي، ما يساعد مربي الماشية على تقليص تكاليف العلف المركب الذي ارتفع الطلب عليه في ظل تراجع مساحة الكلأ الطبيعي بفعل الجفاف.
وتمثل الزراعة 12% من الناتج الإجمالي المحلي وتستوعب 38% من الساكنة النشيطة. هذا ما يبرر القلق الذي يعبر عنه مسؤولون حكوميون ومراقبون بعد ارتفاع معدل البطالة إلى 13.3%، ما ساهم فيه تدمير فرص عمل في الأرياف التي تعاني من تراجع النشاط الزراعي بفعل الجفاف.
ويأتي الانشغال بمسألة المياه في الزراعة في ظل تأكيد مؤسسات محلية ودولية مثل البنك الدولي أن المغرب يقترب بسرعة من الحد المطلق لندرة المياه البالغ 500 متر مكعب للفرد سنويا، حيث إن ندرة المياه بسبب الجفاف في المغرب مصدر حاسم في تقلبات الاقتصاد الكلي، عامل مربك لهدف الأمن الغذائي في المملكة.
زراعة المغرب تتأثر بالجفاف
ويؤكد البنك الدولي أن الزراعة البعلية تتأثر سلبا بالجفاف وشح المياه، مشيرا إلى أنه نظراً لكون تلك الزراعة لا تزال تمثل 80% من المساحة المزروعة وتشغل معظم القوى العاملة الزراعية، فإن التغيرات الناجمة عن تغير المناخ على الزراعة البعلية قد تؤدي إلى هجرة 1.9 مليون مغربي إلى المناطق الحضرية.
ويلاحظ بوركيزية أن تداعيات التغيرات المناخية، تستدعي إعادة توجيه السياسة الفلاحية، بما يخدم الأمن الغذائي، عبر التركيز على توفير مياه السقي من خلال مصادر جديدة مثل التحلية. تلك مياه يرى بوركيزية أنه يمكن توجيهه لتغذية السدود التي ينخرط المغرب في تشييدها.
ويذهب الخبير الزراعي محمد الهاكش، إلى أن معالجة مشكلة المياه لن يتأتى فقط عبر الحلول الفنية في ظل مواصلة السياسة الزراعية الحالية التي تراهن أكثر على التصدير، حيث يشدد على ضرورة تشجيع الزراعة الأسرية التي تستحضر المزارع الصغير الذي يساهم في تحقيق السيادة الزراعية.
ويوضح أن الزراعة الأسرية تقوم على تدبير محسوب للأراضي والبذور والمياه من طرف المزارعين، حيث يمكن أن تساعد تلك الزراعة على بلوغ الاكتفاء الذاتي بالنسبة لبعض الأنشطة مثل الحبوب والزيوت والقطنيات واللحوم، مؤكدا أنها تراعي حاجيات السوق المحلية عكس الزراعة الكبيرة التي تراهن على الربح أكثر.