استمع إلى الملخص
- مجلس النواب العراقي يعتزم تشكيل لجنة تحقيق لدعم القضاء في كشف الحقائق، مع استضافة المسؤولين عن ملف المساعدات، مؤكدًا على ضرورة محاسبة المتورطين بعيدًا عن المجاملات السياسية.
- الفساد في ملف المساعدات يعكس أزمة بنيوية في مؤسسات الدولة العراقية، حيث تتداخل المصالح السياسية مع العمل الإنساني، مما يضعف ثقة المجتمع الدولي في نيات بغداد الإنسانية.
بدأ القضاء العراقي التحقيق في شبهات فساد في ملف إرسال المساعدات الإنسانية من جانب الحكومة العراقية إلى الدولة اللبنانية، وكذلك قطاع غزة، مرتبط بالكميات والنوع. وقرر مجلس الوزراء العراقي، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، استقطاع 1% من الرواتب والمخصصات والراتب التقاعدي لمؤسسات الدولة جميعها، تبرعاً طوعياً يودع في حسابات دعم لبنان وغزة بالتساوي أو وفق الأولويات التي يحددها رئيس مجلس الوزراء، إضافة إلى جمع تبرعات من المواد الغذائية والطبية لغرض إرسالها ضمن المساعدات الإنسانية.
وقال النائب في البرلمان العراقي أحمد الشرماني، لـ"العربي الجديد"، إن التحقيق في قضية الفساد متروك للقضاء. وبيّن أن "الفساد في ملف المساعدات الإنسانية المرسلة إلى غزة ولبنان أمر لا يمكن السكوت عنه، وتجب محاسبة كل المقصرين والمتورطين في هذا الفساد مهما كانت مواقعهم الحكومية بعيدا عن أي مجاملات سياسية أو حماية حزبية من أي طرف كان".
ولفت الشرماني إلى أن "مجلس النواب العراقي سيعمل خلال اليومين المقبلين على تشكيل لجنة تحقيق نيابية خاصة بهذا الملف، لدعم تحقيقات الجهات القضائية والوصول إلى الحقيقة سريعاً، وسنعمل على استضافة المسؤولين عن ملف إرسال المساعدات إلى غزة ولبنان، وسيكون لنا موقف شديد وحازم، فلا يمكن التهاون بسرقة أموال الموظفين ومساعدات المحتاجين في لبنان وغزة".
وأضاف أن "ملف الفساد في إرسال المساعدات لغزة ولبنان يؤكد استمرار توغل الفساد في الدولة العراقية والسيطرة على كل مفاصلها، وهذا ما يدعو الى إجراءات أكثر صرامة لمواجهة آفة الفساد، التي أصبحت تهدد العراق والعراقيين كحال التنظيمات الإرهابية".
ونقلت تقارير إعلامية عراقية، الاثنين، عن مصادر حكومية مطلعة، أن "جهات قضائية تلقت بلاغاً بشأن وجود عمليات فساد وتلاعب كبيرة وخطيرة في ملف إرسال المساعدات العراقية إلى كل لبنان وغزة، مع وثائق رسمية تؤكد ذلك، وإثر ذلك تم فتح تحقيق من محكمة تحقيق الكرخ خلال اليومين الماضيين".
وأضافت المصادر أن "التحقيقات القضائية دفعت إلى استقدام عدد من المسؤولين عن هذا الملف للتحقيق معهم، وعملية التحقيق مستمرة. وربما تصدر مذكرات قبض وتوقيف بحق بعض المتورطين، مع توقيف عدد من الموظفين بينهم مديرون ومسؤولون".
وقال الناشط في المجتمع المدني مجاشع التميمي، لـ"العربي الجديد"، إن "ملف الفساد في المساعدات العراقية إلى غزة ولبنان في الأشهر الأخيرة يعكس عمق الأزمة البنيوية في مؤسسات الدولة العراقية، حيث اختلط العمل الإنساني بالمصالح السياسية والتربّح المالي".
وبيّن التميمي أنه "تكشف التحقيقات عن اختلاسات وسوء إدارة في العقود، مثل إرسال وجبات فاسدة أو منح عقود بمبالغ ضخمة دون رقابة، ما يُظهر فشلاً حكومياً واضحاً في إدارة هذا الملف الحساس، وهذا الفساد لا يقتصر على الجانب المالي فحسب، بل يشوّه صورة العراق أمام العالم، ويضعف ثقة الشارع العربي والدولي في نيات بغداد الإنسانية".
وأضاف أن "الفساد السياسي هو الحاضن الأكبر لهذه الصفقة، إذ تُحمى الجهات المتورطة من قوى نافذة تمتلك التأثير داخل مؤسسات الدولة، ويتم تمرير العقود بلا رقابة حقيقية، ويُغضّ الطرف عن التجاوزات لضمان مكاسب سياسية أو حزبية، ما يجعل المحاسبة شبه مستحيلة".