شبح الاقتطاع من الرواتب يلاحق موظفي العراق

شبح الاقتطاع من الرواتب يلاحق موظفي العراق

17 ابريل 2021
قرار الاقتطاع من الرواتب جاء بعد تخفيض قيمة الدينار مقابل الدولار (الأناضول)
+ الخط -

أثارت خطوات وزارة المالية العراقية، لتطبيق الاستقطاع الضريبي، بما فيه الضرائب المفروضة على الموظفين الحكوميين في كافة دوائر الدولة، جدلاً بين الحكومة والبرلمان، ووسط مواقف رافضة من قبل قوى سياسية، دفعت الوزارة لمطالبتهم بالابتعاد عما وصفته بـ"المزايدات"، لا سيما أن تلك الجهات صوتت على الاستقطاع ضمن الموازنة المالية للعام 2021.

وكان وزير المالية علي عبد الأمير علاوي قد أصدر أمس الجمعة قراراً بتطبيق قرار الاستقطاع الضريبي من مرتبات الموظفين بنسب محددة مسبقا وبأثر رجعي منذ مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي.

وبدأت وزارة المالية بخطوات عملية بهذا الاتجاه، وأكدت أن "القرار منصوص عليه في قانون الموازنة العامة لعام 2021 الذي صوت عليه البرلمان أخيرا، بموافقة القوى السياسية، وقالت الوزارة، في بيان أصدرته أمس الجمعة، إن "خطوات الوزارة نحو تطبيق الاستقطاع لم تخرج عن مواد الموازنة العامة".

 

وقد تبنت أطراف سياسية وقوى برلمانية موقفاً رافضاً لخطوة وزارة المالية، ملوحة بإجراءات قانونية ضد الوزير.

النائب الأول لرئيس البرلمان، حسن الكعبي، دعا الوزارة إلى "سحب كتابها وتوصيتها وعدم اللجوء إلى استقطاع أو تقليل رواتب الموظفين مطلقاً"، مؤكداً في بيان أن "الموازنة لم تنص أو تذكر أي استقطاعات أو ضرائب على الموظفين، وبأي شكل من الأشكال وليس له علاقة مطلقاً بضريبة الدخل الخاصة بالموظف".

وحذر الكعبي من أي تفسير أو توجيه غير قانوني يخالف إرادة المشرع العراقي، وفي حال مضي الوزارة بهذا الإجراء سنتخذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة بحقها.

أما عضو "ائتلاف دولة القانون"، النائب عبد الهادي السعداوي، فقد أكد رفض كتلته للاستقطاع، مبيناً أن "المادة التي تحدثت عنها وزارة المالية تم إرفاقها بالجداول وليس في نصوص الموازنة، وأن الجميع يعلم أن الجداول مهمة جداً، وهذه الفقرة لم تظهر حتى لأعضاء اللجنة المالية".

عضو اللجنة المالية، عن "تحالف سائرون"، النائبة ماجدة التميمي، عبرت عن رفض تطبيق التعليمات المشار إليها من قبل وزارة المالية، مشددة في بيان على أنه "لا يجوز تعرض الموظف إلى انخفاض مزدوج خلال فترة لا تتجاوز الأربعة أشهر من تخفيض قيمة الدينار مقابل الدولار، ومن ثم فرض الاستقطاع الضريبي".

مقابل ذلك، دعا عضو اللجنة المالية البرلمانية، جمال كوجر، الجهات التي أعلنت رفضها للقانون، إلى أن تسلك الطرق القانونية لذلك، إذا ما أرادت منع الاستقطاع.

وقال كوجر لـ"العربي الجديد" إن "الحكومة لها الصلاحية قانونياً بذلك، لأن هناك قانوناً لضريبة الدخل، وهو قانون نافذ وكان ساري المفعول لحد 2008، لكن بقرار من رئيس الوزراء بحينه تم إيقاف العمل به، ولرئيس الوزراء الحالي أن يعيد العمل في تفعيله كمبدأ عام، وهو يشمل جميع الرواتب من دون استثناء".

ودعا لأن "يكون هناك تفصيل أكثر للاستقطاعات، بحيث يتم استبعاد بعض الشرائح لأن الظرف الحالي، وبعد تغيير سعر صف الدولار مقابل الدينار العراقي وارتفاع أسعار المواد في السوق المحلية، يتطلب من الحكومة أن تراعي ذوي الدخل المحدود، وتستثني بعض الشرائح"، وشدد كوجر على أن "الملف ليس قضية برلمانية، وليس من صلاحيات البرلمان، فهذا قانون نافذ، وإذا كان البرلمان غير راضٍ عن القانون، فينبغي أن يطلب تعديله بحيث تستبعد بعض الشرائح، هذا هو الطريق الوحيد للبرلمان إذا ما أراد التدخل، وإلا فإن القانون نافذ".

ودعا أيضا إلى "جلسة مشتركة من الحكومة والبرلمان، ممثلا باللجنة المالية حتى يكون الجميع بالصورة، وأن تتم الإجابة عن سبب إصرار الحكومة تطبيق القانون في هذا الظرف الصعب، هل الوضع الاقتصادي الضاغط؟ أم هناك ظروف استثنائية تحتم ذلك، أم هي مجرد رغبة حكومية؟".

 

وطرح "الذهاب إلى قضية الاستقطاعات التي طرحتها الحكومة سابقا، بدلا من الذهاب نحو القانون، إذ إن الاستقطاعات تبدأ بشرائح غير مستثناة بالقانون، وهي مستثناة بالقرار الحكومي السابق، فالقانون يتحدث عن كل الرواتب، أما القرار الحكومي فيشمل الراتب الذي يزيد عن 550 ألف دينار عراقي".

يشار إلى أن الموظفين الحكوميين تعرضوا إلى أضرار كبيرة، من خلال القرار الحكومي بخفض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار، والذي تسبب تلقائيا بخفض رواتبهم بنسب كبيرة، فضلا عن تأثيراته السلبية على السوق المحلية، وارتفاع الأسعار بشكل كبير.

يجرى ذلك، في ظل أزمة مالية خانقة لم يستطع العراق تجاوزها، منذ انخفاض أسعار النفط عالمياً بعد جائحة كورونا، بالتوازي مع الفساد المهيمن على مؤسسات الدولة وسيطرة أحزاب ومافيات على منافذ الواردات العراقية، ومنها المعابر الحدودية والموانئ وإدارة ملف النفط وغيرها، إذ تجتهد الحكومة بالعمل لفك تلك المؤسسات من الفساد لدعم الاقتصاد العراقي.