سياسية الخصوصية تهدّد دخل سوريين في إدلب يعتاشون من تطبيق "يلا"

سياسية الخصوصية تهدّد دخل سوريين في إدلب يعتاشون من تطبيق "يلا"

05 فبراير 2021
مستخدمو التطبيق يعتمدون على بيع ما يجمعونه من "كوينزات" أو ذهب (غوغل بلاي ستور)
+ الخط -

يعتمد الكثير من السوريين في المنطقة المحررة من محافظة إدلب شمالي غرب البلاد على تطبيق "يلا" لغرف الدردشة الصوتية كمصدر لتحقيق الدخل، مع انخفاض فرصهم في الحصول على عمل نظراً للظروف التي تمرّ بها المنطقة والكثافة السكانية الكبيرة، في الوقت الذي تراجعت فيه إمدادات المساعدات الإنسانية المقدمة للمنطقة، وخاصة للنازحين المقيمين في المخيمات.

مستخدمو التطبيق يعتمدون على بيع ما يجمعونه من "كوينزات" أو ذهب كما يسمونه، لتحقيق دخل غير ثابت تحكمه تحديثات التطبيق والإمكانات التي يمتلكها الشخص الذي يعتمد عليه في جني المال، لكن مؤخراً بات جني المال من التطبيق أمراً غاية في الصعوبة، بسبب الشروط التي وضعها التطبيق لفتح الحسابات وكسب "الكوينزات" منها.

محمد بلال المهجر من ريف حمص الشمالي، المقيم بمخيم للنازحين شمالي إدلب، يقارن بين الدخل الذي يحققه حالياً من التطبيق والدخل الذي كان يحققه قبل عام، مبيناً أن هناك انخفاضاً هائلاً.

يقول لـ"العربي الجديد": "العمل وكسب الدخل عن تطبيق "يلا" كان جيداً قبل نحو عام، الدخل الذي كنت أحققه وصل شهرياً إلى مبلغ 150 دولاراً، وهذا المبلغ يكفيني لسد حاجة أسرتي ومتطلباتها ويعتبر دخلاً جيداً. في الوقت الحالي بات الأمر أكثر صعوبة بسبب تغيير شروط إنشاء الحسابات في التطبيق. الحسابات التي يتم إنشاؤها في الوقت الحالي تغلق بعد أيام قليلة على افتتاحها".

بيّن بلال في تفاصيل إضافية أيضاً أن جهاز موبايل بقدرات متوسطة يمكن إنشاء 100 حساب عليه وتشغيلها لكسب "الكوينزات"، ومن ثم بيعها للمعتمدين، وفتح الحساب يتطلب رقم هاتف لتوثيقه أو حساباً في موقع فيسبوك أو تويتر. وقبل عام كان المستخدمون يلجؤون لتطبيقات إنشاء حسابات فيسبوك أو أرقام هاتف تولد أيضاً من تطبيقات بذات الطريقة، ومع تغيير شروط الخصوصية في التطبيق، لم تعد الحسابات الوهمية وغير المثبتة صالحة لكسب الكوينزات ويتم إغلاقها من قبل الشركة المالكة للتطبيق.

 

وتابع بلال: "الآن فتح الحساب يتطلب رقم هاتف فعالاً لتصل رسالة تأكيد عمل التطبيق عليه، أو حساب فيسبوك مثبتاً، والتطبيق يسمح بحساب واحد فقط على رقم الهاتف أو حساب الفيسبوك، لذلك بات إنشاء حسابات لكسب الكوينزات أمراً معقداً وغاية في الصعوبة. بالنسبة لي منذ شهرين فقدت 70 حساباً على تطبيق "يلا"، وكلّ ما حققته لا يتجاوز 40 دولاراً، أعتقد أن مصدر الدخل هذا مهدد ولن نستطيع كسب المال منه نهائياً بعد عدة أشهر". 

عملية البيع تتم بعد جمع العملات الذهبية "كوينزات" الخاصة بتطبيق "يلا"، لمعتمدين متخصصين، الذين يقومون ببيعها في دول أخرى يشتهر فيها استخدام التطبيق. 

رامي أبو إسماعيل (28 عاماً) أحد المختصين في صيانة أجهزة الموبايل وتطبيقاته أوضح لـ"العربي الجديد" أن عملية فتح الحسابات تتم باستخدام تطبيق يتيح عملية استنساخ تطبيق يلا، كون أنظمة تشغيل الموبايل لا تتيح سوى نسخة أو نسختين من البرنامج في الأحوال العادية فقط، والبرنامج المستنسخ يمكن له إنشاء 100 أو 150 نسخة من تطبيق "يلا"، بحسب إمكانات الجهاز من ذاكرة عشوائية ومعالج، وجهازين من الفئة المتوسطة كانا يحققان دخلاً يتراوح بين 300 و400 دولار، لكن في الوقت الحالي تراجع هذا الربح بشكل كبير والسبب إغلاق الحسابات وسياسة حماية خصوصية المستخدمين المفروضة من قبل الشركة المشغلة للتطبيق.

وأردف رامي: "كسب الكوينزات يتم عن طريق تسجيل الدخول لكل حساب، إضافة إلى طريق الهدايا التي يوزعها أشخاص في غرف الدردشة على المستخدمين المنضمين لها، ويعتمد أيضاً على المستوى الذي يصل له مستخدم التطبيق، المستخدم في المستوى الأولى دخله أقل من مستخدم وصل إلى المستوى السابع، ومنذ شهرين بدأت الشركة المشغلة للتطبيق باتخاذ إجراءات مشددة وأصبحت تغلق كافة الحسابات غير الموثقة، وهذا السبب الرئيسي في تراجع الدخل الذي يحققه الناس عبر هذا التطبيق".

أضاف: "الحساب يحتاج لمدة أسبوع حتى يصل إلى المستوى السابع، حاليا سعر الحاضنة التي تحتوي على 50 ألف "كوينز" يصل لنحو 4.5 دولارات أميركي، ولجأ البعض إلى عملية تداول "كوينز" بدلاً من اعتماد العمل في التطبيق خلال الفترة الأخيرة بعد الانتكاسة التي حصلت لدى المستخدمين جراء إغلاق الحسابات من قبل الشركة".

 

ولفت رامي إلى أن شراء المستخدمين أرقام موبايل حقيقية وتفعيل نسخ التطبيق من خلالها أمر مكلف بالنسبة لهم (بدلًا من استخدام حسابات وهمية)، لذلك قد يحرم مستخدمو التطبيق من مصدر الدخل هذا في الوقت الراهن، إلا إذا حدث تغيير في شروط الخصوصية والعمل من قبل الشركة المشغلة للتطبيق وهذا أمر مستبعد. وأشار أيضاً إلى أن هناك عشوائية في إغلاق الحسابات من قبل الشركة، إذ إن بعض المستخدمين أغلقت حساباتهم المثبتة على رقم موبايل فعال.

بدورها، بينت هدى المهجرة من ريف حمص الشمال لـ"العربي الجديد" أن تطبيق "يلا" كان مصدر دخل جيد ويعتمد عليه بالنسبة لها، خاصة في إعانة زوجها عندما يتوقف عمله في فصل الشتاء بسبب الظروف الجوية، إذ يعمل في مجال البناء، لكن في الوقت الحالي لم يعد كسب الدخل عن طريق التطبيق مجدياً وبات مرهقاً فقط ويستهلك الوقت دون جدوى كما في السابق.

وارتفعت معدلات البطالة في المنطقة المحررة من محافظة إدلب شمالي غرب سورية، بسبب فقدان مساحات واسعة من الأراضي الزراعية التي كانت تشكل عصب حياة للمنطقة، بعد سيطرة قوات النظام عليها قبل التوصل إلى اتفاق الهدنة في الخامس من مارس/ آذار العام الماضي، حيث يعتمد أغلب أهالي المنطقة على الزراعة كمصدر رئيسي في الدخل.

كذلك انخفضت الاستجابة الإنسانية وأثرت بشكل سلبي على النازحين في المخيمات الذين يصل عددهم إلى نحو مليون نسمة، في الوقت الذي أثرت فيه جائحة كورونا أيضاً على الأهالي في المنطقة بشكل ملحوظ.

خبير: صون الخصوصية مهم للشركات والمستخدمين

المختص في الهندسة المعلوماتية، عدنان العمر، أوضح لـ"العربي الجديد" أن الحفاظ على الخصوصية أمر مهم بالنسبة للشركات  الإلكترونية، وذلك لأمرين: الأول حماية خصوصية الشركة ومنع الحسابات المزيفة "fake account"، والآخر الحفاظ على أمن المستخدمين.

وقال إن كافة الشركات التي تعطي خيار التسجيل فيها  عبر حساب غوغل أو فيسبوك أو تويتر أو غيرها تعمل وفق قاعدة بيانات حقيقية مثبتة لدى هذه الشركات، فمن الصعب مثلاً تسجيل مستخدم جديد في موقع تويتر بحساب غوغل غير مؤكد برقم هاتف ومعلومات شخصية حقيقية لمستخدميه، كون كافة الشركات تعمل على إيقاف "الحسابات المزيفة" ومنع مستخدميها من الوصول إلى منصاتها. وبالنسبة لتطبيق "يلا" المخصص للدردشة، يتاح التسجيل فيه عبر ثلاث طرق، منها رقم هاتف، أو حساب مؤكد في موقع فيسبوك أو في موقع تويتر، وخطوة التحقيق من الحساب هي خطوة ضرورية للشركة.

ولفت إلى أن هناك تطبيقات لا تطلب حسابات مؤكدة لتوثيق معلومات التسجيل فيها، وغالباً ما تكون هذه التطبيقات مبنية من قبل هواة أو غير مختصين، أو شركات مزيفة، وقد يتم من خلالها الاحتيال على المستخدمين وسرقة بياناتهم. وبالتالي يفقدون أمنهم الإلكتروني وتتعرض أجهزتهم للاختراق. لذلك ننصح دائماً بتجنب تثبيت التطبيقات غير موثوقة المصدر على أجهزة الهاتف المحمول أو الكمبيوتر للحفاظ على أمن وسلامة المستخدمين.

المساهمون