استمع إلى الملخص
- زيادة إنتاج النفط والغاز المحلي قد تؤدي إلى تقلبات في الأسواق العالمية، مما يؤثر سلبًا على الطلب والأسعار، ويستدعي اجتماعات مكثفة من "أوبك" لمراجعة السيناريوهات.
- قرارات ترامب الاقتصادية، مثل الرسوم الجمركية على الصين، تهدف لتحسين الاقتصاد الأميركي لكنها قد تؤدي لتراجع النمو العالمي، مما يؤثر على الطلب النفطي ويزيد الأعباء المالية.
سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجديدة ستخلق مزيجا من التحديات والفرص لأسواق النفط، مع احتمالية كبيرة لزيادة التقلبات في الأسعار خلال الفترة القادمة، ما يهدّد اقتصادات الخليج التي تعتمد على النفط مصدراً رئيسياً للدخل. وعزز من ترجيح هكذا مؤشرات تضارب أهداف ترامب المعلنة مع الواقع الجيوسياسي والاقتصادي العالمي، وضبابية مستقبل قراراته، خاصة بعدما أعلن في 9 إبريل/نيسان الجاري عن تعليق لمدة 90 يوما على معظم التعرفات الجمركية الجديدة، باستثناء الصين التي فُرضت عليها تعرفات ضخمة.
وإزاء ذلك، فإن دعم ترامب لزيادة الإنتاج النفطي الأميركي وتراجع الأسعار يشكلان تحديا اقتصاديا محدقا بدول الخليج، حسب تقدير لمعهد دول الخليج العربية في واشنطن، معتبرا أن خطة ترامب لزيادة إنتاج النفط والغاز قد تؤدي إلى تقويض سلطة منظمة "أوبك" في السوق، ما يضع ضغوطًا إضافية على دول الخليج التي تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط.
لذا يرى نائب رئيس شركة ريستاد إنرجي الاستشارية النرويجية، خورخي ليون، أن سياسة ترامب غير المتوقعة ستجلب مزيدا من التقلبات إلى أسواق النفط، ولفت إلى أن استراتيجية ترامب للطاقة تتمحور حول شعاره الشهير "احفر يا طفلي، احفر "(Drill baby, Drill)، والذي يهدف بشكل أساسي إلى زيادة إنتاج النفط والغاز المحلي في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن ترامب بدأ فترته الرئاسية الجديدة بإعلان حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة، مما يعكس أولوية هذا الملف في أجندته الاقتصادية، وفقا لما أورده تقدير نشره موقع EconStor البريطاني.
ويؤكد المحلل النفطي، أحمد حسن كرم، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن القرارات الاقتصادية التي اتخذها ترامب، تمثل محاولة لتحسين الاقتصاد وسد العجز المالي للولايات المتحدة، وأهمها ما صدر من رفع إضافي للرسوم الجمركية على الصين.
يوضح كرم أن الدول المصنعة استقبلت قرارات ترامب بفرض رسوم جمركية عليها بصدمة (قبل تعليقها 90 يوما)، ولذا بات من المؤكد أن هذه القرارات المتخذة من ترامب ستكون ذات تأثير كبير في النمو الاقتصادي العالمي، مع توقعات بتراجعه بشكل ملحوظ في عدد من الدول.
الخليج والنفط
ولتراجع النمو الاقتصادي آثار سلبية كبيرة على الطلب النفطي، حيث سيتراجع معها الطلب وبالتالي سيؤثر بشكل مباشر على أسعار النفط وعلى الدول المنتجة له، حسب كرم، الذي يرى أن هذا التراجع لن يكون مجرد تحد لسوق النفط فقط، بل سيؤثر أيضا على الدول المنتجة التي تعتمد اقتصاداتها بشكل كبير على عائدات الخام.
لذا يتوقع كرم أن تشهد الفترة المقبلة اجتماعات مكثفة ودراسات متعمقة من منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" لمراجعة السيناريوهات المتاحة أمام الدول الأعضاء لمنع انهيار الأسعار، ولاتخاذ قرارات تستهدف موازنة العرض والطلب وتثبيت الأسعار عند المعدلات المرجوة للدول المنتجة.
وإزاء ذلك، يلفت كرم إلى أن تراجع الإنتاج النفطي نتيجة لسياسات ترامب قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الوقود عالميا، ما يزيد من الأعباء المالية على المستهلكين، وبالتالي قد تكون لهذه القرارات تداعيات واسعة النطاق تمتد من الاقتصاد العالمي إلى جيوب المواطنين العاديين، ما يجعل البحث عن حلول متوازنة أمرا ضروريا أكثر من أي وقت مضى.
ويخلص المحلل النفطي إلى ضرورة التعاون بين الدول المنتجة للنفط والجهات الدولية لضمان عدم تفاقم الأزمة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية التي قد تستمر لفترات طويلة إذا لم يتم التعامل معها بحذر.