Skip to main content
سياحة تونس تعلق آمالها بالسوق الداخلية
إيمان الحامدي ــ تونس
القطاع السياحي يمثل 14% من الناتج القومي الخام (Getty)

تبحث سياحة تونس عن جرعة أكسجين من السياح المحليين بعد أن بددت كورونا آمال إنعاش القطاع للموسم الثاني على التوالي، في ظل تواصل الجائحة الصحية وإدراج تونس على اللوائح الحمراء للبلدان الأكثر خطورة بسبب الوباء.
وتواجه سياحة تونس منذ مارس/ آذار 2020 مواسم عجافاً سببت هبوطاً حاداً في إيرادات القطاع الحيوي وتراجع أعداد السياح إلى أكثر من 60 بالمائة، فيما تضغط الأزمة الاقتصادية على قدرة السياح المحليين على الاستفادة من موسم الصيف داخل النزل.
وتمثل السياحة الداخلية محركاً مهماً من محركات صناعة السياحة والمهن المرتبطة بها، حيث ساعد تدفق التونسيين على النزل والمنتجعات السياحية في مواسم سابقة في تجنيب النزل لخسائر كبيرة عندما هجرها وافدو الأسواق الأجنبية، بعد أن ضرب الإرهاب القطاع في مقتل عام 2015.
وتمكن التونسيون سنة 2015، عقب العمليات الإرهابية التي ضربت متحف باردو والمنتجع السياحي أمبريال في محافظة سوسة، من منح سياحة بلادهم قبلة الحياة بتحدي جميع التهديدات الأمنية ومواصلة التدفق على النزل وترميم الخسائر.
غير أن الأمر اختلف بالنسبة إليهم منذ بدء الجائحة الصحية في البلاد، حيث سبّبت الركود الاقتصادي التاريخي وفقدان الدخول وارتفاع نسبة الفقر لدى التونسيين، إلى تراجع قدرتهم على اغتنام الفرص من سوق السياحة الداخلية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وتقدَّر مساهمة السوق الداخلية بنحو 27 بالمائة من الحجوزات، بحسب رئيس جامعة وكالات الأسفار، جابر بوعطوش، الذي يعتبر أن هذا المنتج سوق سريعة التأثر بالوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
وقال بوعطوش، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن السوق الداخلية هي المزود الأول للنزل بالحرفاء، مؤكداً أهميتها في استقرار صناعة السياحة في البلاد، ولا سيما في زمن الأزمات.
وأفاد رئيس جامعة وكالات الأسفار: "نحن نعمل على زيادة تدفق السياح المحليين ليكون نصيبهم 40 بالمائة من عدد الليالي"، لكن الظروف الاقتصادية في البلاد لا تخدم هذه الأهداف، بحسب تأكيده. وأضاف في ذات السياق، أن معدل إقامة السائح المحلي في النزل يقدر بثلاث ليالٍ، بمعدل سعر يراوح ما بين 1140 و540 ديناراً (الدولار = نحو 2.8 دينار) للعائلة المتكونة من فردين اثنين لقضاء إجازة يومين. واعتبر أن تراجع الدخول وارتفاع كلفة استغلال النزل التي تعمل بـ50 بالمائة من طاقتها يزيدان الأسعار، ويمثلان حاجزاً إضافياً أمام تنمية السياحة الداخلية.
كذلك قال بوعطوش إن تفشي الجائحة في الأسابيع الأخيرة وارتفاع حصيلة الوفيات إلى معدلات قياسية سبّبا إلغاء الآلاف من الحجوزات التي تنجز في إطار السياحة المدعمة من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة الكبرى لفائدة موظفيها.
وتراجعت عائدات القطاع السياحي في تونس بنسبة 65 بالمئة خلال السنة الحالية، وتقلّص عدد الوافدين إلى هذا البلد الذي تعتبر السياحة أهم مرتكزات اقتصاده بنسبة 78 بالمائة، وقدّرت خسائر القطاع خلال العام الماضي، بأكثر من 6 مليارات دينار (2.1 مليار دولار).
أرقام أفصح عنها وزير السياحة التونسي، الحبيب عمار، في تصريحات إعلامية نهاية يونيو/ حزيران الماضي.
وقال عمار إن وضع القطاع السياحي في تونس يتطلب خططاً عاجلة لإنقاذ الموسم الحالي والمواسم القادمة، مرجحاً تعافي السياحة عام 2022 مع تقدم حملات التطعيم في البلاد وتحسن الوضع الاقتصادي الداخلي والعالمي.

وتسابق تونس الزمن أملاً في إنقاذ موسمها السياحي الحالي، غير أن التأخّر الحاصل في سير عملية التطعيم أطاح هذه الآمال، حسب مهنيي القطاع.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، بدأت في تونس حملة تطعيم موظفي القطاع السياحي ضد فيروس كورونا، وتستهدف الحملة حوالى 30 ألف عامل سياحي في الصفوف الأمامية، غير أن استعادة القطاع لعافيته تحتاج إلى ضمانات كبيرة، بحسب الخبير الاقتصادي، محمد منصف الشريف، الذي قال لـ"العربي الجديد" إن قطاع السياحة بفرعيه، الداخلي والخارجي، مرتبط بالتعافي التام من الجائحة الصحية.
وأشار إلى أن حركة السفر قد تتأخر إلى بعض سنوات قادمة للتخلص من مخلفات كورونا، مضيفاً أن تحسن مردود السياحة الداخلية مرتبط أساساً بتحسن القدرة الشرائية للتونسيين، غير أن قدرتهم على الإنفاق تراجعت أكثر من 40 بالمائة بسبب تنامي البطالة وتأثير التضخم بالرواتب ومداخيل الأسر التي كانت تفرد نحو 7 بالمائة من دخلها الشهري للترفيه.
وتشير آخر الإحصائيات حول الترفيه، التي نشرها معهد الإحصاء الحكومي، إلى أن المستهلك التونسي يخصص 6.69 بالمائة من ميزانيته للترفيه والثقافة، أي بمعدل 18 دولاراً للفرد الواحد. وتشهد هذه النسبة تراجعاً منذ سنوات، حيث كانت في مستوى 8.9 بالمائة من الميزانية سنة 1985.
ويمثل القطاع السياحي في تونس 14 بالمئة من الناتج القومي الخام، ويوفر نحو 400 ألف موطن شغل، حسب بيانات رسمية.
وفي المقابل، تقول جامعة الفنادق والنزل السياحية إن نحو 60 بالمائة من عمّال الفنادق مهددون بالفقر، وإنّ 27 ألف عامل فقدوا وظائفهم خلال العام الماضي.