سورية: قفزة تكلفة المعيشة في رمضان

سورية: قفزة تكلفة المعيشة في رمضان

05 ابريل 2022
كيلو الأرز بـ7 آلاف ليرة وسعر البيضة الواحدة 500 ليرة (سامر بويضاني/Getty)
+ الخط -

"لم يعد الراتب يكفي ليومين بعد لهيب أسعار رمضان"، هكذا قالت المواطنة سمية مستو، ساخرة في الوقت نفسه من قرض "السورية للتجارة" بالقول: "أيعقل أن السوري يطلب قرضاً لكي يأكل ويسدد 40 ألف ليرة شهرياً قسطاً على قرض الطعام، يضعوننا في أزمات لا تنتهي".

وتضيف العاملة السابقة في مديرية تربية دمشق لـ"العربي الجديد" أن الأسعار في رمضان مستمرة بالارتفاع ولم تف الحكومة بوعودها، سواء بكسر الأسعار وملاحقة التجار، أو حتى بالتدخل الإيجابي، فرفوف مؤسسة التجارة الحكومية خالية من السلع والمنتجات، والمتوفر يوازي سعر السوق ولا طاقة للمستهلكين، برواتب 100 ألف ليرة، على شراء السلع الضرورية.

وتشير إلى أن كيلو الأرز بـ7 آلاف ليرة وسعر البيضة الواحدة 500 ليرة وكيلو البطاطا تعدى 3 آلاف ليرة وليتر الزيت 13 ألف ليرة (الدولار = نحو 3900 ليرة)، قائلة: لا نتكلم عن اللحوم والتمور والعصائر، بل عن أبسط ما يسد جوع الصائمين.

وتشير مستو إلى أثر موافقة وزارة السياحة على زيادة أسعار الخدمات المقدمة في المطاعم بنحو 20% بالتزامن مع شهر رمضان، ليصل سعر سندويتش الفلافل "طعمية" إلى 1500 ليرة، والبطاطا 2000 ليرة، ويصل سعر كيلو الحمص الناعم "مسبّحة" إلى 7 آلاف ليرة، وأصبحت وجبات اللحوم والدجاج حلماً للسوريين.

قفزات الأسعار
تقول مصادر من العاصمة السورية لـ"العربي الجديد" إن أسعار بعض السلع ارتفعت خلال الشهرين الماضيين بأكثر من 300%، كالزيوت والمنتجات الحيوانية، في حين يبلغ متوسط ارتفاع الأسعار، منذ شهر مارس/ آذار الماضي، بين 30 و50%، بما في ذلك المنتجات محلية الإنتاج والصناعة.
ونقلت صحيفة "الوطن" المحلية عن مواطنين في حلب، أمس، أن معظم وجبات الطعام والمقبلات باتت خارج حساب قائمة الإفطار الرمضانية، خاصةً اللحوم الحمراء والبيضاء التي ارتفع سعرها عالياً ولم تعد في متناول أغلبية طبقات المجتمع التي يرزح معظمها تحت خط الفقر.
وأرجع متسوقون عزوفهم عن شراء العديد من مستلزماتهم إلى تراجع مقدرتهم الشرائية إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، بحيث لم تعد تستجيب للوفاء بالتزاماتهم التي يفرضها شهر رمضان.

تبريرات النظام
ويعزو عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، محمد الحلاق، السبب إلى التضخم العالمي وارتفاع أسعار النفط، وزيادة الأسعار التي طاولت الصناعي والتاجر قبل المستهلك، مضيفاً خلال تصريحات، أول من أمس، أن بلاده تشهد طفرات بالأسعار، ولا سيما على المواد الغذائية، بسبب ارتفاع أجور النقل وقلة المحروقات عالميا وارتفاع التصنيع والتوريد.

وأضاف: "ارتفاع الأسعار لم تشهده سورية خلال أكثر من 30 عاما في قطاع التجارة".
يرد الاقتصادي السوري محمود حسين، خلال تصريح لـ"العربي الجديد"، على عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، بأن أجور العاملين في كل دول العالم أعلى من دخل السوريين، وجميع دول العالم توقف تصدير بعض السلع عندما تحتاجها أسواقها المحلية، إلا سورية مستمرة في تصدير الخضر والفواكه والخراف، رغم الحاجة القصوى وارتفاع الأسعار.

ويضيف حسين أن مبررات رجال الأعمال التي تبرئ حكومة الأسد بعيدة عن المنطق والواقع، قائلا: "نحن لا ننكر الأزمة العالمية، لكننا نطالب بضبط الأسواق وتحسين معيشة المواطن، ولا نقول إن الحل بيد الله كما قرأنا لعضو غرفة التجارة الحلاق".

ارتفاع تكاليف المعيشة
وارتفعت تكاليف معيشة الأسرة السورية بنحو 600 ألف ليرة خلال الربع الأول من العام الجاري، بعد القفزات السعرية وتراجع سعر الصرف وتسجيل الدولار نحو 3900 ليرة سورية في العاصمة السورية دمشق. ويشير مركز "قاسيون" للأبحاث بدمشق إلى أن متوسط تكاليف المعيشة للأسرة السورية قفز في شهر رمضان إلى 2.8 مليون ليرة، في حين يبلغ متوسط الدخل الشهري 92,970 ليرة سورية.

ويعتمد "قاسيون" لحساب الحد الأدنى لتكاليف المعيشة على سلة الغذاء الضروري وفق ما صاغها مؤتمر الإبداع والاعتماد على الذات للاتحاد العام لنقابات العمال، والتي يحصل من خلالها المواطن المنتج على السعرات الحرارية التي تكفل له الحياة وإعادة إنتاج قوة عمله من جديد.

ويبين المركز السوري أن تكاليف الغذاء تمثّل 60% من مجموع الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة، بينما تمثل الـ40% الباقية الحاجات الضرورية الأخرى للأسرة (تكاليف سكن، ومواصلات، وتعليم، ولباس، وصحة، وأدوات منزلية، واتصالات... وغيرها).

ويقدر "قاسيون" خلال نتائج بحثه، الصادر أول من أمس، نسبة ارتفاع الخضر خلال عام بنحو 122% في حين بلغت نسبة ارتفاع الفواكه 195% واللحوم 24% والحلويات 25%، في حين زادت نسبة "الحاجات الضرورية عدا الغذاء" بنسبة 41%.
وحسب مراقبين، فإن السر باستمرار السوريين على قيد الحياة هو التحويلات الخارجية التي تصل من ذويهم بالخارج، والتي تقدر بنحو 10 ملايين دولار يومياً، وترتفع خلال الأيام الأخيرة من شهر الصوم لتزيد عن 15 مليون دولار.

تراجع حكومي
وفي ظل الضغوط المعيشية المتواصلة، تراجعت حكومة النظام السوري، أول من أمس، عن قرارها بتخفيض مخصصات المخابز التموينية 25% خلال شهر رمضان، وهددت أصحاب الأفران المخالفين بعقوبات قاسية.

يبين المركز السوري أن تكاليف الغذاء تمثّل 60% من مجموع الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة، بينما تمثل الـ40% الباقية الحاجات الضرورية الأخرى للأسرة

وجاء في قرار صدر عن وزارة الداخلية التابعة للنظام السوري، أنّ مخصصات المخابز التموينية ستبقى كما هي من مادة الدقيق، ولن يجرى أي تخفيض عليها. وحذرت داخلية النظام كل مخبز لا يخرج عدد ربطات موازية لمخصصاته بتخفيض مخصصاته بمقدار الانخفاض، وكل مخبز يجمع بطاقات، أو يبيع لمواطن واحد أكثر من 3 بطاقات، يخالف القانون.
وهددت وزارة الداخلية بتغريم باعة الخبز التمويني والمتاجرين به بمبلغ يعادل الكمية الموجودة لديهم مضروبة بسعر بيعهم مضروبة بعشرة أضعاف، على أن تحصل فوراً.

وتعاني مناطق سيطرة النظام السوري من غلاء فاحش في أسعار المواد الغذائية، بالإضافة إلى نقص حاد في مادة الخبز.
ويصل سعر الربطة الواحدة من مادة الخبز المدعوم إلى 250 ليرة سورية، وتباع لدى المعتمدين المرخصين والأكشاك التابعة لـ"المؤسسة السورية للمخابز". في حين حددت وزارة التجارة الداخلية سعر الربطة من مادة الخبز للشرائح التي استُثنيت من الدعم الحكومي بألف و300 ليرة سورية.

المساهمون