سورية توقع عقداً لـ30 عاماً بـ230 مليون يورو لتطوير مرفأ اللاذقية
استمع إلى الملخص
- انفتاح على الاستثمارات الأجنبية: يُعتبر العقد مؤشرًا على انفتاح سورية على الاستثمارات الأجنبية، مما قد يشجع شركات أخرى على دخول الأسواق السورية، ويعيد التوازن مع الموانئ المنافسة في المنطقة.
- دور استراتيجي في الاقتصاد السوري: استمرار الشركة في سورية منذ 2009 يعكس تحولًا تدريجيًا في بيئة الاستثمار، ويعزز إمكانات إعادة دمج الاقتصاد السوري في المنظومة الإقليمية والدولية.
في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية التي تشهدها سورية، تعود الشركة الفرنسية لنقل الحاويات والشحن "سي أم إيه - سي جي أم" إلى الواجهة من خلال عقد جديد مدته 30 عامًا لتطوير وتشغيل مرفأ اللاذقية، أحد أهم المرافئ السورية على البحر المتوسط. هذا العقد، الذي أُعلن رسميًا اليوم الخميس، يشكّل امتدادًا لحضور طويل للشركة في سورية، ويؤكد دورها مستثمراً استراتيجياً في قطاع الشحن البحري بالمنطقة، وفقاً لما أعلنه مدير المرفأ ومسؤول من الشركة لوكالة "فرانس برس" على هامش توقيع العقد في القصر الرئاسي.
وقال المدير الإقليمي للشركة الفرنسية جوزيف دقاق لـ"فرانس برس": "يسعدنا اليوم أن نعلن توقيع عقد استثمار وإدارة لمرفأ اللاذقية للثلاثين عاماً المقبلة". في الوقت نفسه، أوضح مدير المرفأ أحمد مصطفى لـ"فرانس برس" إنه "سيُتثمَر 230 مليون يورو" من أجل تطوير المرفأ من خلال هذا العقد، مضيفاً: "سيُبنى رصيف جديد بمواصفات عالمية".
يشمل الاتفاق تنفيذ مشاريع تطويرية، مثل بناء رصيف جديد وتحسين أنظمة التشغيل، ما يعزّز كفاءة الميناء ويخفض تكاليف النقل، إذ يُعتبر توقيع هذا العقد مؤشرًا على انفتاح سورية على الاستثمارات الأجنبية، ما قد يشجع شركات أخرى على الدخول إلى الأسواق السورية.
ويُعد مرفأ اللاذقية الشريان البحري الأساسي لسورية على البحر المتوسط، ويشكّل بوابة رئيسية لاستيراد السلع وتصديرها، وتطوير الميناء قد يُعيد التوازن مع الموانئ المنافسة في طرابلس وبيروت، ويمنح سورية فرصة لعب دور أكبر في حركة الترانزيت نحو العراق والأردن والخليج.
دخلت "سي أم إيه - سي جي أم" الأسواق السورية عام 2009 عبر شركة مشتركة سُمّيت "محطة حاويات اللاذقية الدولية" (LICT)، بالشراكة مع شركة "Syria Holding"، وتولّت هذه الشركة تشغيل محطة الحاويات الرئيسية في مرفأ اللاذقية، واستمرت بالعمل حتى في خضم الحرب والعقوبات. ولعبت الشركة أدواراً مهمة في المرفأ من خلال تطوير خدمات، إدخال معدات وتقنيات حديثة، تدريب الكوادر السورية على الأنظمة التشغيلية المتقدمة، والحفاظ على الحد الأدنى من النشاط التجاري خلال سنوات الحرب.
وقد واجهت الشركة تحديات تشغيلية عديدة بفعل العقوبات الغربية، وتراجع النشاط الاقتصادي في البلاد، لكنها استمرت في حضورها مستثمراً أساسياً، ما عزز ثقة بعض الشركاء الدوليين بإمكانية التعافي التدريجي للسوق السورية.
ولم يكن حضور الشركة في سورية مجرد استثمار في ميناء، بل مؤشراً على تحوّل تدريجي في بيئة الاستثمار، وعلى إمكانات إعادة دمج الاقتصاد السوري في المنظومة الإقليمية والدولية. ومع توقيع العقد الجديد، تدخل اللاذقية مرحلة تطوير حقيقية بإشراف واحدة من أبرز شركات الشحن البحري عالميًا، ما قد يكون نواة أولى لتحريك العجلة الاقتصادية على نطاق أوسع.