سورية: انخفاض في الأسعار يقابله جيوب فارغة

14 يناير 2025
أحد الأسواق في سورية (بكر القاسم/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت الأسواق السورية انخفاضًا في أسعار المواد الغذائية الأساسية وظهور فواكه استوائية جديدة، لكن تأخر تسلّم الرواتب وتراجع سعر الدولار حدّ من الإقبال على الشراء.
- أشار التاجر مصعب المفعلاني إلى أن نقص السيولة وتأخر الرواتب وقرارات فصل الموظفين أثرت سلبًا على معيشة المواطنين، بينما يواجه المزارعون خسائر بسبب تكاليف التخزين وتوقف التصدير.
- عبّر المواطنون عن إحباطهم من القرارات الحكومية مثل فرض الضرائب، وأكد الناشط محمد الحلبي على ضرورة دعم الإنتاج المحلي ورفع الأجور لتحسين الأوضاع.

شهدت أسواق سورية في الأسابيع الأخيرة انخفاضًا ملموسًا في أسعار المواد الغذائية، وخصوصاً تلك التي تندرج تحت مسمى مستلزمات العيش اليومي أو الضروري مثل الخضار والفواكه، حيث تراجعت أسعار بعض المواد الغذائية والخضار إلى أكثر من نصف قيمتها في زمن النظام المخلوع، مثل البطاطا التي انخفض سعرها من حوالى 12 ألف ليرة إلى نحو 4 آلاف ليرة في أسواق المبيع للمستهلك في كل من حلب ودمشق والجنوب السوري.

وشهدت أسعار البندورة الحورانية في أسواق سورية انخفاضاً، حيث راوح سعرها بين 3 و4 آلاف ليرة، فيما بلغ سعر الكيلو من البندورة المستوردة من الأردن 8 آلاف ليرة، والخيار البلاستيكي 9 آلاف ليرة. أما الفواكه، فقد تراجعت أسعار بعضها مقارنة بأسعار الشهر الماضي والفترة نفسها من العام الماضي. وانخفض سعر كيلو التفاح من 8 - 16 ألف ليرة بحسب النوعية إلى 4 - 10 آلاف ليرة حاليًا. كذلك ظهرت في الأسواق أصناف من الفواكه الاستوائية التي كانت قد فقدت خلال السنتين الماضيتين، وهو ما يمثل تحسنًا ملحوظًا في تنوع السلع المتوافرة.

ورغم ذلك، أشار التاجر مصعب المفعلاني من درعا إلى أن هذا التراجع في الأسعار في سورية لم يشهد فارقاً كبيراً في الإقبال على الشراء، فالمستهلكون لا يزالون يشترون بكميات قليلة، ويقتصرون غالباً على الشراء بالعدد وليس بالوزن. وأرجع المفعلاني ذلك إلى تأخر تسلّم الرواتب من جهة، وتأخر وصول الحوالات إلى الأهالي أو تراجع سعر الدولار من جهة أخرى. وأضاف المفعلاني أن حالة القلق الاقتصادي والأمني تجعل الأهالي أكثر حذراً في إنفاقهم، خصوصاً مع تأخر موسم الشتاء وما ينذر به من عام صعب قد يشهد نقصًا في مياه الشرب والري.

وأوضح أن انخفاض الأسعار كان من الممكن أن يحدث فرقاً إيجابياً في معيشة المواطنين لو أن موظفي الدولة تسلموا رواتبهم في الوقت المحدد، أو لو حصلت الزيادة المزعومة على الرواتب هذا الشهر. ومع ذلك، جاءت هذه التغيرات في ظل نقص السيولة المالية لدى الموظفين، وقرارات حكومية متلاحقة بفصل أعداد كبيرة من موظفي الدولة لأسباب تتعلق بالعقود السنوية أو ترهل المؤسسات.

من جانبه، صرّح المزارع هيثم النداف من ريف دمشق بأن المزارعين تكبدوا تكاليف باهظة حتى الآن، وما زالوا يواجهون خسائر التخزين في البرادات، حيث يضطرون إلى بيع منتجاتهم بأسعار مخفضة لتجنب دفع تكاليف إضافية. وأوضح أن سعر كيلو الرمان، الذي كان يراوح بين 10 و12 ألف ليرة خلال موسمه، انخفض إلى أقل من 8 آلاف ليرة مع تكاليف التخزين، ما يعني خسارة تصل إلى 8 آلاف ليرة لكل كيلو. وأضاف أن توقف التصدير، الذي كان يساعد على تحقيق توازن في السوق المحلي، فاقم من حجم الخسائر.

وأشار النداف إلى أن السماح باستيراد الفواكه والخضار من دول الجوار ساهم في زيادة المنافسة مع المنتجات المحلية، لكنه أثر سلبًا في المزارعين المحليين. وأكد أن تراجع القوة الشرائية للمواطنين بسبب توقف الرواتب وغلاء أجور النقل والمواصلات أدى إلى تراجع حجم المشتريات.

في السياق، عبّر المواطن عماد أبو الحسن من السويداء لـ"العربي الجديد" عن شعوره بالغربة إزاء الأوضاع الحالية في البلاد. وأوضح أن الأخبار عن انخفاض الأسعار لا تزال متداولة بين الناس، لكنها لم تترجم إلى تحسين فعلي في حياتهم اليومية. وأشار إلى أن القرارات الحكومية الأخيرة، مثل فرض ضرائب جديدة وفصل أعداد من الموظفين، زادت من إحباط المواطنين وجعلت الأوضاع أصعب.

ويرى الناشط محمد الحلبي، الذي يهتم بالشأن الاقتصادي، أن هناك انفصالاً واضحاً بين السياسات الحكومية والواقع المعيشي للمواطنين. واعتبر أن استيراد الأصناف الخارجية في وقت لم يُدعَم فيه المواطن اقتصادياً أو يُعزَّز الإنتاج المحلي يفاقم الأزمة بدلاً من حلها. وأكد الحلبي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الحل يكمن في دعم الإنتاج المحلي ورفع أجور العمال والرواتب لتحفيز السوق وتحسين مستوى المعيشة.

المساهمون