Skip to main content
سورية: الدواء مُر للمرضى والمنتجين
عدنان عبد الرزاق
صيدلية في دمشق (فرانس برس)

يعاني السوريون من ندرة الأدوية، رغم رفع أسعار المنتجات المحلية منها بنسب تتراوح بين 30% و50% في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حتى أضحت المسكنات وما تعرف بأدوية الشتاء غير متوفرة، بينما الكثير من الأصناف المهربة يفوق بالأساس القدرة الشرائية لمعظم المواطنين.

يقول فواز الداري، الذي يعمل متخصصا في قسم التخدير بمشفى المواساة في منطقة المزة بدمشق، إن "معامل الأدوية (شركات) حققت مطالبها وفرضت زيادات في الأسعار، فلماذا لا تؤمن الدواء للصيدليات بعد الأسعار الجديدة؟".

ويضيف الداري في اتصال مع "العربي الجديد" عبر وسائل التواصل الاجتماعي: "أشك في ما قالته نقابة الصيادلة، بأن القصة مسألة زمن ريثما يتم شحن الدواء، من حلب ودمشق اللتين تضمان كبرى المعامل، إلى أسواق بقية المحافظات".

واقع صعب على الفقراء

ويتابع أن "دور المشافي الحكومية تراجع، ولم تعد كالسابق تستقبل المرضى وتمنح الأدوية المجانية، خاصة بعد الاكتظاظ بمرضى كورونا وتراجع الإنتاج الدوائي في معامل (تاميكو) التي تم عرضها للاستثمار الخاص أخيراً".

ويؤكد أن "واقع الدواء صعب خاصة على الفقراء، لأن أسعار الأصناف المختلفة في حال توفرها، مرتفعة جداً ومادتها الفعالة مشكوك فيها".

في المقابل يقول عاملون في صناعة الدواء إنه حتى مع رفع الأسعار مؤخراً فإن مصاريف الإنتاج لا تزال أعلى كلفة.

وفي السياق يقول محمد طيب العلو، المسؤول في أحد مصانع الدواء في مدينة حلب، إن "تكاليف الإنتاج ارتفعت أضعاف رفع سعر الدواء أو أي سلعة أخرى".

ويضيف أنه "من الأولى توجيه الاتهام للحكومة، لأن دعم الواردات بالنقد الأجنبي توقف، بل ويفرض المصرف المركزي تصريف جزء من عائد التصدير بسعر الدولار الرسمي".

ويشير إلى أنه رغم رفع المصرف المركزي قبل يومين، سعر الدولار الرسمي من 1262 إلى 2525، إلا أنه لا يزال بعيداً عن سعر السوق البالغ نحو 3600 ليرة، كما أن مصادر الطاقة قليلة ويجلب الصناعيون المازوت بأسعار مرتفعة ويضطرون لزيادة التكاليف عبر مولدات الكهرباء، بعد الانقطاع المتكرر للتيار ولفترات طويلة.

تكاليف مرتفعة

ويتابع العلو لـ"العربي الجديد" أن "المادة الأولوية مستوردة بالدولار، وأجور العمال تضاعفت، والمعامل (المصانع) محصورة بين التكاليف الفعلية للدواء وقدرة السوريين الشرائية، وذلك رغم أن الدواء السوري لا يزال رخيصاً مقارنة بأسعار دول الجوار، فمشكلة القدرة الشرائية ليست مسؤولية الصناعيين".

حكومة بشار الأسد رفعت أسعار أكثر من 12758 صنفا دوائيا بنسب تتراوح بين 30% و50%، بعد رفعين سابقين خلال العام الماضي

وكانت وزارة الصحة في حكومة بشار الأسد، قد استجابت الشهر الماضي لمطالب المنشآت الدوائية، ورفعت أسعار أكثر من 12758 صنفا دوائيا بنسب تتراوح بين 30% و50%، بعد رفعين سابقين خلال العام الماضي، آخرهما خلال يونيو/حزيران بين 30% و40% أيضاً.

وتبدّل وضع صناعة الأدوية في سورية منذ 2011، فبعدما كان يعمل أكثر من 96 منشأة تغطي أكثر من 90% من احتياجات السوق وتصدر إلى دول الجوار، أغلقت نحو 24 شركة أبوابها وتراجع كم الإنتاج وجودته في معظم المنشآت، بحسب مسؤول إداري في منشأة "ابن الهيثم" في مدينة حلب، طلب عدم ذكر اسمه.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

يقول المسؤول إن المنشأة التي عادت للإنتاج العام الماضي، بعد الترميم وتجديد بعض خطوط الإنتاج، تواجه الكثير من المشاكل، "فالمادة الأولية المستوردة مرتفعة السعر وتكاليف الإنتاج مرتفعة جداً والوزارة تسعر الدواء على حسب راتب السوريين، وهذا ظلم للمعامل ويدفعها للإغلاق أو التلاعب في المادة الفعالة أو تهريب بعض الإنتاج للخارج".

ارتفاع أسعار الأدوية بنحو 600% خلال العامين الماضيين "التهمت زيادة التأمين الصحي" بحسب مصادر من دمشق

وبينما يعاني السوريون من تراجع القدرات الشرائية، قرر وزير المال مؤخراً رفع قسط التأمين الصحي للعاملين في الدولة من 60 إلى 70 ألف ليرة، وذلك عقب مرسوم زيادة الأجور الشهر الماضي بنسبة 30%.

تأمين صحي زهيد

وكانت الحكومة قد رفعت بالأساس قبل الزيادة الأخيرة قسط التأمين الصحي من 28 ألف ليرة عام 2020 إلى 60 ألف ليرة العام الماضي.

وبحسب مصادر متخصصة يتحمّل المؤمن عليه 3% من أجره الشهري للتغطية المالية للبوليصة، في حين تتحمل وزارة المالية 9.5% والمؤسسة السورية للتأمين، بقية المبلغ.

لكن ارتفاع أسعار الأدوية بنحو 600% خلال العامين الماضيين "التهمت زيادة التأمين الصحي" بحسب مصادر من دمشق، كما أن التأمين لم يغطِّ سوى العاملين في القطاع الإداري، بينما معظم السوريين غير مؤمن عليهم.